الدكتور "زيدون" أحد المعتقلين السابقين، يقول: "التعذيب الجسدي ورغم الألم يبقى العقاب الأفضل داخل المعتقل، لأنه يستمر لعدة أيام وينتهي مفعوله ويبقى جحيم المعتقل.. التعذيب بالضرب قد يؤدي إلى الوفاة، لكنه أفضل وسيلة داخل المعتقل لنهاية رحلة العذاب".
غالبا ما يكون الاستقبال في الفرع 215 مشابها لباقي الأفرع بالضرب والإهانة والشتائم، والمفاجئة الكبرى تكون عند الدخول إلى مهاجع المعتقلين، فالفرع يتسع بأفضل الأوضاع إلى 300 معتقل، لكنه اليوم يضم ما يقارب 2700 شخصا.. ويتم وضع 90 معتقل في زنزانة بمساحة 20 مترا مربعا.
يضيف "زيدون": "لحسن الحظ كانت أجهزة التكييف معطلة، ما دعا عناصر الـ215 إلى فتح باب الزنزانة، فانخفض بذلك عدد الوفيات اليومية، التي تصل إلى أربع أو خمس حالات، وغالبا ما تسبق الوفاة حالة من الجنون".
تحول الموت متعدد الأسباب إلى عبارة تتداول بشكل يومي داخل الفرع، لكن انتشار الأوبئة وتدهور الوضع النفسي كانت تأتي في مقدمة الاسباب.
الخشكريشا..
مرض يؤدي إلى تموت الجلد وتلفه مع وجود إنتان ورائحة كريهة تصدر من الجلد، تسببها قلة الحركة وعدم تهوية الجسد. ويصف الدكتور زيدون بعض المشاهد التي صادفها بالمعتقل:
"شخص يأكل من لحم جسده الميت، بعد أن تفسخ جلده، ومن الطبيعي أن نشاهد داخل الزنزانة معتقلين كبارا بالسن أو شبانا، تبولوا على أجسادهم، بسبب عدم السماح بدخول الحمام إلا مرتين يوميا وبزمن قصير جدا، إن الناس تموت أيضا داخل المعتقل بسبب نقص الأوكسجين، وعندما تكون درجة الحرارة تحت الصفر في الخارج تكون داخل الزنزانة 40درجة، وفي فصل الصيف من الممكن أن تصل الوفيات إلى 20 إلى 25 شخصا بسبب الحرارة".
المسؤلين عن المعتقل يعملون دائما على إنهاك المعتقلين بشتى الوسائل ويضعونهم بظروف قاسية، فالطعام الذي يقدم رديء بشكل كبير بالإضافة إلى انه لا يكفي 10% من المعتقلين، ما يسبب صراعا للبقاء بين المعتقلين.
السجان يقوم بضرب المساجين لكنه غير مرغم على ذلك، لأن المعتقلين أنفسهم يضربون بعضهم البعض ويعتدون على بعضهم بالشتائم، ويضيف زيدون: "نتيجة الضيق الشديد، يتولد حجم من العنف بين المعتقلين، ومن المستحيل أن يولد هذا الضيق حالة من التودد، وهذه الحالة موجودة فقط في الفرع 215".
في هذا الفرع الأمني تتم معاملة المحتضرين بقمة الإجرام، فهناك زاوية مخصصة للوفيات، بالقرب من الحمامات، يتركون المعتقل ليموت فيها بصمت من دون تقديم أية مساعدة.