ليلة غازي عنتاب القاسية..عندما اجتمع خوف العاصفة والزلزال في قلبي

غازي عنتاب ليلاً في الـ 17 و 18 من آذار جراء العاصفة - فيسبوك
"مع أول صوت رعد أدركت أن العاصفة بدأت، وكانت التحذيرات كثيرة وواضحة بأننا في عين العاصفة، حضّرت حقيبة سريعة إضافية لحقيبة الزلزال، جهّز زوجي مظلّتين وحمل مصباحاً صغيراً، كنّا نتحضّر للكارثتين إذا ما حلّتا معاً، العاصفة والزلزال".
أم عبد الله (34 عاماً) هي إحدى السيدات التي عاشت ليلة قاسية في غازي عنتاب جنوبي تركيا، عندما بدأت عاصفة هي الأعنف منذ أن قدمت إلى المدينة قبل 7 سنوات.
رغم التوقعات.. العاصفة كانت مخيفة
لم تكن العاصفة مفاجئة، فقد حذّرت هيئة الكوارث التركية "آفاد" من أمطار غزيرة قد تسبب سيولاً وفيضانات، إضافة إلى رعد وبرد.
وأرسلت إلى هواتف الناس رسائل قبل العاصفة بساعات تحذّر من سيول وفيضانات وثلوج على المرتفعات.
أبو محمد، 46 عاماً، من حلب مقيم في غازي عنتاب يقول "لم نكن نتوقّع كل هذه الأمطار والسيول، بعض الشوارع غرقت تماماً، منزل جارنا اخترقته المياه، وقضى ليله كما وقت الزلزال في سيارته".
تشهد مدينة غازي عنتاب الآن عاصفة مطرية ورعدية وتساقط غزير لحبات البرد. شو اسم البَرد بلهجتك؟ يمكنك الإبلاغ عن مشاكل الأمطار والبرد التي تحتاج إلى فرق للتدخل بالإتصال على الرقم 153.
Posted by Rozana - روزنة on Friday, March 17, 2023
على بعد 150 كيلو متر شرقي غازي عنتاب، ولاية أورفا التي شهدت فيضانات وسيولاً منذ يومين أدت إلى وفاة 18 شخص، بحسب وزير الداخلية سليمان صويلو، بينهم 5 سوريين من عائلة واحدة، هنا أدرك السوريون في غازي عنتاب أن العاصفة التي حذرت منها "آفاد" ليست سهلة.
تحضيرات للكارثتين
"الخوف لم يكن من العاصفة بحد ذاتها، الخوف كان من أي هزّة جديدة ارتدادية، في هذه الحالة إلى أين سنخرج، في حال خرجنا أحياء" تقول نيرمين، 34 عاماً، من الباب مقيمة في غازي عنتاب.
وتضيف نيرمين "أنا أيضاً حضّرت نفسي لكارثة محتملة، كنت خائفة جداً، الليل في غازي عنتاب أصبح كابوساً بالنسبة لنا، فإما زلزال أوعاصفة، وما زاد الخوف والقلق، استيقاظ أطفالي، كانوا في حالة رعب، ويتساءلون عما يحدث، أنا لم أكن أعرف بماذا أجيب، كنت خائفة أيضاً، حاولت أن أخفي دموعي عنهم".
وضرب الزلزال في السادس من شباط الفائت تركيا وسوريا، وبلغت قوته 7.7 و 7.6، وأدى لوفاة أكثر من 52 ألف شخص في كلا البلدين، وأضرار واسعة بمليارات الدولارات.
لنرمين، ثلاثة أطفال، أكبرهم بعمر الـ7 سنوات، تجمّعوا في غرفة واحدة، أغلقت بالستائر نوافذ غرفتها، وشغّلت لأطفالها مسلسلاً كرتونياً يحبونه على هاتفها، كانت مرتدية ملابسها الكاملة، مع الحجاب، وعلى طرف سريرها، سترات الأطفال، تحسّباً للحظة الخروج من المنزل باتجاه العاصفة.
تقول نيرمين "كانت الساعة الثانية عشر والنصف ليلاً، أصوات الرعد قويّة، والبرد يهطل بشدّة ويصل إلى النوافذ ليصدر صوتاً إضافياً أقوى، لم يكن سهلاً إلهاء أطفالي، حينها سمعت أطفال جيراني يصرخون ويبكون".
ونشر سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي في غازي عنتاب مخاوفهم من تلك الليلة القاسية، منهم نسرين، التي قالت إنها ولأول مرة تشاهد بعينها عاصفة كهذه، تزامناً مع إشعارات الهزات الارتدادية المتتالية على الهاتف المحمول مع البرق والرعد.
اقرأ أيضاً: سوريات تغلّبن على الزلزال: "القوة أفضل خيار لنا"
نزوح مؤقت
تمكّنت نيرمين من تمضية هذه الليلة إلى جانب أطفالها، نامت أخيراً عند الساعة الثالثة والنصف، على عكس عائلة أبو عبدو، التي أُجبرت على ترك منزلها في أقبية أحد أبنية غازي عنتاب.
التحذيرات كانت كثيرة، بعضها كان يتحدث عن إمكانية أن تخترق مياه السيول المنازل الأرضية والأقبية، وتغرقها.
"لم يكن عندي خيارات، عرض قريب لي أن أبيت عنده، لم أفكّر كثيراً، توجّهت مع عائلتي إليه، وما زلنا عنده".
عند صباح اليوم، تفقّد أبو عبدو منزله، كان مهدداً بالغرق، لكن ولحسن الحظ لم تصل المياه إلا لممر منزله.
يقول أبو عبدو "لم أكن أفكّر في العاصفة، كنت خائف جداً من أن تتزامن العاصفة مع هزّة أرضية، حينها كان لتكون النهاية، لكن الحمدلله، مرّت الليلة خالية من الهزّات".
على موقع آفاد لأخبار الزلازل، لم تسجّل هزّات أرضية في غازي عنتاب، فقط عند الثامنة و14 دقيقة صباحاً في كهرمان مرعش القريبة، كانت عاصفة عنتاب قد هدأت وبدأت مياه السيول المتشكّلة بالانحسار.
وتعتبر ولاية غازي عنتاب من إحدى الولايات المنكوبة المتضررة من زلزال 6 شباط، والتي يتجاوز عدد اللاجئين السوريين فيها أكثر من 400 ألف شخص.
ماذا عن قاطني الخيم؟
"للمرة الأولى شعرت نفسي بلا حماية أنا وابنتي ذات الست سنوات، كما لو أن السماء غضبت علينا فأرسلت كل ما لديها من أمطار وبرق ورعد وبرد، لوهلة ظننت أن الخيمة ستقتلع من أثر العاصفة"، تقول حنان، سورية تجلس في إحدى خيم "آفاد" بمدينة غازي عنتاب بعدما تضرر منزلها من أثر زلزال 6 شباط.
"كان خوفي الأكبر على ابنتي، لم أعد أعرف أين أخبئُها، كل الليل وهي بحضني، فيما السيول تجري من تحت الخيمة كل الوقت"، تضيف حنان.
أما في الشمال السوري دمّرت السيول بعض الخيام في عدد من المخيمات.
العاصفة المطرية التي ضربت الشمال السوري أدت إلى أضرار جزئية في 17 خيمة ضمن مخيم "نيارة" لإيواء الناجين من الزلزال قرب مدينة اعزاز وبمخيم "صلاح الدين" للمهجرين في مدينة جنديريس بريف حلب الشمالي، كما قال "الدفاع المدني السوري" لروزنة.
لم تنتهِ المعاناة هنا، كما تسببت الأمطار الغزيرة بأضرار في مخيمين بباب السلامة وخيام لإيواء الزلزال في بلدة الشيخ حديد وفي طرقات راجو - بعدلي - الشيخ حديد شمالي حلب.
أضرار جزئية بـ 17 خيمة ضمن مخيم نيارة لإيواء الناجين من الزلزال بالقرب من مدينة إعزاز وبمخيم صلاح الدين للمهجرين بمدينة...
Posted by الدفاع المدني السوري on Saturday, March 18, 2023
الكلمات المفتاحية