"ما حقيقة موتها؟".. وفاة شهد بالسويداء تتحوّل لقضية رأي عام

الشابة شهد من السويداء - روزنة
الشابة شهد من السويداء - روزنة

نساء | 11 مارس 2023 | إيمان حمراوي

"استخدام السلاح بشكل خاطئ"، عبارة تداولتها الصفحات المحلية عبر مواقع التواصل، لاختصار سبب وفاة شابة في السويداء قبل أيام، لتبدأ الأسئلة تثار تباعاً من صديقاتها ومحيطها: لماذا يريدون إخفاء السبب الحقيقي؟ ما الذي كانت تفعله طالبة بالسلاح؟ وكيف يكون الاستخدام خاطئاً؟ قولوا الحقيقة!


بعد مرور نحو أسبوع على وفاة الشابة (شهد ز.ا) في محافظة السويداء، لا زال التكتم الكبير على سبب الوفاة سيد الموقف، لكن الغضب بدأ بتحويل الخبر عن الوفاة نتيجة حادث، إلى قضية رأي عام والمطالبة بفتح تحقيق والكشف عن تقرير الطب الشرعي لإيضاح أسباب الوفاة.

تعددت الروايات حول وفاة الفتاة (17 عاماً) المنحدرة من قرية تيما شرقي السويداء، بين انتحار أو قتل على يد أحد أفراد أسرتها أو حادث عرضي باستخدامها لسلاح في منزلهم عن طريق الخطأ.

تواصلت معدة المادة مع مصادر محلية للتحقق من المعلومات حول خسارة مراهق سوري جديد لحياته، وسط اتهامات بمحاولة التستر عن أسباب الوفاة من قبل المجتمع الأهلي وغياب التحقيقات الرسمية.

ما لم ينشر.. انتحار بسبب التعنيف!

قال الصحفي حمزة المختار من قاطني السويداء، لروزنة، إن شهد أنهت حياتها بإطلاق الرصاص على نفسها بسبب تعنيف والدها الخمسيني لها وسوء معاملتها، نقلاً عن شهادات متقاطعة لصديقات الشابة والمحيط في منطقتها.

ويضيف: "كانت شهد تتحدث كثيراً عن الانتحار أمام صديقاتها (...) اختفى مبلغ مالي من المنزل، واتّهم فيه (الوالد) شهد، كان هذا الأمر هو النهاية بالنسبة إليها".

بدورها، كشفت إدارية في منصة "أمان" المحلية لروزنة أنها تأكدت من تعرض الشابة قبل فترة قصيرة إلى تعنيف أسري من قبل الأب "وجد على جسدها آثار كدمات من قبل الأصدقاء والأهالي حيث تقيم"، متابعة: "سواء كانت الطريقة التي توفيت فيها شهد، انتحار أم قتل، فإن أساسها التعنيف الأسري".

صحافية تنشر وتحذف: شهد انتحرت

الصحافية في "تلفزيون لنا" كريستين شاهين، نشرت على حسابها في فيسبوك معلومات (حذفتها لاحقاً) تتقاطع مع ما ذكره الصحفي حمزة المختار، إذ قالت إن شهد قتلت نفسها بسبب والدها "شهد ذنبها الأول إنها حبّت، وكان عقابها تعنيف وضرب لمدة أسبوع، حرمان من مدرستها ورفقاتها وموبايلها".

وأضافت أن الفتاة تعرضت لتعنيف سابق مرات عدّة على يد والدها، مشيرة أن المعلومات لديها تفيد أن "شهد موقعها بيّها (والدها) من درج طابق رابع قبل بمرّة".

وحسب ما نشرته الصحافية "شاهين" فإن سبب الوفاة هو اختفاء مبلغ مالي وتهديد الوالد بإنهاء حياة الفتاة إن لم تعيده، الأمر الذي دفعها لإطلاق النار على نفسها بسلاح فردي "بارودة" كانت أعدتها للاستخدام قبل نحو أسبوع.

حذفت كريستين شاهين المنشور لاحقاً، بعد تواصلها مع ذوي الفتاة، إذ وعدتها الأخت بنشر توضيح كامل و"صريح للقصة واللي غلطان رح يتحاسب.. وحقها برقبتي لو شو ما يكون صاير".
 

من جانبها، أبقت الصحافية لجين حتوم على منشور كريستين على صفحتها، وجادلت المعلقين المطالبين بحذفه أن ما ذكر هو الحقيقة وجرى التأكد من دقة الرواية، ولن تحذف ما نشرته "إلى أن يظهر عكس ذلك".
 

روايات متعددة

نقلت صفحة "السويداء 24" رواية العائلة حول مقتل الفتاة شهد، والتي ادّعت فيها أنها قتلت جراء "استخدام السلاح بشكل خاطئ"، الأمر الذي يرجعه معلقون إلى "ضمان دفن الفتاة، وتجنب القيود الدينية والمجتمعية حول الانتحار وحكم المنتحر و و.." وعدم محاسبة المتهمين بدفعها لإنهاء حياتها، حسب الرواية المتداولة.

وانتشرت رواية أخرى، جاء فيها أنّ شهد قتلت على يد أحد أفراد أسرتها، وهو ما أكدته مصادر لـ"السويداء 24" في ظل تكتم شديد من عائلتها على ظروف الجريمة.

وفي رواية ثالثة قتلت على يد والدها رمياً بالرصاص بعد أن شاهدها برفقة شاب أثناء عودتها من المدرسة، وفق "أخبار السويداء".

وتناقلت حسابات عبر مواقع التواصل أنها لصديقاتها ومعارفها، أن الفتاة انتحرت بعد تعرضها لتعنيف وضغط من والدها.

مطالبات بفتح تحقيق

طالبت إدارة منصة "أمان" عبر حملة نشرها نشطاؤها بفتح تحقيق لتحريك الحق العام، كونهم لم يسمعوا بأي تحقيق بدأ لبحث حيثيات وفاة الشابة أو قتلها، في ظل حالة استياء عامة لعدم القدرة على الوصول إلى نتيجة تقرير الطب الشرعية جراء التكتم الشديد حول أسباب الوفاة.

تقول المنصة: "لم نسمع إلا بدفن الفتاة دون أي تحقيقات"، مضيفة إدارتها لروزنة: "يجب الاستمرار بالمطالبة بفتح تحقيق حول أسباب الوفاة، لأن هناك كثيرون مثل شهد".

ووزعت "أمان" منشورات على شريحة من اليافعات واليافعين من طلاب المدارس، بهدف التوعية بالآثار المترتبة على الرضوخ للتعنيف والمطالبة بفتح دعوى "بحق قاتل الفتاة شهد".
 

الصحافي حمزة مختار علّق على التعامل القانوني مع مثل هذه القضايا: "فوضى عارمة وممنهجة في المنطقة وعدم وجود أي تحقيق رسمي بتلك الجرائم من قبل الجهات المعنية، هو ما أدى إلى ازديادها".

اقرأ أيضاً: السويداء: مقتل امرأة على يد والدتها وخالها بداعي الشرف!

وأصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" الأربعاء، تقريراً في اليوم العالمي للمرأة، ذكرت فيه أن حوادث العنف ضد المرأة القائمة على النوع الاجتماعي والعنف الأسري لم تتوقف خلال سنوات، واتسعت ممارستها بحق النساء النازحات والمتأثرات بالنزاع والأزمات الإنسانية.

 ووثق التقرير منذ آذار/ 2022 حتى آذار/ 2023 ما لا يقل عن 16 حادثة عنف ضد المرأة من بينها حالتي قتل طالت النساء بدافع جنساني على يد أسرهن أو شركائهن، معظمها بذريعة "الشرف" أو رفض النساء لتزويجهن قسرياً، أو حالات ناجمة عن عنفٍ من الرجل.

 واعتبر التقرير أن هذه الاعتداءات والجرائم انعكاس واضح لمدى هشاشة البنية القانونية والقضائية الناظمة لحقوق المرأة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق