أم غنى تروي لروزنة التفاصيل: "اختفت فراشة البيت.. قتلوا مدللتي"

الطفلة السورية غنى - روزنة
الطفلة السورية غنى - روزنة

نساء | 07 أبريل 2023 | إيمان حمراوي

الخامسة والنصف من كل يوم، موعد عودة الطفلة السورية غنى (9 سنوات) من المدرسة إلى منزلها في مدينة كيليس التركية،  لكن عصر الرابع من نيسان، كان مختلفاً، لم تعد غنى.


غنى في الصف الثالث الابتدائي وهي أصغر فتاة في العائلة المؤلفة من 4 إناث و4 ذكور، والوالدان، وتنحدر العائلة من بلدة حريتان بريف حلب الشمالي.

أوشكت الشمس على الغروب، والأم في انتظار ابنتها قلقة وخائفة من حصول مكروه لها، كتمت قلقها قليلاً، لكن مع حلول الساعة السادسة وعدم ظهور أي أثر لغنى، انطلق الجميع في رحلة البحث عن الطفلة، لتنتهي بالعثور عليها جثة مرمية في بئر بمنزل مجاور.

حدثتنا والدتها عن التفاصيل، عن غنى واختفائها وكيفية العثور عليها في منزل الجار المتهم الرئيسي بقتلها، ومسار التحقيق حتى الآن.

إحساس الأم 

انتشرت العائلة في كل مكان يبحثون عن الطفلة  في المحيط القريب من العائلة والأصدقاء، والجواب الوحيد كان هو النفي: لم نشاهد غنى، وهذه الجملة كانت كفيلة أن تزيد من فزع الأهل. 

بعد أن فشلوا في العثور عليها بمفردهم، توجهوا للشرطة. تقول أم غنى لروزنة: "ذهبنا إلى أقرب مركز شرطة، طلبنا منهم المساعدة في البحث عنها وفتح الكاميرات" تتابع و بألم يعصر صوتها تقول: "في سرّي كنت أدعو أن تكون بخير".

قامت الشرطة في المنطقة بمراجعة الكاميرات الموجودة بالقرب من محيط المدرسة والممتدة حتى منزل عائلة الطفلة، وكل ما يمكن مشاهدته طفلة صغيرة تحمل حقيبة مدرسية تسير هادئة باتجاه منزل عائلتها في حي "أوكشلار"، وفجأة تختفي الفتاة، لتغيب عن تسجيلات الكاميرات بمسافة نحو 30 متراً عن المنزل.

انطلقت العائلة من جديد في رحلة بحث ولكنها كانت محددة أكثر من المرة السابقة، وبدأوا بطرق أبواب المنازل التي غابت عنها تسجيلات الكاميرات.

البيت الأول لم ير الطفلة، البيت الثاني كذلك، في البيت الثالث قابلت الأم رجلاً خمسينياً ارتبك حين شاهدها،  لكنه أيضا أجاب كما جيرانه: لم أشاهد الفتاة.

تقول والدة الطفلة إن حالة الارتباك التي علت على وجه الرجل جعلتها تشك بتورطه في حادثة الاختفاء : "شعرت أنه يخفي شيئاً، إحساسي أخبرني أن ابنتي في داخل منزله، فهو من مدمني المخدرات وشخص سيء السمعة".
 
السلطات التركية تلقي القبض على اثنين من المشتبه بهم بقتل الطفلة غنى -صحف تركية
السلطات التركية تلقي القبض على اثنين من المشتبه بهم بقتل الطفلة غنى -صحف تركية

المشتبه به.. هارب

صدّقت الأم إحساسها، فسمعة الرجل السيئة وافتعاله المستمر للمشاكل دفعتها وزوجها للتوجه فوراً إلى الشرطة للإبلاغ عنه والتقدم بطلب لتفتيش منزله، وهو ما كان. 

اشتعر الرجل بالخطر، وفرّ هارباً قبيل ساعات من تفتيش منزله يوم الأربعاء الماضي.

وصلت الشرطة إلى منزل الرجل،  فتشت بيته المكون من طابق أرضي (يعرف بالمحلية: بيت عربي)، و لكنها لم تجد شيئاً في الغرف، ولم يبقَ سوى البئر الذي يبلغ عمقه 12 متراً، حيث بدؤوا بسحب مياهه، وكانت المفاجأة بالعثور على جثة الطفلة غنى، وقد ربطها بحجر لتنزل إلى القاع.

"كانت غنى فراشة المنزل، ذهبت ومعها ضحكتها ونشاطها، الآن وجهها مشوّه، أحد أسنانها مكسورة، وعينها زرقاء"، تحكي الأم بحرقة، وتقول: "أتمنى ألا تكون قد تعذّبت قبل وفاتها".

رغم تحويل جسد الطفلة إلى إحدى مستشفيات المدينة لتشريح الجثة، لكن إلى الآن لم يصدر تقرير الطب الشرعي.

أمس الخميس كانت مراسم دفن مدللة العائلة" في منطقة  "أسري مزارليك".

اقرأ أيضاً: كيليس.. عائلة الطفلة غنى بعد العثور على جثّتها:"الجار أنهى حياتها"



تحقيقات سرية

"حاولنا معرفة بعض المعلومات من السلطات لكن عرفنا أن التحقيق سري"، يقول والد غنى لروزنة، ويضيف: "لا نريد سوى القصاص من قاتل ابنتنا".

فرع الأمن العام ألقى القبض على شخصين بتهمة "القتل العمد" وهما (أ.أ) و(هـ . ب)، وفق ما ذكر موقع تلفزيون "ntv" اليوم الجمعة.

مكتب المدعي العام في كيليس أدلى ببيان نقله الموقع: "تم اتخاذ قرار السرية في نطاق التحقيق، ويجري التحقيق بدقة من قبل مكتب المدعي العام لدينا".

أما مدير هجرة كلّس وخلال زيارته لعائلة غنى، لتقديم العزاء، أكّد أن "القضية يتم متابعتها من أعلى المستويات، وأن العقاب للجاني قادم"، بحسب ما نقلت صفحة "كوزال" المعنية بالشأن السوري في تركيا.

استلمت نقابة المحامين في كيليس قضية غنى، ومنعت أي محامين آخرين من التدخل، كما يقول والد غنى.

لباس العيد.. وأمنية اللعبة

تستذكر والدة غنى والدموع في عينيها ابنتها، وتقول: "غنى حساسة مرهفة، في عيد الأم أهدتني باقة من الزهور قطفتها من المرج (...) وقبل أيام من وفاتها اشتريت لها بعضاً من لباس العيد، تنورة وبنطالاً وكنزة، قالت لي: لا أريد لباساً أريد لعبة".

الأمنية الوحيدة التي ترافق الأم المكلومة منذ الحادثة هو الانتقام من القاتل: "لا أتمنى سوى أن ينتقم لي من قاتلها، كل طفل يجب أن نطالب بحقه، لا يمكن الصمت عن الظلم".

الجريمة هزّت الشارع السوري والتركي، إذ تجمع عدد من السوريين والأتراك حول مركز الشرطة الذي اعتقل المشتبه به، مطالبين بتحقيق العدالة.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في ولاية كيليس 214 ألف و107 أشخاص، من أصل ى 3،762،686 يقطنون في تركيا، تحت الحماية المؤقتة، بحسب إحصائية لدائرة الهجرة التركية صادرة في أيار عام 2022.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق