تدرك أمريكا أنه لم يكن ولن يكون لآل الآسد آخر أي آخر، مهما كان إلا عبيدا في مزرعة. كان الكيماوي هو الاثبات الأخير أن هذه سلطة ليست سوى آلة متحركة للقتل، ودون أن تمتلك أي مشروع سياسي من أي نوع كان، ستستخدم بسهولة كل أنواع الأسلحة ضد شعبها.
الكيماوي هذا ليس إثباتا سوى لقلة قليلة من المستويات السياسة الضحلة أخلاقيا، والمشاركة سياسيا في القتل. إثباتا لمن هم دون السوية الوطنية والإنسانية السورية، لكن هل هؤلاء يحتاجون إلى اثبات؟ أمريكا لم تتحرك إلا في ملف الكيماوي، لم تقترب من الضحايا عددهم ومن هم؟ ربما تضيفهم وزارة الخارجية الامريكية إلى ملفاتها كأرقام ضحايا، وربما قتلى لا على التعيين، مجهولي الهوية والنسب لأعظم ثورة في التاريخ المعاصر.
مع ذلك لابد من ايضاح حقيقة جلية، لولا أمريكا لكان الأسد الكيماوي استخدم كل مخزونه الكيماوي منذ بدء الثورة، هو لا يحسب حسابا لا لروسيا ولا لإيران ولا لبقية دول العالم، هنالك فقط بالنسبة له إسرائيل وأمريكا. من يعد بالذاكرة إلى بداية الثورة، يستطيع أن يتأكد أن الإدارة الأمريكية كان جل همها تأمين السلاح الكيماوي. وأخذت تعهدا من الأسد عبر روسيا بأنه لن يستخدمه ولن يحركه. ومع ذلك حركه، في العام2012 وأستخدمه على نطاق محدود جدا وبكمية لا تكاد تذكر، كنوع من جس النبض، فأرسل الانكليز رسالة للاسد يبلغونه فيها أننا نعرف أنك قمت بتحريك السلاح الكيماوي!! لن ادخل الآن في تفاصيل ما حدث عندها، لكن السلاح الكيماوي مراقب جيدا منذ أول خلية كيماوية دخلت سورية!!
أمريكا تعرف وتعرف جيدا أن هذا الكيماوي الذي راكمه الأسد الأب والابن لاحقا لن يستخدم إلا ضد الشعب السوري. لهذا ليخرجوا من هذه اللعبة. هنا يحضر سؤال: هل كيماوي صدام حسين الذي استخدمه في حلبجة1988 أو كيماوي القذافي الذي تم تدميره قبل عدة أعوام من قبل الغرب عموما وبريطانيا وأمريكا خصوصا، أخطر على إسرائيل من كيماوي الاسد؟ رغم أنه الأقرب وعلى حدودها.
لم يكن هذا السلاح يشكل أي قلق لا لإسرائيل ولا لأمريكا ولا لبريطانيا العظمى ولا فرنسا التي رعت عملية التوريث الأسدية. ولم يكن عصيا على هذه الدول أن تقتلع أنيابه الكيماوية، فيما لو شعرت مجرد شعور أن هذا السلاح يمكن أن يشكل خطرا على إسرائيل. ولن تحسب حساب لا روسيا وإيران ولا الشبيحة والطياريين الانتحاريين!! على سبيل النكتة.
صدام ضرب كيماوي في حلبجة وبقي بعدها في الحكم 15 عاما. لهذا ليس كثيرا احترم جعجعة اوباما وإدارته. لأن هذه الجعجعة فقط ردا على انفضاح الموضوع إعلاميا على المستوى الدولي، لقد استخدمه الأسد عدة مرات على نطاق محدود جدا، ولم تقم لهم قائمة. لا أحد في نقاش قضية الكيماوي يتذكر اطفال سورية الذين قضوا وهم نيام.
مطلوب بشكل واضح وبعيدا عن جعجعة الكيماوي التدخل الدولي لحماية شعبنا من الكيماوي وكافة أنواع الاسلحة التي يمتلكها سفاح الأطفال في دمشق، بغير ذلك العالم بلا أخلاق. بالمناسبة عدم اخلاقية هذا العالم في التعامل مع الثورة السورية هو من أبقى داخليا بعض الاصوات السورية التي تريد التأكد ممن استخدم الكيماوي؟ ابقاها قليلا في حيز الإعلام الصوتي. مع أن الجميع يعرف ويعرف جيدا أن أمريكا تراقب كل ذرة كيماوي في العالم عموما والشرق الأوسط خصوصا.
ضربت أمريكا أم لم تضرب شعبنا ماض في ثورته، ولن يثنيه أحد مهما صدروا له من إرهاب ومهما غطوا على مقتلة آل الأسد. ( ياخوفي أن تسجل مراكز البحوث الغربية لاحقا عبارة أن العلويين استخدموا الكيماوي ضد السنة في سورية) مع ذلك سورية المستقبل لكل أبناءها.
--------------------
مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة وإنما تمثل رأي كاتبها