"قبل أيام هدّد مرض السكري حياة والدتي، أٌصيبت بفشل كلوي وأسعفناها على إثر ذلك إلى المستشفى (…) منذ شبابها وهي مريضة بالسكري، لكن المعاناة زادت مع سنوات الحرب وتدهور الوضع المعيشي"، تقول دلال (23 عاماً) شابة مقيمة في مدينة حلب.
وصلت والدة دلال إلى مرحلة متقدمة من مرض السكري، ما أدى إلى توقف كليتيها عن العمل، تقول لروزنة: "أسعفناها إلى مستشفى حكومي، لكنهم لم يعالجوا حالتها المتقدمة، ما اُضطرنا إلى إسعافها لمستشفى خاص من أجل تجاوز مرحلة الخطر".
تشير أيضاً: "المبالغ هائلة، استدان والدي 18 مليون ليرة سورية (1.290 دولاراً) من أجل العلاج في المستشفى الخاص، خضعت والدتي لغسيل كلى، وبعدها أجرت عملية قسطرة في الشرايين، من أجل عملية غسل الكلى بشكل أسبوعي، أيضاَ بلغت تكلفتها أكثر من مليون ليرة سورية".
"من لا يستطيع الاستدانة أو امتلاك الأموال ربما الموت من نصيبه"، تقول دلال.
ويعد مرض السكري أحد الأسباب الرئيسية للفشل الكلوي، وأمراض أخرى مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف السفلى، وفق "منظمة الصحة العالمية".
تشير تقديرات المنظمة العالمية إلى أنّ مرض السكري ومرض الكلى الناجم عنه تسببا في عام 2019 بحدوث نحو مليوني حالة وفاة.
ووفق رئيسة رابطة الغدد الصم في نقابة الأطباء السورية، ريم مراد، فإن نسبة انتشار مرض السكري في سوريا تجاوزت حاجز الـ18 بالمئة من عدد السكّان، وفق تقرير لصحيفة "الوطن" في نيسان الفائت.
اقرأ أيضاً: الأطباء السوريون خسرتهم بلادهم ولم تكسبهم بلدان اللجوء
الحمية الغذائية.. شبه مستحيلة في سوريا لمرضى السكري
تعاني أيضاً دلال كما والدها ووالدتها من مرض السكري، لكن في الظروف الاقتصادية المتردية داخل سوريا يصبح الوضع الصحي أسوأ.
"لازم تضبطوا السكر، احتموا"، هي أكثر جملة تتردد على أذان دلال من قبل الطبيب عند الذهاب للمراجعة، تقول لروزنة: "من الصعب تأمين الطعام المناسب مع دخلنا المادي، مثل اللحم والخضروات والمواد المغذية".
الحمية الغذائية تحتاج إلى مصاريف خاصة، تلفت دلال: "كيف لنا ضبط طعامنا، ونحن لا نستطيع شراء الفيتامينات ولا الطعام المغذي، كل ما نستطيع فعله طبخ الأرز والنشويات والخبز من أجل أن نعيش، أو علينا فقط أن نأكل السلطة دون أي شيء، وهو ما لا يقدر إنسان على فعله".
ويعاني أكثر من 90 بالمئة من السوريين من الفقر، مع رواتب حكومية لا تتجاوز وسطياً الـ 300 ألف ليرة.
ويبلغ وسطي تكاليف معيشة أسرة سورية مكونة من خمسة أفراد، حتى نهاية أيلول الفائت، 9.5 مليون ليرة سورية، أما الحد الأدنى فقد وصل إلى نحو 6 مليون ليرة سورية، وفق "مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة.
قد يهمك: أغذية تمنحك الدفء والمناعة والوزن المثالي في الشتاء

أدوية مريض السكري قد تصل لنصف مليون شهرياً
يمكن علاج مرض السكري وتجنب عواقبه أو تأخير ظهورها باتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني وتناول الدواء الموصوف له وإجراء فحوصات منتظمة وعلاج المضاعفات، وفق "منظمة الصحة العالمية".
و في ظل فقدان القدرة على شراء الغذاء المناسب لمرضى السكري، الفيتامينات والأدوية اللازمة والعلاج معاناة أخرى.
"علبة الفيتامين لا تقل عن 25 ألف ليرة سورية، ما عدا الأنواع الثانية"، تقول دلال.
تحصل دلال على الأنسولين بدون حقن "هذا مصروف آخر، يومياً أحتاج إلى حقنة يبلغ ثمنها ألف ليرة، أي 30 ألف ليرة فقط ثمن حقن شهرياَ، ما عدا تكاليف تحليل السكري صباحاً ومساء، والذي يحتاج إلى شرائح التحليل، تبلغ تكلفتها مئة ألف ليرة كل 15 يوم لشخص واحد، ونحن ثلاثة أشخاص، أي 600 ألف ليرة فقط تحليل سكر لي ولوالديَ".
تضيف: "جميع المرضى في سوريا مظلومون، بما فيهم مرضى السكري (...) نحن أجساد بلا أرواح من كثرة الآلام".
وتختم دلال حديثها لروزنة: "شراء الدواء لا يقل عن 400 أو 500 ألف شهرياً للشخص، بحسب نوع الدواء، أحيانا الفقير يضطر للاستغناء عن لقمة عيشه حتى يستطيع تأمين الأدوية اللازمة، إن استطاع".

ويزداد انتشار مرض السكري في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بوتيرة أسرع من وتيرة انتشاره في البلدان المرتفعة الدخل، وفق منظمة "الصحة العالمية".
وبحسب المنظمة، ارتفعت معدلات الوفيات المبكرة الناجمة عن مرض السكري بنسبة 3 بالمئة في الفترة بين عامي 2000 و2019، وزاد عدد الأشخاص المصابين بمرض السكري من 108 ملايين في عام 1980 إلى 422 مليون في عام 2014.
وفي كانون الأول عام 2007، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً أعلنت فيه يوم 14 تشرين الثاني من كل عام باعتباره اليوم العالمي لمرضى السكري، للاعتراف بالحاجة العاجلة لمتابعة الجهود لتشجيع وتحسين الصحة البشرية، ولإتاحة إمكانية الحصول على العلاج والتثقيف في مجال الرعاية الصحية .
الكلمات المفتاحية