الحراك العربي من الثورة الى التمرد

الحراك العربي من الثورة الى التمرد
تحقيقات | 24 يونيو 2013

 نصر الدين الدجبي - هنا أمستردام - يبدو أن الحراك العربي يتجه الى مرحلة جديدة حيث تتجه بوصلة عدد من صناع الثورة بفعل أسلمتها الى الإستغناء عن ترديد مصطلح الثورة والربيع العربي الى المناداة بتعميم مصطلح "التمرد".

المطالبة بالتمرد إخترعه المصريون مؤخرا لاسقاط نظام الرئيس محمد مرسى وقيادة الاخوان بحسب مطالبهم التي اعلنوا عليها في حملتهم. هذه الحملة سرعان ما تحولت عدواها لتصل الى تونس لإسقاط المجلس التأسيسي والمؤسسات المنبثقة عنه، وتركيا من أجل الاطاحة بنظام اردغان المحسوب على الاسلاميين.

تمرد مصر

 حدد نشطاء مصريون وقوى جبهة المعارضة في مصر في بداية مايو الماضي أن يكون 30 يونيو/ حزيران نهاية حملة "تمرد" التي يتوقعون لها أن تشمل كل المحافظات في مصر وتهدف الى سحب الثقة من مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وفي انتظار القيام بالانتخابات الرئاسية الجديدة يتحمل رئيس المحكمة الدستورية العليا ادارة البلاد و تشكيل حكومة تكنوقراط لتسيير مؤقت للبلاد لحين اعادة كتابة الدستور و اجراء انتخابات رئاسية و برلمانية في أقرب وقت. وأكدت حركة تمرد من أجل مصر على موقعها على الانترنت أنها استطاعت الحصول على 15 مليون توقيع يدعو الي سحب الثقة من مرسي، وهو ما يعني بحسب الحملة سقوط الشرعية الانتخابية عن الرئيس مرسي وعودتها للشعب.

مشانق

وقد نجحت الحملة في حشد أحزاب وجمعيات ونشطاء ومستقلين الى صفوفها مما يوحي بتقسيم المجتمع المصري الى مع او ضد؟. وقال هشام برهام، رئيس اتحاد مصر الحرة في تصريحات صحفية أن الرئيس مرسي فقد شرعيته بعد تحقيق حملة "تمرد" على أكثر من 15 مليون استمارة موقعة، مضيفًا أن القوى السياسية تتكاتف مع حملة "تمرد" لتعيد حكم مصر للمصريين وتبعد حكم الإخوان.

 وأوضح وليد يونس منسق حملة تمرد بمدينة بسيون بمحافظة الغربية أن الحملة لن تكون سلمية رغم حرص المتمردين على المحافظة على سلميتها قائلا "جماعة الاخوان المسلمين يدركون أن هذا اليوم سيكون يوما مصيريا لهم فاما أن ينقذوا رقابهم و جماعتهم أو أنهم جميعا سيعلقون على المشانق" وتابع يونس للإذاعة هولندا العالمية أنه يرى مصر يوم 1 يوليو في نشاط و ثورة ودماء في نفس الوقت.

وحول تصدير التمرد الى الدول المجاورة قال يونس من حق الشعوب ان ترى ما يناسبها وأن تختار الحرية عوض الركون للظلم مهما كان الطرف الحاكم قائلا "لقد استوردنا الثورة من تونس ولا مانع من تصدير التمرد الى غيرنا ان كانوا في حاجة اليه".

تمرد من أجل تونس

 وفي سياق مماثل أطلق مجموعة من الشباب التونسي حملة تحت اسم "تمرد من أجل تونس" تهدف إلى جمع توقيعات شعبية لإسقاط المجلس التأسيسي أعلى سلطة منتخبة في تونس ورفض مسودة مشروع الدستور التونسي، وحل كل المؤسسات المنبثقة عن الانتخابات الأخيرة، على حد تعبيرهم.

وقد أوضح المدون التونسي هيثم العوني الناطق الرسمي باسم حملة "تمرد من أجل تونس" أن الحملة تهدف الى جمع توقيعات شعبية تلغي الشرعية الانتخابية التي تسير عليها تونس منذ 2013 وفقدت صلاحياتها. وأضاف العوني في تصريحات صحفية أن هدفهم الأول هو إعادة السلطة للشعب صاحب السيادة والسلطة وهو من أعطى الشرعية للمجلس التأسيسي في انتخابات 23 أكتوبر 2011.

ويسعى متمردو تونس الى جمع أكثر من مليون و نصف توقيع لإعادة السلطة للشعب الذي قام بالثورة، تمهيدا لاسقاط المجلس التأسيسي وحل كل المؤسسات المنبثقة عنه من حكومة ورئاسة جمهورية ودستور. وأضاف العوني أن "تمرد" تونس يحمل رؤية سياسية مغايرة ترمي إلى انتفاضة حتى على أحزاب المعارضة التي ينتمي إليها جل ناشطي الحراك.

إسقاط

وحول وقع هذه الحملة على النسق الانتقالي في تونس أوضح الدكتور سامي براهم الباحث الجامعي في الحضارة أن الحملة التونسية لا ترتقي الى مستوى الجدل الحاد الدائر في مصر، معتبرا أن الحملة تفتقد الى قاعدة شعبية حقيقية، ولا يتوقع براهم ان يكون لها جدوى في الواقع التونسي.

وبين براهم لاذاعة هولند العالمية أن مسار الانتقال في تونس ومصر مختلفان، مبينا أن تونس مسارها الانتقالي له قاعدة في الواقع وضمانا في المسار، وانتقد براهم ما تتناقله صفحات الفايسبوك من صور مبالغ فيها واعتبرها مجرد اسقاطات.

تمرد تركيا

ولم يقتصر التمرد على دول الربيع العربي فقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لحملة تمرد مماثلة لنظيرتها في مصر باللغة تركية. وتسعى الحملة التركية هي أيضا لجمع توقيعات لعزل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المحسوب على الإسلاميين في تركيا، بعد التمرد الذي شهدته تركيا في الاسابيع الماضية، ووصف المعارضون لأوردغان سياساته بأنها تعد تغيير طبيعة وهوية دولة أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة. ويتحدث قيادات التمرد في الدول الثائرة الى نهاية حكم الإسلاميين، الا ان السؤال يبقى مفتوح عن أن مآلات التمرد الغير مدروس قد يفقد التحكم فيه وفي سلميته، كما يمكن أن يكون بديل الشرعية الانتخابية مبررا لمزيد من الدماء والسلاح.

*تم نشر هذا المقال بموجب اتفاق الشراكة مع اذاعة هولندا العالمية.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق