طالب ك إبراهيم – إذاعة هولندا العالمية- أمام صعوبة الحصول على معلومات حقيقية، حول ما يحدث في سوريا، بسبب غياب الحيادية والمهنية لوسائل الإعلام الرسمية السورية والمعارضة على حد سواء، أخذت مجموعة من الناشطين والحقوقيين السوريين، على عاتقها مهمة التوثيق لعدد كبير من الانتهاكات والجرائم التي تحصل، من كلا طرفي القتال، معتمدين أساليب توثيق حقوقية دولية.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد نددت في بيان اصدرته هذا الأسبوع، بشريط فيديو يصور أحد مقاتلي الجيش السوري الحر في سوريا، وهو يمثل بجثة جندي من الجيش النظامي السوري.
وقد علّق أحد الناشطين على ذلك بالقول "هي حالة من آلاف الحالات التي عبّرت عن شكل الانتقام، في الساحة السورية الآن، وهي وجه مكثف عن خطورة الانتهاكات التي تحصل".
واعتبر الأستاذ بسام الأحمد، الناطق الإعلامي لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا، في حديثه مع إذاعة هولندا العالمية، أن المركز قام بتوثيق الكثير من الجرائم التي حصلت في سوريا بغض النظر عن الجهة التي قامت بها، ومازال المركز ينتظر مجموعة من الوثائق حتى يتم توثيق الحدث السابق أيضاً. وتأسس الموقع من قبل ناشطين سوريين يعملون من داخل البلاد.
مركز توثيق الانتهاكات
في حديثها مع إذاعة هولندا العالمية، تعتبر المحامية رزان زيتونة، المنسق العام لمركز توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، أن القيام بعمل توثيقي لكل الانتهاكات التي تحصل في سوريا، عمل يخدم مستقبل سوريا رغم صعوبته وخطورة المهمة.
تشير زيتونة إلى أن العمل الحقوقي في أذهان كثير من السوريين، عمل "خارجي"، أي أنه يخدم المنظمات الإنسانية في الخارج، ويخضع بشكل أو بآخر لأجندة خارجية وقوانين عمل ونواظم خارجية، ويصب في النهاية في قنوات خارجية. لكن الفكرة الأساسية لعمل ونشاط المركز، هو جعل الناس جزءاً أساسياً من عمله. وبتعبير آخر أن يقوم الناس بعملية الرصد والتوثيق. وإيصال فكرة مفادها "إن التوثيق يخدم مستقبل سوريا".
منظمات دولية
يتواصل المركز بشكل مستمر مع مؤسسات إنسانية عالمية، ومنظمات حقوقية في الخارج، كمنظمة العفو الدولية ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومنظمات الأمم المتحدة. والتواصل مع تلك المنظمات جزء من طبيعة عمل المركز.
لكن المحامية رزان زيتونة، تؤكد أن الهدف من تلك الاتصالات هو "إيصال التقارير الصحيحة عن حالات الانتهاكات الشديدة التي تحصل. إلا أن جوهر عمله هو لداخل سوريا ولمستقبل سوريا والسوريين، من أجل أن يعي كل سوري، أن كرامته وحقوقه "محرمة" على الآخرين، مهما كانت صفتهم السياسية والعسكرية، ومهما بلغوا من قوة وبأس."
وتؤكد المحامية التي حازت على جائزة ساخاروف عام 2011، وهي الجائزة التي يمنحها الاتحاد الأوربي سنوياً للأشخاص الذين بذلوا جهوداً متميزة في مجال الدفاع عن حرية التعبير، وعن الحريات عموماً، تؤكد أن مركز توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، يعمل بما يتوافق مع المعايير الدولية، مستعيناً بفريق من الحقوقيين للاستمرار على تطوير عمله ونوعيته.
انتهاكات من كل الأطراف
تضيف رزان، أن توفير المعلومات الدقيقة الخاصة بضحايا الانتهاكات، هي واجب أخلاقي وحقوقي وإنساني. وهو حق للضحية ولذويها. ويعتمد المركز في توخي الدقة على عملية توثيق على عدة مراحل، للوصول إلى نسبة مقبولة من الدقة خلال الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا اليوم.
وتوضح رزان زيتونة أن "عملية التوثيق تستهدف، الشهداء والمفقودين والمخطوفين، بغض النظر عن الجهة التي قامت بالفعل. بالإضافة إلى توثيق تقارير خاصة تعنى بحالات معينة، كحوادث قتل الأطفال، أو استخدام أسلحة معينة في منطقة معينة."
يقوم المركز أيضاً بتوثيق انتهاكات الجيش الحر. على الرغم من أن ذلك لا يرضي بعض الأطراف المعارضة. ولكن ذلك جزء أساسي من خطة العمل، تقول زيتونة، وتوضح أن عملية صون الحقوق والكرامة عملية لا تخضع للمساومة أو للمجاملة. وهي ستكون بمواجهة كل الأطراف. ذلك جزء رئيسي من صميم الثورة وأهدافها.
من أجل المستقبل
تعتبر رزان أن المجتمع الدولي بدا عاجزاً عن حماية السوريين حتى الآن. وذلك أثر بشكل سلبي على عمل المركز وعمل الناشطين الحقوقيين. لقد فقد السوريون الإيمان بمقولات حقوق الإنسان، والعدالة الدولية، وسواها من الدلالات. وتضيف رزان أن الكلمة الأولى التي يواجهونها من ذوي الضحايا هي: "ماذا ستفعلون بهذه البيانات؟ وهل تقدرون على دفع الظلم أو على تحقيق العدالة؟ لقد فقدنا الأمل بهذه الدلالات وبالعدالة وبهدف هذه التقارير وبالفريق الحقوقي".
لذلك إن أهم فكرة يجب إيصالها للناس، والحديث لا يزال للمحامية رزان زيتونة "هي ما يتعلق بهدف التوثيق، وهدف الناشطين الحقوقيين من أجل مستقبل سوريا ومستقبل السوريين."