إدلب: "ابني مات قدام عيوني.. لا تتخلوا عن مرضى السرطان"

وفاة شاب من إدلب بمرض السرطان - وسائل التواصل
"ابني مات قدام عيوني وما قدرت أساعده بشي، نهش جسمه سرطان القولون، احتاج لعلاج تكلفته 20 ألف دولار ما معي منهم ليرة"، بصوت مكسور يقول والد الشاب "محمد . ج" الذي توفي قبل أسبوع بسبب تأخّر العلاج وعدم قدرة جسده على تحمل الأوجاع.
في شمال غربي سوريا 608 أشخاص من مرضى السرطان "لا يتلقون أي علاج ويحتاجون بشكل عاجل للتدخل السريع" بحسب ما صرحّ زهير القراط، مدير صحة إدلب الخميس الفائت.
وترفض السلطات التركية دخول حالات مرضى السرطان، للأشخاص الذين لم يسبق لهم العلاج في مستشفياتها قبل الزلزال، في حين تسمح لمن لديه مراجعة سابقة بالدخول وتلقي العلاج، بحسب ما صرّح المكتب الإعلامي في معبر باب الهوى لـ"روزنة".
مرض اكتُشف مؤخّراً
قبل ثماني سنوات بدأ مرض محمد، عرضه والده على الكثير من الأطباء الذين لم يكتشفوا مرضه، وقبل سبعة أشهر فقط طلب الأطباء تحليل "خزعة من القولون" وحينها كانت الصدمة، إنه "سرطان القولون".
بعد اكتشاف المرض قرّر الأطباء استئصال القولون بشكل جذري "وبعد الاستئصال احتاج محمد لعلاج بكلفة 20 ألف دولار" يقول أبو محمد لروزنة.
يعيش أبو محمد (53 عاماً) مع عائلته في قرية تابعة لمدينة سلقين شمالي إدلب، وهو مزارع، لا يملك إلا قوت يومه.
يتحدث لنا أبو محمد عن تكلفة العلاج: "في الشمال السوري في حال وجدت جرعات العلاج فهي مرتفعة الثمن، هناك جرعات ثمنها 1600 دولار، ومنها ألف دولار ومنها 150 دولاراً".
وأعلنت رئيسة وكالة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوشا" في تركيا، في وقت سابق، أن 90 بالمئة من سكان شمال غربي سوريا يعتمدون على المساعدات، لكن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية، لعام 2023، تم تمويلها بنسبة 11 بالمئة فقط.
خيارات غير متاحة
كان أمام أبو محمد ثلاثة خيارات لعلاج ابنه الذي نهش المرض جسده مع كل يوم، إما العلاج في مناطق النظام، أو في تركيا، أو العلاج على حسابه، وفق ما أخبره الطبيب.
جميع تلك الخيارات لا قدرة لأبو محمد عليها "ما فيني روح عالشام عند بشار الأسد، بخاف روح ما أرجع، والعلاج بالشمال غير ممكن، وبتركيا ما عم يدخلوا مرضى السرطان".
مدير صحة إدلب أوضح في بيانه، أنه "يتوفر علاج لـ 6 أنواع من السرطان فقط، أما باقي الأنواع لا يتوفر العلاج الكيميائي أوالشعاعي لعدم توفر الأجهزة".
اقرأ أيضاً: عن "التزام" النظام بمرضى السرطان السوريين.. أطباء: عجز والعلاج بالملايين!

انتظار الموت
سجّل أبو محمد اسم ابنه في قائمة من بين أسماء ثلاثة آلاف مريض سرطان، في الشمال السوري، من أجل الدخول إلى تركيا بعد الحصول على موافقة السلطات التركية.
ويوضح "سجلت اسم محمد بالقائمة، وانتظرت 25 يوم، كان المفروض تجي لجنة طبية تركية لمعبر باب الهوى، وتختار أصعب الحالات ليدخلوا ويتعالجوا في تركيا، لكن ما أجت".
منذ مطلع أيار سمحت السلطات التركية بدخول حالات مرضى السرطان القدامى لاستكمال العلاج، ولم تسمح لأي حالات جديدة بالدخول، من بعد الزلزال، وفق معبر باب الهوى.
في الشهر الأخير من حياة محمد، أصبح يصرخ من الألم ليلاً ونهاراً في المستشفى، "عاش على المسكّنات… ابني عم يموت قدام عيوني وما قدرت أساعده بشي" يتحدث أبو محمد، وفي صوته بحة وألم الفراق.
بارقة أمل!
انتظرت العائلة في كل لحظة أي هاتف أو مساعدة تخبرهم بأن محمد سينجو، عاشوا على ذلك الأمل وهم يشاهدونه في كل ثانية يتلوّى من الألم.
قبل أسبوع من وفاة محمد، جاء أحد الإعلاميين وصور مقابلة مع محمد في مستشفى الرحمة بدركوش غربي إدلب، وفي ذات اليوم حصل على قبول الدخول إلى تركيا من معبر باب الهوى، وتكفل أحد الأشخاص بعلاجه.
"يتابع والد محمد حديثه بأسى "مع الأسف كنا متأخرين، علاجه صار صعب وما عاد يتقبل جرعات العلاج، عاش على التنفس الاصطناعي لمدة أسبوع وتوفي في أحد مستشفيات ولاية كيليس جنوبي تركيا"،
ناشد أبو محمد جميع المنظمات والجهات المعنية وتركيا بمساعدة مرضى السرطان: "ابني مات الله يرحمه، بس باقي مرضى السرطان بالشمال السوري ما إلهن حدا ولا طريق ولا علاج، صارت الأمور صعبة، أتمنى من الجميع المساعدة، وافتتاح مستشفى لعلاج مرضى السرطان".
قد يهمك: "أنقذوا مرضى السرطان".. حملة جديدة في إدلب وخيار الاعتصام حاضر

الزلزال عقبة
أكدت مديرية صحة إدلب وجود أكثر من 3000 مريض سرطان، بينهم 65% أطفال ونساء، نصف هؤلاء المرضى تقريباً يتوفر علاجهم في المنطقة.
وبعد زلزال 6 شباط أوقفت السلطات التركية دخول حالات مرضى السرطان، وفي مطلع أيار عادت لاستئناف دخول المرضى القدامى ما قبل الزلزال، أما من اكتشف مرضه بعد شباط، لا يستطيع الدخول إلى تركيا.
وقال مدير مكتب العلاقات العامة والإعلام في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، مازن علوش، لروزنة: "إن التوقف جاء بسبب تضرر معظم المستشفيات التركية في ولاية هاتاي التي تستقبل المرضى السوريين".
وبحسب علوش، سمح الجانب التركي بدخول 15 مريضاً يومياً في المرحلة الأولى، على أن يرتفع العدد بعد عيد الأضحى إلى ما كان عليه قبل التوقف، وهو 30 مريضاً في اليوم.
وتستمر المطالبات بإيجاد حل فوري ينقذ حياة المئات من مرضى السرطان في إدلب وريف حلب، في ظل استمرار رفض السلطات التركية إدخال الحالات التي لم يسبق لها العلاج في مستشفياتها قبل زلزال 6 شباط.
وأطلق ناشطون وإعلاميون وصناع محتوى مؤخراً نداءات استغاثة وحملات لدعم وإنقاذ مرضى السرطان في شمالي سوريا، بعد حدوث حالات وفاة بسبب نقص الدعم وعدم توفر العلاج لجميع مرضى المنطقة.
وناشد "الائتلاف السوري" خلال اجتماع مع السلطات التركية في إسطنبول، أمس الجمعة، الأمم المتحدة والدول الصديقة والمانحة بالتحرك العاجل لمعالجة المرضى بشكل إسعافي من جهة، ومن أجل تأسيس مركز علاج مجهز في الشمال السوري من جهة أخرى.
الكلمات المفتاحية