منح العقارات الفارغة لمتضرري الزلزال.. ما قانونية المقترح في سوريا؟

مركز إيواء في ملعب بجبلة - اللاذقية
أثار أحد المحامين السوريين الجدل بعد مقترح له بإقرار مرسوم تشريعي يسمح لحكومة النظام بالاستيلاء على شقة سكنية فارغة لمن يملك شقتين، لمنحها لإحدى العائلات المتضررة من زلزال 6 شباط بعد أزمة السكن الحالية جراء الكارثة.
المحامي محمود بستاني، وخلال مقابلة مع الإعلامي نزار الفرا، قال إنّ هناك عدة حلول مؤقتة لتفادي أزمة السكن الحالية، منها البيوت مسبقة الصنع وإعادة تفعيل المشاريع السكنية.
وأضاف: "يجب سن قانون استملاك لجميع الشقق الفارغة، كل من يملك شقتين عليه التنازل أو البيع أو تأجير إحدى الشقتين… أي شقة سكنية فارغة تستولي عليها الشرطة وتسلمها لعائلة متضررة"، متسائلاً: "ليش ما نتقاسم؟".
أفكار جديدة لمرحلة ما بعد الزلزال يطرحها المحامي من حلب محمود بستاني .
Posted by Nizar Alfarra on Thursday, March 2, 2023
الإعلامي "الفرا" رد على المحامي بقوله: "إن ذلك صعب جداً ويخلق لدى الناس ردة فعل عنيفة، لكن ممكن أن يكون التنازل لمدة عام مثلاً".
وكشفت "اللجنة العليا للإغاثة" التابعة لحكومة النظام السوري، في تقرير لها في الثاني من آذار، الأضرار التي تسبب بها الزلزال في عدد من المحافظات السورية، وذلك بعد مرور 24 يوماً على الكارثة.
ووفق التقرير الذي نقلته وكالة "سانا" إن عدد العائلات المتضررة بلغ 91 ألفاً و794 أسرة، أي 414 ألف و304 أشخاص متضررين، فيما بلغ عدد من أنقذ من تحت الأنقاض 1553 شخصاً، والمفقودين ستة أشخاص.
ويبلغ عدد الأبنية غير الصالحة للسكن، وفق اللجنة، 4 آلاف و444 مبنى، أما الأبنية التي تحتاج إلى تدعيم بلغ عددها 29 ألفاً، والمباني الآمنة التي تحتاج إلى صيانة بلغ عددها 30 ألفاً، فيما هُدم 292 مبنى كان معرضاً للسقوط.
اقرأ أيضاً: أكثر من 5 مليار دولار… خسائر سوريا المادية بسبب الزلزال
سلب العقارات الفارغة.. على ماذا نصّ القانون السوري؟
يتخوّف سوريون من وجود قانون يسمح بسلب عقاراتهم الفارغة، خاصة بعد مقترح المحامي الأخير وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
المحامي السوري عارف الشعال قال لروزنة، إنّ قانون الإيجارات القديم، وفق المرسوم التشريعي (111) للعام 1952 سمح بتأجير المنازل الشاغرة قسراً عن إرادة المالك بواسطة دائرة أحدثها في كل محافظة وبلدية تسمى "الدائرة الاجتماعية" تعمل بإشراف قاضي الصلح، يحق لرئيسها تأجير المنزل الشاغر نيابة عن المالك.
وفي عام 1970 صدر المرسوم التشريعي رقم (187) الذي سلم أمر "الدائرة الاجتماعية" للمحافظ ورئيس البلدية، وجعلها تحت إشرافهما، موضحاً أنّ تلك الدائرة كانت سمعتها سيئة، حيث تواتر قيامها بتأجير عقارات كان أصحابها مسافرين، ما عدا المحسوبية التي سادت عملها، حيث كان المستأجر دائماً من أصحاب النفوذ ما أدى لتجميد العمل بنصوصها منذ مطلع السبعينيات، وألغيت رسمياً بقانون الإيجار (6) لعام 2001.
وفيما يتعلّق بمقترح المحامي "بستاني"، أشار "الشعال" إلى أنّ الدولة لا تلجأ إلى هكذا حلول، وما كلامه "إلّا شطح من الخيال"، لافتاً إلى عدم وجود نص قانوني يلزم الدولة بدفع تعويضات للمنكوبين.
نسخة مصورة للمرسوم 111
وبحثت روزنة عن النصوص القانونية المذكورة وتعديلاتها، ووصلت إلى نسخة مصوّرة من المرسوم التشريعي (111) للعام 1952.
وجاء في المادة (11) من المرسوم، أنه " تحدث دائرة في كل بلدية تدعى الدائرة الاجتماعية، مهمتها تسجيل العقارات الشاغرة المعدة للسكن بالأجرة، أو الصالحة لتكون مدارس باستثناء الأبنية الحديثة، وتوضع تحت إشراف قاضي الصلح الذي له تعديل أي إجراء تتخذه هذه الدائرة.
وتقول المادة (13) من المرسوم، أنه على المالك لبناء قديم أن يسجل بالدائرة الاجتماعية كل عقار معد للسكن بالأجرة خلال 15 يوماً من تاريخ إخلائه، وإذا لم يؤجر المالك العقار خلال هذه المدة يؤجره رئيس الدائرة الاجتماعية ببدل يحدد وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي، وكل من يخالف هذه المادة يعاقب بالسجن من شهر إلى سنة وبغرامة من 50 إلى 500 ليرة.
وفي المادة (15) من المرسوم، يحق لـ"مخاتير الأحياء ورؤساء مخافر الشرطة وموظفي الدائرة الاجتماعية البحث عن العقارات الشاغرة المعدة للسكن بالأجرة، ولهم الحق بدخولها للتحقق من شغورها بعد الحصول على أمر قضائي من القاضي المشرف على الدائرة الاجتماعية.
المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1952
وبحسب المادة 4 من المرسوم التشريعي (187) لعام 1970 المعدل على المرسوم 111 لعام 1952، جاء فيها أنه: "تلغى من المادة 11 من قانون الإيجارات عبارة: ( وتوضع تحت إشراف قاضي الصلح الذي له تعديل أي إجراء تتخذه هذه الدوائر) ويستعاض عنها بالنص التالي:(وتوضع تحت إشراف أمين العاصمة أو رئيس البلدية المختص الذي له تعديل أي إجراء تتخذه هذه الدوائر) .
قانون يلغي السماح للدولة بالاستيلاء على العقارات
قانون الإيجارات الجديد رقم 6 لعام 2001، وفي المادة (17) منه ألغت أحكام المرسوم التشريعي رقم (111) لعام 1952 وتعديلاته، وأحكام القانون (464) للعام 1949 والمرسوم (3) للعام 1987، أي أنها ألغت العمل بقوانين المرسوم 111 الذي يسمح للدولة الاستيلاء على العقارات وتأجيرها.
وكان "البنك الدولي" التابع للأمم المتحدة، قال الجمعة الماضية، إنّ الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا شهر شباط الفائت، تسبّب في خسائر مادية لسوريا تقدّر بنحو 5.1 مليار دولار.
ووفق البنك، إن القيمة الحالية للمباني والبنية التحتية التي لحقتها أضرار أو دمار تقدر بنحو 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، وإن محافظة حلب وحدها، هي أشد المحافظات تضرراً، إذ سجلت 54 بالمئة من إجمالي الأضرار التقديرية الناجمة الزلازل، تلتها إدلب بنسبة 37 بالمئة من الأضرار ومن ثم محافظة اللاذقية بنسبة 11 بالمئة.
الكلمات المفتاحية