لم تكن تعرف عندما سارت إلى حبه دون تردد منذ أكثر من عام ونصف أن ما آمنا به يومها وجمع قلبيهما قد يكون هو السبب في افترقهما، "الحرية" تلك الكلمة التي مات من أجلها الآلاف وعذّب لأجلها مئات الألاف في سوريا، أيخنق لأجلها حبهما أيضاً ؟ تحاول إمساك دموعها لشعورها بأن البكاء لأسباب شخصية في ظل هذه الآلام الكبرى التي يواجهانها هي خيانة للثورة وللانسان وللوطن لكنها تشعر مرغمة أن كل قراراتها دون جدوى.. ستخسره حتما ً.. للموت أو للتشوه.. في حال التزم بقراره والتحق بالكتائب المسلحة في البداية منذ عام ونصف .. لا تذكر أنه لحظته خلف عدسته يصوّر المظاهرات التي كانت جزءا ً مهما ً جدا ً من يومها..لكنه لحظها بلثامها ذو النجوم الحمراء .. والذي يجعل من الصعب ألا تلتقط عدسته بريق عينيها الثائرتين ، أرسل لها الصورة مع أحد أصدقائهم، وعلق في بالها اسمه ، وكان اللقاء الأول في مظاهرة للجامعة، ألقى الأمن القنابل الغازية المسيلة للدموع سيئة الصنع فلم تجد نفسها إلا وهي غارقة بالاختناق ويده الذكورية تعطيها شيئا ً لتغطي به وجهها وتقودها نحو مكان آمن.
ومن يومها ربما ابتدأ أجمل ما في علاقتهما ولربما .. السبب الذي سيكون وراء دمار ذاك الحب كذلك شعوره بأن عليه " حمايتها " في هذه الثورة. كيف لم تلحظ منذ تلك الفترة أن خطواتهما ستفترق لا محالة عند مفترق العنف ؟ هي المفرطة بسلميتها، والتي فرح قلبها كطفل عندما أهدوا عناصر الأمن وردا ً مكتوب عليه " أنتم أخوتنا ؟ لماذا تقتلنا ؟ " وهو الذي يؤمن أن الحق لا يسترجع إلا بالقوة وكيف سخر كثيرا ً من فرحها الطفولي ذاك كيف لم تلحظ أن اختلافهما هذا سيكون عائقا ً في المستقبل القريب جدا ً .. حيث أن الاقتراب من الموت إلى هذه الدرجة يجعل الزمان كثيفا ً فتصبح الشهور كفيلة بتغيير من اعتدت أن تعتقد انك تحفظه غيبا ً كيف لم تلحظ أنها تكتب لافتاتها عن "غاندي وفكره " ليكتب هو شعارات " غيفارا والمقاومة المسلحة " وابتدأت المعارك في مدينتها .. هي مملوءة بالحزن على المدنيين العالقين بين طرفي النار وهو مملوء غضب على بطء عمليات التحرير كي يرتاح المدنيون من عناء العيش تحت عنف الأسد واتخذ قراره بأن يتحول من تصوير المظاهرات إلى تصوير العمليات العسكرية مع إحدى الكتائب .. ورغم معاندتها لقراره بالابتزاز العاطفي، بالدموع ، بالتهديد بالرحيل .. كان مصّرا أن الثورة تقتضي منه ذلك وابتدأت فوراغ الرصاص تبني حاجزا ً بينهما ، فأصبحت فرص لقائهما أقل وأصبح أقل قدرة على تحمل خوفها المفرط عليه واحتلت هالات الأرق عينيها من قلة النوم في الليالي التي يكون فيها على الجبهة اختلفت احاديثهما .. فهو دائما غاضب من شيء ما وهي حزينة على غضبه .. هو مغلق على مشاهداته وهي تبحث في ثنايا صوره عن انعكاس عينيه تشاهد الصور التي يلتقطها فتخسر كل ما تبقى من شجاعتها .. لمعرفتها انه على الخط الأول للموت هناك .. تخشى أن تسأله هل اعتاد رائحة الموت والجثث التي تفوح من صوره ؟ هل في روحه من الدمار ما يشابه دمار مدينته ؟ وجاءت اللحظة الفاصلة عندما أخبروها أنه قد أصيب في الريف .. وتمنعها الاتصالات المقطوعة عن معرفه ما به .. عمق إصابته ؟ هل يتألم ؟ هل يحتاجها ؟ وتمنعها اشتباكات الليل من إيجاد من يقلها إليه .. تلك الليلة التي شعرت انه قد يموت حقا ً .. وان الموت الذي تسمعه وتراه كل يوم .. لا زال من الممكن أن يكون مدمرا ً وموجعا ً أن يسرق منها آخر الأفراح في هذا الزمن الرديء الذي تتحول قيمة الإنسان فيه إلى رصاصة .. وأخيرا ً وجد طريقة للاتصال بها .. يخبرها أن أعزّ أصدقائه قد استشهد وأنه أصيب وهو يحاول سحب جثته .. حيث بدء عناصر جيش الأسد بإطلاق النار ، لم يشعر بأن بإمكانه ترك جثمان من يحبه هناك وحيدا ً تحت وابل الرصاص ومن بين دموعها .. الخائفة والحزينة قال لها .. علينا أن نلتقي قريبا ً .. هناك ما نتحدث فيه وككل نساء العالم وبكل اللغات المحكية .. تدرك الأنثى أن هذه الجملة ما هي إلا إذعان بقدوم الرحيل ورأته .. واحتضنته .. لكنه لم يكن هناك تماما ً .. شخص آخر .. لم تعد راحة يديه تعرق لدى ملامسة يديها .. يداه باردتان ومتشققتان وفي عنينه شعور بالذنب والحيرة .. لماذا لم يقل لها أحبك بعد ؟ وتحدث أخيرا ً بصوت واثق .. وحزين ، سألتحق بالكتيبة التي أصور معها وحاولت أن تدعي أنها لم تفهم ما يقوله .. لتعطي لنفسها وقتا ً لتحليل ما قال .. فأجابها .. سأحمل السلاح ، هذا النظام لن يرحل إلا بالسلاح وغضبت .. سلاح من ؟ وضد من ؟ وبقرارات من ؟ هل فعلا ً السلاح سوري ولأجل الثورة والثوار ؟ غضب أكثر من مثاليتها التي اعتاد أن يحبها قبلا ً .. كيف سلاح من ؟ سلاح الثورة ؟ من يحمي المدنيين في حال تقدم الجيش لاستعادة الأجزاء المحررة ؟ الم تشاهدي صور المجازر في القرى التي أعاد الجيش احتلالها ؟ وتدرك أنه محق .. لكنها تصّر على ثنيه عن قراره وتتابع .. والمدنيون ؟ ومن قال لك أنك يحق لك أن تأخذ دور الله في قرار من يعيش ومن يموت ؟ من قال أن الجندي الواقف ليقاتل هناك على الجبهة المضادة لا يشعر هو بدوره أنه يحارب لأجل الحق والوطن ؟ من قال لك أنه ليس مجبر بدافع الخوف ؟ يصمت ويلتمع الإنسان الحنون الذي فيه داخل مقلة عينيه ويتحول الصوت الواثق إلى صوت مكسور ، والدم يا عزيزتي؟ آلاف الشهداء التي حملت راية الحرية وماتت لأجلها ؟ أننسى دمائهم ؟ أتعتقدين نظاما ً بهذا التوحش سيرحل بورودك؟ وهنا قالت له .. لا استطيع ان ابقى هنا وأخسرك .. يجيبها .. الخطر نفسه في حال حملت السلاح أو العدسة .. الموت في سوريا ليس انتقائيا ً تبتسم بسخرية مقهورة ..وتجيب لست أعني أن أخسرك للموت ، أعني أن أخسرك للتشوه أن أتساءل وانا امسك يديك عن قطرات الدم المغسولة عنهما ؟ أن أخسر الإنسان الذي فيك .. لصالح ذاك الكائن المهووس بالدمار والحرب والموت أن أخسر أيماني فيك وبنقائك أن يخنق الحقد المتنامي فيك مقدرة قلبك على الحب تركها لتفكر مليا ً بقرارها ، تركها تتصارع فيها التناقضات ، كيف تحمي الثورة التي آمنت فيها وكيف تحمي الانسان الذي فيه .. والحب الذي يجبر قلبها على الحياة في عواصف الهلاك المؤلمة تركها وهي موقنة من شيئين اثنين.. انها تحبه وانها خسرته.
ومن يومها ربما ابتدأ أجمل ما في علاقتهما ولربما .. السبب الذي سيكون وراء دمار ذاك الحب كذلك شعوره بأن عليه " حمايتها " في هذه الثورة. كيف لم تلحظ منذ تلك الفترة أن خطواتهما ستفترق لا محالة عند مفترق العنف ؟ هي المفرطة بسلميتها، والتي فرح قلبها كطفل عندما أهدوا عناصر الأمن وردا ً مكتوب عليه " أنتم أخوتنا ؟ لماذا تقتلنا ؟ " وهو الذي يؤمن أن الحق لا يسترجع إلا بالقوة وكيف سخر كثيرا ً من فرحها الطفولي ذاك كيف لم تلحظ أن اختلافهما هذا سيكون عائقا ً في المستقبل القريب جدا ً .. حيث أن الاقتراب من الموت إلى هذه الدرجة يجعل الزمان كثيفا ً فتصبح الشهور كفيلة بتغيير من اعتدت أن تعتقد انك تحفظه غيبا ً كيف لم تلحظ أنها تكتب لافتاتها عن "غاندي وفكره " ليكتب هو شعارات " غيفارا والمقاومة المسلحة " وابتدأت المعارك في مدينتها .. هي مملوءة بالحزن على المدنيين العالقين بين طرفي النار وهو مملوء غضب على بطء عمليات التحرير كي يرتاح المدنيون من عناء العيش تحت عنف الأسد واتخذ قراره بأن يتحول من تصوير المظاهرات إلى تصوير العمليات العسكرية مع إحدى الكتائب .. ورغم معاندتها لقراره بالابتزاز العاطفي، بالدموع ، بالتهديد بالرحيل .. كان مصّرا أن الثورة تقتضي منه ذلك وابتدأت فوراغ الرصاص تبني حاجزا ً بينهما ، فأصبحت فرص لقائهما أقل وأصبح أقل قدرة على تحمل خوفها المفرط عليه واحتلت هالات الأرق عينيها من قلة النوم في الليالي التي يكون فيها على الجبهة اختلفت احاديثهما .. فهو دائما غاضب من شيء ما وهي حزينة على غضبه .. هو مغلق على مشاهداته وهي تبحث في ثنايا صوره عن انعكاس عينيه تشاهد الصور التي يلتقطها فتخسر كل ما تبقى من شجاعتها .. لمعرفتها انه على الخط الأول للموت هناك .. تخشى أن تسأله هل اعتاد رائحة الموت والجثث التي تفوح من صوره ؟ هل في روحه من الدمار ما يشابه دمار مدينته ؟ وجاءت اللحظة الفاصلة عندما أخبروها أنه قد أصيب في الريف .. وتمنعها الاتصالات المقطوعة عن معرفه ما به .. عمق إصابته ؟ هل يتألم ؟ هل يحتاجها ؟ وتمنعها اشتباكات الليل من إيجاد من يقلها إليه .. تلك الليلة التي شعرت انه قد يموت حقا ً .. وان الموت الذي تسمعه وتراه كل يوم .. لا زال من الممكن أن يكون مدمرا ً وموجعا ً أن يسرق منها آخر الأفراح في هذا الزمن الرديء الذي تتحول قيمة الإنسان فيه إلى رصاصة .. وأخيرا ً وجد طريقة للاتصال بها .. يخبرها أن أعزّ أصدقائه قد استشهد وأنه أصيب وهو يحاول سحب جثته .. حيث بدء عناصر جيش الأسد بإطلاق النار ، لم يشعر بأن بإمكانه ترك جثمان من يحبه هناك وحيدا ً تحت وابل الرصاص ومن بين دموعها .. الخائفة والحزينة قال لها .. علينا أن نلتقي قريبا ً .. هناك ما نتحدث فيه وككل نساء العالم وبكل اللغات المحكية .. تدرك الأنثى أن هذه الجملة ما هي إلا إذعان بقدوم الرحيل ورأته .. واحتضنته .. لكنه لم يكن هناك تماما ً .. شخص آخر .. لم تعد راحة يديه تعرق لدى ملامسة يديها .. يداه باردتان ومتشققتان وفي عنينه شعور بالذنب والحيرة .. لماذا لم يقل لها أحبك بعد ؟ وتحدث أخيرا ً بصوت واثق .. وحزين ، سألتحق بالكتيبة التي أصور معها وحاولت أن تدعي أنها لم تفهم ما يقوله .. لتعطي لنفسها وقتا ً لتحليل ما قال .. فأجابها .. سأحمل السلاح ، هذا النظام لن يرحل إلا بالسلاح وغضبت .. سلاح من ؟ وضد من ؟ وبقرارات من ؟ هل فعلا ً السلاح سوري ولأجل الثورة والثوار ؟ غضب أكثر من مثاليتها التي اعتاد أن يحبها قبلا ً .. كيف سلاح من ؟ سلاح الثورة ؟ من يحمي المدنيين في حال تقدم الجيش لاستعادة الأجزاء المحررة ؟ الم تشاهدي صور المجازر في القرى التي أعاد الجيش احتلالها ؟ وتدرك أنه محق .. لكنها تصّر على ثنيه عن قراره وتتابع .. والمدنيون ؟ ومن قال لك أنك يحق لك أن تأخذ دور الله في قرار من يعيش ومن يموت ؟ من قال أن الجندي الواقف ليقاتل هناك على الجبهة المضادة لا يشعر هو بدوره أنه يحارب لأجل الحق والوطن ؟ من قال لك أنه ليس مجبر بدافع الخوف ؟ يصمت ويلتمع الإنسان الحنون الذي فيه داخل مقلة عينيه ويتحول الصوت الواثق إلى صوت مكسور ، والدم يا عزيزتي؟ آلاف الشهداء التي حملت راية الحرية وماتت لأجلها ؟ أننسى دمائهم ؟ أتعتقدين نظاما ً بهذا التوحش سيرحل بورودك؟ وهنا قالت له .. لا استطيع ان ابقى هنا وأخسرك .. يجيبها .. الخطر نفسه في حال حملت السلاح أو العدسة .. الموت في سوريا ليس انتقائيا ً تبتسم بسخرية مقهورة ..وتجيب لست أعني أن أخسرك للموت ، أعني أن أخسرك للتشوه أن أتساءل وانا امسك يديك عن قطرات الدم المغسولة عنهما ؟ أن أخسر الإنسان الذي فيك .. لصالح ذاك الكائن المهووس بالدمار والحرب والموت أن أخسر أيماني فيك وبنقائك أن يخنق الحقد المتنامي فيك مقدرة قلبك على الحب تركها لتفكر مليا ً بقرارها ، تركها تتصارع فيها التناقضات ، كيف تحمي الثورة التي آمنت فيها وكيف تحمي الانسان الذي فيه .. والحب الذي يجبر قلبها على الحياة في عواصف الهلاك المؤلمة تركها وهي موقنة من شيئين اثنين.. انها تحبه وانها خسرته.
الكلمات المفتاحية