منذ بداية الثورة، استمر توافد النازحين السوريين من كافة محافظات وقرى سوريا إلى الساحل بشكل خاص، كونه بقي المكان الأكثر أمنا. هذا حال (عبد الله) النازح الحلبي الذي يجد الوضع في الساحل أرحم بكثير من حلب. كان يعمل تاجراً فيما سبق، وبحكم موالاته للنظام ومعارفه الكثر من الطائفة العلوية نزح لريف الساحل.
ويعبر أبو عبد الله عن ارتياحه هنا أكثر مما سبق، فقد استطاع فتح متجر صغير في القرية التي نزح إليها، فوجد الريف ملجأً من قذائف الهاون أو صواريخ السكود التي هددت حياته فيما سبق.
مضايقات بسيطة..
أما السيدة "أم محمد" التي هربت إلى الساحل بعد أن فقدت زوجها في معارك حلب، ليس لديها معارف في الساحل ولكنها وجدت عائلة تحتاج لمن يهتم بأرضهم ويحرسها فقبلت بالعمل. سألناها إن تعرضت لمضايقات من قبل أهالي المنطقة بحكم أنها غريبة عنها، فأجابت أن "الوضع بشكل عام كان جيدا، لكن في أحد الأيام وصل جثمانان لشابين يخدمان في الجيش النظامي للقرية، فاندفع بعض شباب القرية ممن لم تتجاوز أعمارهم العشرين، وحاولوا اقتحام المنزل الصغير الذي أسكنه مع ابني بجوار الحقل الذي اعمل به، ولكن العقلاء وكبار السن أوقفوهم واستطاعوا انقاذي".
في الجانب الآخر كان يحيى، من سكان نهر عيشة منذ أكثر من أربعين عاماً، تزوج فيها وربى أطفاله، ولم يتعرض خلال تلك الأعوم لأية مضايقة من أحد. بدأت الثورة ولم يقم بأي فعل تشبيحي أو موالٍ للنظام، لكنه فوجئ بحرق منزله، ما اضطره لترك دمشق والعودة لقريته في الساحل عله يجد بعض الأمان.
أمل بنسيان الحقد الطائفي..
محمود من سكان قدسيا، اضطر لترك منزله والعودة إلى قريته لأنه خاف على نفسه وزوجته، محمود لم يهدد أو يطرد، بل إنه يصف تعامل سكان تلك المناطق معه بالراقي والمحترم، ولكنه هرب من موجة العنف والتفجيرات التي اجتاحت قدسيا.
يبدو أن النازحين من أبناء الطائفة السنية، في المناطق العلوية يعيشون حياة هادئة نوعاً ما ، ويمكن القول أن المشاكل التي يواجهونها لا تعدو كونها مضايقات صغيرة، فهل تكون تلك إشارة تبشر بقدرة السوريين على العيش معاً في المستقبل ونسيان الاحتقان الطائفي الكبير الذي تسببت به الحرب في سوريا؟.