جودت سعيد مفكر إسلامي معاصر، يعتبر امتداداً لمدرسة المفكرين الإسلاميين مالك بن بني ومحمد إقبال، ولد في قرية بئرعجم في الجولان السوري، وهو من أصل شركسي. اعتقل مرات عديدة منذ ستينيات القرن الماضي كما خضع للإقامة الجبرية بسبب مواقفه تجاه النظام السوري، عمل أستاذاً للغة العربية لسنوات طويلة، ثم استقر في منزله بالجولان ليعمل بتربية النحل والزراعة والتفرغ لنشاطه الفكري والثقافي.
التقينا المفكر جودت سعيد، وتحدثنا معه حول موضوعات مختلفة لطالما شغلت باله كمفكر إسلامي سوري، وحازت على اهتمام متابعي الحركات الإسلامية المعاصرة.
يقول جودت سعيد: "كل المقدسين ابن كثير وابن تيمية لا يفهمون!! .. يفتي واحدهم فتوى ويقول هذه هي الفتوى ومن أنكر يُستتاب وإلا قُتل، يكفر بعضهم بعضاً، سقط كل المسلمين المقدسين من عيني، كلهم كانو يعبدون الذي يحمل السلاح والله يقول يريدون أن يطفئوا نور الله ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره".
تخويف وحكم بالسّلاح
يؤكد جودت سعيد على أن تخويف الناس وحكمهم بالسلاح لا يغير ما بأنفسهم، فالنّظام السوري قد استطاع إركاع مواطنية والسيطرة عليهم بالإكراه والعنف طوال عشرات السنين لكن هذا العنف لم يستطع أن يغير ما يدور في عقولهم وقلوبهم. "القرآن يقول لا إكراه في الدين والإكراه لا يصنغ لا إيمان ولا كفر، إذاً لا سلطان لأدوات الإكراه ابتداءً من العضل وانتهاءً بالقنبلة النووية، فلا يمكن تغيير ما في عقل الإنسان بهذه الطرق.. كيف نتعامل مع هذا الانسان أسوأ معاملة!! بالتخويف!"
لا يخفي الشيخ إعجابه بتجربة الأوروبيين الديمقراطية وبفكرة الاتحاد الاوروبي، الذي يعتبره خلقاً جديداً لم يستطع المسلمون تحقيق مثله. ويعتبر أن شرط نجاح أي عملية ديمقراطية هو اتفاق الفرقاء على وقف استعمال السلاح كقوة لفرض وجهات النظر، ويؤكد أن العواصم الأوروبية الكبرى تدمرت وحصلت مجازر كثيرة راح ضحيتها الآلاف، وفي النهاية قرر الجميع وضع السلاح جانباً، والاتفاق على وضع أسس ديمقراطية جديدة غيرت العالم أجمع.
اعتقال السلميين.. رسالة
يضيف جودت سعيد في حديثه "أن ملاحقة النظام السوري للناشطين السلميين يوصل رسالة مهمة للعالم أجمع"، فاعتقال الناشط السلمي بتهمة وقوفه في وجه القتل يجسد رمز اللاعنف بحد ذاته، ويعبر عن إعجابه الشديد بفكرة الأثواب البيضاء التي ارتدتها الصبايا الأربعة اللواتي خرجن في دمشق حاملين شعارات أوقفوا القتل، ويؤكد على أن "هذه الأثواب تحمل فكرة أوقفوا القتل أيها القتلة فكلّكم تشبهون بعضكم البعض".
من كتبه "مذهب ابن آدم" و "حتى يغيروا ما بأنفسهم"، "فقدان التوازن الاجتماعي"، "العمل قدرة وإرادة"، "اقرأ وربك الأكرم"، "كن كابن آدم". كما قدم المفكر سعيد عشرات الدراسات والمحاضرات المتعلقة باللاعنف والإسلام خلال رحلته الفكرية الطويلة.
قصف النظام السوري بئرعجم قرية جودت سعيد الواقعة على خط الجبهة المتاخم للأراضي التي تحتلها إسرائيل وتهدم منزله بالكامل، خرج مع عائلته من البلاد ليتخذ من استنبول ملجأً مؤقتاً/ علّه يستطيع العودة في المستقبل القريب إلى سوريا خالية من فرقاء السلاح.
اقرأ أيضاً: عفراء جلبي تدافع عن اللاعنف في الثورة