رغم كلامه عن مأساة حمص،وتركيزه على الخرق الخارجي؛ لكن ميشيل كيلو- عضو القائمة الديمقراطية في الإئتلاف الوطني السوري- بدا أقرب لأكاديمي، في فترة سلم، منه كسياسي قاتل للدخول في قيادة المعارضة. هذا أعقب طرحه لحكومة وحدة وطنية جامعة، تستمر حتى سقوط النظام، وقيام انتخابات حرة. كما جاء في الدقيقة 17,05 من حلقة برنامج لقاء اليوم، الذي يقدمه تيسير علوني، على قناة الجزيرة، وامتدت لما يقارب نصف الساعة.(*) ولعل باكورة منصبه الجديد، قبوله بأن يحكم الإسلاميون. رغم انه اشترط لذلك شرطين: الأول أن يحكموا بـ "الإسلام الحقيقي، وليس بأهوائهم ونزواتهم"؛ والثاني، أن "يتركوا باب الاختيار مفتوحاً امام الناس". مع أن حروب "الإسلام الحقيقي" هي الأعنف، وهي سبب استعصاء الحال السوري اليوم.
لأنني اعتبر أن عدم ثقة العالم بالبديل الذي نتقدم به، هو سبب انكفائه عن تبني ثورة، ليس أمامها- لكي تنجح من ان تتبنى خيارها العصري الأوحد: الخيار الديمقراطي. ولقد كان كيلو قال بـ"بناء الدولة الديمقراطية"- في الدقيقة 12,30- التي قامت الثورة لأجلها؟ ألا يدرك السيد كيلو الفارق بين وظيفة حكومة إسلامية، لها الحق في الوصول إلى السلطة، عبر الانتخابات الحرة النزيهة، كنتاج لدستور دولة ديمقراطية حرة، على أن تعمل فيها الحكومة تحت الدستور، لا فوقه؛ أي تحافظ فيه على القاعدة/ الصيغة/ النموذج للدولة؛ فلا يُخضع كل طرف المجتمع إلى أديولوجيته، عند استلامه الحكم، بل يحاول أن يبرهن للناس فاعلية برنامجه في تطبيق أمثل للدستور الوطني، و مصالح المجتمع المتنوع؟ ولإزالة استغراب العلوني الإسلامي، استمر كيلو بالقول: "أنا ما عندي مشكلة. نحن حُكمنا بالإسلام قروناً عديدة. وكنا بخير من الله".
والمدهش أنه تنازل عن الشرط الثاني الذي قدمه، منذ قليل. فحين ذكره العلوني بـ"حرية اختيار الناس"، أوضح كيلو: "ما كان يومها في شيء اسمه حرية الاختيار. كان هناك الخليفة العادل..". جواب أغرى العلوني بسؤاله: "إذن أنتم لا تمانعون في حكم المستبد العادل؟ (بصيغة الجمع) ؛ فيرد كيلو- بصيغة المفرد: "أنا لا أمانع بنظام المستبد العادل". لا تندهشوا.... مهلاً، فكيلو يشرح دوافعه.. ويبيّن وجهة سيره( هذه غير وجهة النظر)؛ التي يوضحها بتتمة العبارة: "انا ديمقراطي. أنا أريد دولة المواطنة..".
مع انه يتكلم عن قيمة الوسطية في الإسلام- كما خرج بها العرب على العالم- مقابل إسلام التشدد المرتبط باكثر المناطق تخلفاً في العالم. ومع انه لاحقاً يركز على الأهمية الحاسمة للتوحّد(حتى على الغلط- الدقيقة 21,00)؛ وأيضاً مع أنه يتوجه بالرجاء للإسلاميين بأن يتخلصوا من عقلية "هذا مسلم وهذا غير مسلم"، لأنها "عقلية الحرب الأهلية". ولكنني لم أعد أستغرب هذا اللعب بالكلمات، عند صديقنا ميشيل، بعد عملية توسيع ذمة الائتلاف، لكي تستوعبه- تحت التهديد بقول الحقائق(!)؛ لكن الحمد لله كل شيء تم، بعيداً عن ارتكاب السيد كيلو بائقة قول الحقيقة. أما ثالثة الأثافي، فكانت في تلك العبارات التي يختلط فيها خطاب الممانعة مع خطاب الخميني والقذافي.
إذ يتكلم بعد الدقية 23,00، عن أمريكا وملحقاتها. فيتبنى تسميتها بالشيطان الأكبر، و تسمية النظام بالشيطان الأصغر. فكما أن معزوفة السلام مع إسرائيل لم تكن تهدف للسلام برأيه؛ يقيس كيلو المواقف الدولية اليوم، فيكرر ما أورده في الدقيقة 5,33 بأن هدف السياسات الدولية يتجلى بسماح الشيطان الأكبر للشيطان الأصغر بـ"تنفيذ الغرض الرئيسي، وهو تدمير سورية، كقوة في المشرق متماسكة، لها تاريخ نضالي كبير. فيها شعب موحد، لكي يتم من بعدها تدمير المشرق، إذ ينكشف الخليج بعدها، امام كل الأعمال التي يخطط لها ضد العرب".. إلى آخر هذه البروباجاندا، التي تعيد الأسد- موحد الأمة- من قبره. من أين إذن جئتمونا بمصيبة الربييييع، فيهدد هذه السوريااا العظيمة- الشوكة في بلعوم أمريكا و العالم!؟ هل هذا كلام سياسي بعمر وتجربة كيلو؟ وماذا كان سيقول كيلو، لو كان من اليسار التونسي أو العالمي!؟ أما مؤتمر جنيف"- في الدقيقة 23,30- فيراه "شغلة وهمية"؛ ومع ذلك يضع شروطه "الخاصة" للمشاركة فيه. وهي شروط لعمرك تحتاج لمعجزات، ليس أقلها معجزة إعادة من دخلوا سورية، إلى البلدان التي أتوا منها. عداك عن إعادة جميع السوريين المهجرين، وقطع اليد التي دمرت سورية( يحددها بعصابة من مئة إلى مئة وخمسين شخصا). مثل هذه الوجبة الاستراتيجية، بين طرفي المقابلة؛ كانت بحاجة لفاكهة الحديث عن المرأة؛ فيسأل تيسير عن سر غيابها عن الائتلاف، ليدفع الصديق كيلو إلى منطقة اضطر فيها لأن يقوم بحك الجانب الأيسر من شفته العليا، هو يعزو الأمر للروح الذكورية في الائتلاف. وبرغم تقديره الصريح للمرأة في كتلته الديمقراطية، ولدورها بعامة، لكنه لا يتمالك نفسه من ضحكة مميزة للذكر بأن ثقافتنا تكل للمرأة وظيفة البيت والإنجاب..الخ. اذكروا ما شفتوا منا.
*مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة وإنما تمثل وجهة نظر كاتبها.
لأنني اعتبر أن عدم ثقة العالم بالبديل الذي نتقدم به، هو سبب انكفائه عن تبني ثورة، ليس أمامها- لكي تنجح من ان تتبنى خيارها العصري الأوحد: الخيار الديمقراطي. ولقد كان كيلو قال بـ"بناء الدولة الديمقراطية"- في الدقيقة 12,30- التي قامت الثورة لأجلها؟ ألا يدرك السيد كيلو الفارق بين وظيفة حكومة إسلامية، لها الحق في الوصول إلى السلطة، عبر الانتخابات الحرة النزيهة، كنتاج لدستور دولة ديمقراطية حرة، على أن تعمل فيها الحكومة تحت الدستور، لا فوقه؛ أي تحافظ فيه على القاعدة/ الصيغة/ النموذج للدولة؛ فلا يُخضع كل طرف المجتمع إلى أديولوجيته، عند استلامه الحكم، بل يحاول أن يبرهن للناس فاعلية برنامجه في تطبيق أمثل للدستور الوطني، و مصالح المجتمع المتنوع؟ ولإزالة استغراب العلوني الإسلامي، استمر كيلو بالقول: "أنا ما عندي مشكلة. نحن حُكمنا بالإسلام قروناً عديدة. وكنا بخير من الله".
والمدهش أنه تنازل عن الشرط الثاني الذي قدمه، منذ قليل. فحين ذكره العلوني بـ"حرية اختيار الناس"، أوضح كيلو: "ما كان يومها في شيء اسمه حرية الاختيار. كان هناك الخليفة العادل..". جواب أغرى العلوني بسؤاله: "إذن أنتم لا تمانعون في حكم المستبد العادل؟ (بصيغة الجمع) ؛ فيرد كيلو- بصيغة المفرد: "أنا لا أمانع بنظام المستبد العادل". لا تندهشوا.... مهلاً، فكيلو يشرح دوافعه.. ويبيّن وجهة سيره( هذه غير وجهة النظر)؛ التي يوضحها بتتمة العبارة: "انا ديمقراطي. أنا أريد دولة المواطنة..".
مع انه يتكلم عن قيمة الوسطية في الإسلام- كما خرج بها العرب على العالم- مقابل إسلام التشدد المرتبط باكثر المناطق تخلفاً في العالم. ومع انه لاحقاً يركز على الأهمية الحاسمة للتوحّد(حتى على الغلط- الدقيقة 21,00)؛ وأيضاً مع أنه يتوجه بالرجاء للإسلاميين بأن يتخلصوا من عقلية "هذا مسلم وهذا غير مسلم"، لأنها "عقلية الحرب الأهلية". ولكنني لم أعد أستغرب هذا اللعب بالكلمات، عند صديقنا ميشيل، بعد عملية توسيع ذمة الائتلاف، لكي تستوعبه- تحت التهديد بقول الحقائق(!)؛ لكن الحمد لله كل شيء تم، بعيداً عن ارتكاب السيد كيلو بائقة قول الحقيقة. أما ثالثة الأثافي، فكانت في تلك العبارات التي يختلط فيها خطاب الممانعة مع خطاب الخميني والقذافي.
إذ يتكلم بعد الدقية 23,00، عن أمريكا وملحقاتها. فيتبنى تسميتها بالشيطان الأكبر، و تسمية النظام بالشيطان الأصغر. فكما أن معزوفة السلام مع إسرائيل لم تكن تهدف للسلام برأيه؛ يقيس كيلو المواقف الدولية اليوم، فيكرر ما أورده في الدقيقة 5,33 بأن هدف السياسات الدولية يتجلى بسماح الشيطان الأكبر للشيطان الأصغر بـ"تنفيذ الغرض الرئيسي، وهو تدمير سورية، كقوة في المشرق متماسكة، لها تاريخ نضالي كبير. فيها شعب موحد، لكي يتم من بعدها تدمير المشرق، إذ ينكشف الخليج بعدها، امام كل الأعمال التي يخطط لها ضد العرب".. إلى آخر هذه البروباجاندا، التي تعيد الأسد- موحد الأمة- من قبره. من أين إذن جئتمونا بمصيبة الربييييع، فيهدد هذه السوريااا العظيمة- الشوكة في بلعوم أمريكا و العالم!؟ هل هذا كلام سياسي بعمر وتجربة كيلو؟ وماذا كان سيقول كيلو، لو كان من اليسار التونسي أو العالمي!؟ أما مؤتمر جنيف"- في الدقيقة 23,30- فيراه "شغلة وهمية"؛ ومع ذلك يضع شروطه "الخاصة" للمشاركة فيه. وهي شروط لعمرك تحتاج لمعجزات، ليس أقلها معجزة إعادة من دخلوا سورية، إلى البلدان التي أتوا منها. عداك عن إعادة جميع السوريين المهجرين، وقطع اليد التي دمرت سورية( يحددها بعصابة من مئة إلى مئة وخمسين شخصا). مثل هذه الوجبة الاستراتيجية، بين طرفي المقابلة؛ كانت بحاجة لفاكهة الحديث عن المرأة؛ فيسأل تيسير عن سر غيابها عن الائتلاف، ليدفع الصديق كيلو إلى منطقة اضطر فيها لأن يقوم بحك الجانب الأيسر من شفته العليا، هو يعزو الأمر للروح الذكورية في الائتلاف. وبرغم تقديره الصريح للمرأة في كتلته الديمقراطية، ولدورها بعامة، لكنه لا يتمالك نفسه من ضحكة مميزة للذكر بأن ثقافتنا تكل للمرأة وظيفة البيت والإنجاب..الخ. اذكروا ما شفتوا منا.
*مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة وإنما تمثل وجهة نظر كاتبها.