بدأت "أريج" رحلة التعليم في مدرسة "الصداقة التركية" في غازي عنتاب، منذ بداية العام الدراسي السابق، لم يكن قرار الرحيل خياراً لديها، بل واقعاً فرض عليها بسبب القصف العنيف الذي تعرّضت له المدينة، تقول أريج:
"إنّ استهداف قوّات النظام للأفران كان سبباً كافياً لنخاف على أولادنا ونوضب حقائبنا ونغادر، لم نعد نشعر بالأمان فالموت يحيط بنا من كلّ صوب".
حصلت "أريج" على وظيفتها الحالية في مدرسة الصداقة عن طريق تجمّع السوريين في غازي عنتاب الذي أعلن عن وجود فرص عمل شاغرة لمعلمين سوريين في مدارس تعنى بتدريس طلاب نزحوا من مختلف أنحاء سورية.
الأطفال قبل الثورة وبعدها
"أطفال هذه المدرسة هم أطفال الثورة بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى"، بهذه الكلمات وصفت أريج طلّابها وتابعت بقولها " على الرّغم من أنهم لم يتجاوزا العاشرة من عمرهم إلاّ أنّهم يتمتعون بقدر كبير من الوعي، سواء على مستوى نقاشاتهم أو تصرّفاتهم"، ولكنّ الأمر لا يخلو من سلبيات عكستها أهوال الحرب على شخصياتهم فالكثيرون منهم اليوم "يذرف دموعه لأبسط الأمور، بالإضافة إلى الشعور بالخوف الذي يرافقهم باستمرار، ففي حقيبة كل طفل قصّة مؤلمة حملها معه من سوريا".
إنّ كل معلّمة معرّضة لمواقف مؤلمة خلال تعاملها مع الطلاب، وأريج تواجه الكثير من هذه المواقف يومياً من نوبات بكاء فجائية تنتاب أحد طلابها لخسارته أخاً أو أماً أو أباً، ولكنّ الأمر لا يقف عند هذا الحدّ فالأصعب من هذا كلّه الطلاب الذين ترك القصف علامات عليهم من ندوب، أو جروح أو الذين سرقت الحرب جزءاً من جسده.
كلّ ليمونة ستنجب طفلاً
رغم الظروف التي تواجهها أريج في عملها بمجال التدريس، إلا أنها ما زالت تؤمن بما سيحمله الجيل القادم لسورية، فهي ما تزال تردد قول الشاعر السوري نزار قباني "كلّ ليمونة ستنجب طفلاً ومحال أن ينتهي الليمون".