وأشارت المنظمة، ومقرها باريس، إلى أحداث مدينة عامودا الأخيرة، التي قُتل خلالها ستة أشخاص وجرح عدد آخر، في حين اعتقل آخرون أُطلق سراحهم لاحقاً.
في ردهم على ما سبق، ينفي مسؤولون في "الأسايش" تبعيتهم لأي حزب سياسي، مؤكدين أنهم يمارسون مهامهم كمؤسسة "أمنية شرعية" تابعة لـ"الهيئة الكردية العليا". ويشرح جوان ابراهيم، المتحدث باسم الإدارة العامة لـ"الأسايش" في سوريا، رؤيتهم للواقع الذي يقول انه صار عرضة للتشويه والتحريف.
ويوضح ابراهيم لراديو "روزنة"، أن هذه المرحلة "ليست للشائعات والأقاويل والاتهامات". ويضيف قائلاً: "ردي على هذه الشائعات هو توجيه دعوة لكل من يهمه الأمر للدخول (إلى المناطق التي تخضع لسيطرتهم)، والبحث عن الحقيقة، وكذلك القيام بدراسة حول هذه الموضوع". ويذهب المتحدث بالقول إلى أن "أبواب السجون" التابعة لقوات الأسايش مفتوحة، ويمكن للنشطاء والصحفيين والحقوقيين الاطلاع على ظروف هذه السجون وكيفية تعامل هذه القوات مع المعتقلين.
وأصدرت "الهيئة الكردية العليا" أخيرا، قرارا يقضي بتحديد "اتحاد الإعلام الحر" كمرجعية وحيدة لمتابعة "شؤون الاعلاميين والصحفيين في متابعة شؤونهم وتسيير أمورهم وحماية حقوقهم".
تجربة ناشط
في نهاية آذار الفائت، جالَ الناشط الإعلامي كمال شيخو في معظم مدن محافظة الحسكة، وذلك لإجراء تحقيق صحفي حول التحول في الموقف الكردي جراء التطورات في البلاد.
ويؤكد كمال لراديو "روزنة" عدم تعرضه لأية مضايقات، طيلة فترة عمله هناك، باستثناء موقف واحد، صادفه في مدينة عامودا:
"بينما كنت ألتقط بعض الصور في عامودا، استوقفني شخص، وبدأ يسألني عن سبب التصوير وكذلك عن الجهة التي أعمل لصحالها، وغيرها من الأسئلة. ثم طلب مني أن أرافقه إلى مركز الأسايش".
ويضيف الناشط: "عند وصولنا إلى المركز، وبعد تأكدهم من هويتي والمؤسسة التي أعمل لديها، جاء رئيس المركز بنفسه، واعتذر عما حدث". ويشير كمال، وهو معتقل سابق في سجون النظام، إلى أن رئيس المركز بدأ يشرح له أن قوات الأسايش في طور التأسيس وتحتاج تدريباً أكثر لتفادي مثل هذه الأخطاء.
ولا ينكر المتحدث باسم إدارة الأسايش حدوث مثل هذه الأخطاء مع عناصر الأسايش، مرجعاً ذلك إلى سوء التدريب، وذلك بسبب الظروف الصعبة التي تواجهها المنطقة في ظل استمرار المعارك مع الكتائب الإسلامية المتشددة، على حد زعمه. وفي السياق، يدافع ابراهيم عن مؤسسة الأسايش، بالقول: "نحاول جاهدين تدارك هذه الأخطاء وتأهيل الكوادر عبر إجراء دورات تدريبة خاصة في الفترة القادمة".
وأنشأت قوات الأسايش العديد من الأكاديميات الخاصة بتخريج عناصر الأمن والشرطة، من الجنسين (إناث – ذكور). ويتقاضى عناصر الأسايش منذ أشهر، مستحقات مالية، غير رسمية، تمنح على شكل مكافأة.
ولا توجد أرقام دقيقة لعدد العناصر، المنضوية تحت لواء هذه القوى، فيما تقدر مصادر عددها بنحو ثلاثة آلاف عنصر، يرتدون لباساً موحداً يختلف عن زي "وحدات حماية الشعب" الكردية (YPG)، ذات الصلة بحزب العمال الكردستاني (PKK).
خطوط حمراء
ويشير المتحدث باسم قوى الأسايش، إلى أن هذه المرحلة تتطلب حذرا وتدقيقاً. كما يؤكد على أن من حق مؤسستهم التحقيق مع أي مشتبه به، في اعتبارها سلطة مسؤولة عن أمن المواطنين وحمايتهم.
ويوضح ابراهيم أن لهم "شروط ومقاييس" تخص العمل. ويقول: "على كل صحفي أو ناشط يأتي إلى المنطقة أن يسجل اسمه لدينا، على الأقل، حتى نتمكن من حمايته". ذلك مع التأكيد على الجانب الأمني في هذا الموضوع "إذ هناك جهات تعمل تحت اسم الصحافة أوالمنظمات الحقوقية، ولكنها تتبع حقيقة لجهات ربما تسيء إلى أمن المنطقة". ويستدرك قائلاً: "دون هذه الاعتبارات الأمنية أوالخطوط الحمراء، فان أبوابنا مفتوحة للجميع، ويمكن لكل صحفي أو ناشط أن يأتي ويجرب".
قوى الأمن "تحمي السياسات"
وتنتشر مراكزالأسايش في المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة "وحدات حماية الشعب" في مناطق الحسكة وعفرين وكوباني (عين العرب). واللافت هو انتشار هذه المراكز الأمنية في مدينة القامشلي، بالرغم من وجود قوات النظام في بعض مقراته داخل المدينة. كما ينتشر عناصر الأسايش في الأحياء الكردية داخل مدينة الحسكة.
في العموم، يعتقد الكاتب والصحفي محمد ديبو، أن غالبية الأطراف الفاعلة على الأرض ليست سوى أدوات لقوى اقليمية ودولية، باستثناء التيارات المدنية المستقلة وكذلك النشطاء والصحفيين الذين يعملون في الداخل، وفي كون غالبية هذه الشريحة مستقلة فانها تتحول إلى هدف لطرفي الصراع في سوريا.
ويرى ديبو ان "قيام القوى الأمنية الكردية باعتقال النشطاء أو الصحفيين الكرد أو العرب يصب في هذا الاطار. إذ هناك صراع إقليمي ودولي للاستحواذ على الأجهزة الأمنية وإعادة تشكيلها من جديد"، في اعتبار أن الأجهزة الأمنية في أي بلد هي التي "تحمي السياسات". ويختم الكاتب السوري حديثه بأن هناك صراع "أمني قاسي" على البلد المنكوب، تقوده أطراف إقليمية ودولية لضبط الداخل وفق مصالحها.