"كرات من اللحمة تتمدّد فوق طبقة من مثلثات الخبز المقطعة، وعلى الوجه صلصة الوشنة، وبعض المكسرات مثل الصنوبر والفستق الحلبي" هو الطبق المعروف باسم "اللحمة بكرز" الشهي الذي اعتاد أهالي مدينة حلب في صيف كل عام مع موسم الكرز على تناوله كنوع من "الدلال"، ويصفوه بـ"طبق الملوك".
"من الوشنة مو من الكرز" هي أول جملة يوجّهها أي شخص حلبي أثناء حديثه عن طريقة طبخ هذا الطبق المميز، المختلف على أصله إن كان من حلب أو مدينة أريحا التابعة لإدلب المشهورة بزراعة الكرز، ولا سيما جبل الأربعين.
في هذا الوقت تحضّر النساء أيضاً عصير "الوشنة" لتخزينه كـ"مونة"، لتضمن طبخ هذا الطبق حتى في مختلف الفصول، فيما يتعجب أهالي المحافظات السورية الأخرى من كيفية اجتماع طعم اللحم المالح مع طعم فواكه الكرز المختلط بين الحموضة والحلاوة.
لكن مع الغلاء المعيشي الذي يعاني منه السوريون غاب هذا الطبق عن موائدهم وأصبح في قائمة المنسيات.
الفرق بين الوشنة والكرز!
هناك فرق ما بين الوشنة والكرز، ولا يعلم بشكل دقيق ذلك إلا من يعمل أو يعيش في مناطق زراعتها.
وتشتهر مناطق معينة في إدلب بزراعة الكرز والوشنة التي تشبه الكرز إلى حد كبير، لدرجة تجعل الكثيرين عاجزين عن التفريق بينهما.
الوشنة هو ثمرة صغيرة الحجم طعمها أقرب إلى الحموضة، وتمتاز عند عصرها بترك صبغة لونها

أنس تريسي ابن مدينة أريحا، يقول لـ"روزنة" إنّ اللحمة بكرز تصنع من ثمار الوشنة وهي ثمار تشبه الكرز إلى حد كبير لدرجة تجعل الكثيرين عاجزين عن التفريق بينهما.
ويضيف: "طبق اللحمة بكرز أساسه من المطبخ الريحاوي، وهو مشهور جداً بحلب... قبل 2011 كان أهالي مدينة حلب يزورون جبل الأربعين لتناول وجبة اللحمة بكرز طازجة كون جبل الأربعين منطقة سياحية تتميز بوفرة لحومها الطازجة".
ويتابع: "طبق اللحمة بكرز من الأطباق المميزة في إدلب، وحتى في منازل أهالي مدينة أريحا، التي تشتهر بزراعة كافة أنواع الكرز، إضافة للوشنة".
ويشير نقلاً عن أجداده إلى أنّ هذا النوع من الطعام كان موجوداً منذ زمن العثمانيين، منذ أكثر من 100 عام، ولا يعرف من صنعه أول مرة.
كيفية تحضير اللحمة بكرز؟
وعن كيفية طبخ طبق اللحمة بكرز، تقول أم محمد لروزنة، لتحضير ذلك الطبق الشهي، كنت سابقاً أُحضر 3 كيلو من الوشنة، مع كيلو لحمة كباب، وفنجان سكر، بحسب الرغبة، ومكسرات للتزيين مثل لوز أو صنوبر، إضافة إلى خبز مقطّع لمثلثات.
تضيف أم محمد، أعصر الوشنة بعد نزع النوى، ثم أضعه على النار ليغلي مع قليل من الماء، وأضيف إليه كمية السكر وحبات قليلة من ملح الليمون، وأحركه إلى أن يصبح قوامه متماسكاً.
على الطرف المقابل أقوم بشوي كرات اللحمة المضاف إليها الملح والبهار، نصف استواء، وفي حال عدم الرغبة بشواء اللحمة يمكن إسقاطها مباشرة بعصير الوشنة، لكن يجب أن تحتوي اللحمة قليلاً على الدهن لتعطي الطبق نكهته اللذيذة.
وتتابع: بعد ذلك أقوم بإسقاط كرات اللحمة في كرز الوشنة لمدة 10 دقائق.
في صحن التقديم أضع مثلثات الخبز وفوقه بعضاً من البقدونس، ثم أسكب الكرز مع كرات اللحمة، وتزيّن باللوز أو الصنوبر حسب ما يتوفر.
كذلك يقدّم الأتراك طبق اللحمة بكرز، لكن يضيفون إليه دبس الرمان وعلى وجهه الفستق الحلبي المبشور، أما الخبز يوضع بزيت القلي أولاً ويقدم ضمن الطبق.
اليوم وبسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرة معظم السوريين على شراء أساسيات الحياة، باتت اللحمة من المنسيات، حيث يتجاوز سعر الكيلو 50 ألف ليرة سورية، أي ثلث راتب الموظف السوري وأكثر من ذلك.
الكلمات المفتاحية