العلويون: نحن لم نجع بعد

العلويون: نحن لم نجع بعد
تحقيقات | 14 أكتوبر 2013

نزلت رجاء مع جارتها إلى سوق المدينة في طرطوس، كانت تريد شراء "بيجاما" لولديها. لكن الأمر لم يكن بتلك السهولة. لقد طلب البائع ألفي ليرة لقاء بيجاما لطفل لم يتجاوز العاشرة. وتقول رجاء أن زوجها يعمل في وظيفة حكومية ويتقاضى أقل من عشرين ألفاً، أي حوالي عشر بيجامات.

 تسكعت رجاء في المدينة وعادت ببعض الطعام وقالت لجارتها يجب أن يرتدي طفليها ما تبقى من بيجامات سابقة. في هذه الأوقات سيكون الطعام أكثر أهمية من البيجاما.

في طريقها إلى منزلها وجدت مجموعة من العوائل يتجادلون على شطف درج البناية التي يسكنوها. وفهمت أن قضية شطف درج البناية هي سبب المشكلة، وأنه في كل مرة يقوم بها سكان الطابق الثاني بشطف الدرج أما البقية فلا يهمهم إن كان الدرج نظيفاً أو وسخاً. وقد ردت إحدى الجارات أنها لن تشطف الدرج، ومن ينزعج من كون الدرج وسخاً عليه هو أن يشطفه،  ومن لديه زوارا وضيوفا أكثر، عليه هو أن ينظف الدرج.

تركت رجاء فوضى الدرج وتذكرت أن البلد اليوم يعيش أقسى حالاته منذ ولادة سوريا وحتى الآن. وأن قضية شطف الدرج في هذه الحالة قضية ترف. وقالت كيف يتصارع هؤلاء وعلى الطرف القريب من منزلهم يتم تعليق صور قتلى جيش النظام من سكان المنطقة!!

يبدو أن هؤلاء السكان يعيشون في كوكب آخر، وفي زمن آخر.

ودعت رجاء صديقتها، وفي المسافة الباقية إلى منزلها كانت تفكر ماذا ستطبخ للأولاد اليوم.

اتصل أخوها بها صباحا، من العاصمة دمشق، وكان قد أخبرها أنه مع عائلته لم يموتوا من الجوع حتى الآن. وأن كمية الطعام التي كانوا سابقاً يحضرانها للأولاد، قلت كثيراً وقد قلت الأنواع.

قالت رجاء أنهم أيضاً لم يجوعوا حتى الآن. وأن الفروج الذي كان يتم تقسيمه في زمن مضى على طبختين يتم تقسيمه اليوم على ستة طبخات. وقالت أيضاً أن الكثير من العوائل التي تعرفها ألغت الفروج بالمطلق.

في الحي المقابل لحيهم تعيش ثلاث عوائل نازحة من حلب في منزل واحد. وفي مرة سابقة كانت رجاء قد قدمت بعض الطعام واللباس لهم. لكنها اليوم عاجزة تماماً، ولا تستطيع مساعدتهم ولا بأي شيء سوى الدعوات أن يتم إنقاذ سوريا أو إنقاذ تلك الأسر في الحد الأدنى.

الأسر الغنية النازحة لم تتأثر كثيراً، فقد استأجروا منازل في المناطق الغنية من طرطوس. تلك المناطق التي لم ينقصها شيء حتى الآن. وتعرف رجاء أن من لديه نقود في هذه الفترة لن ينقصه شيء. لكن ماذا يعني أن عوائل نازحة ليس لديها شيء.

لا تستطيع رجاء أن تفكر كثيراً اليوم، ولا تريد أن تشغل بالها عن مشاكل أسرتها.  قتل أخوها في معارك سابقة. ونزحت عائلتها من دمشق. وتخشى على أولادها كثيراً، وعلى زوجها وتخشى من المستقبل.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق