الطفلة شام تخسر ساقيها وتكسب حياتها 

الطفلة شام أثناء تلقيها العلاج في مستشفى بإدلب - من الإنترنت
الطفلة شام أثناء تلقيها العلاج في مستشفى بإدلب - من الإنترنت

صحة | 04 مارس 2023 | نور الدين الإسماعيل

بعد رحلة مريرة من المعاناة، ينتهي المطاف بالطفلة السورية شام ببتر ساقيها، بعد وصولها إلى الإمارات العربية المتحدة قادمة من تركيا، لتلقي العلاج من متلازمة الهرس، بعد انتشالها من بين ركام منزلهم الذي تهدم نتيجة الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في 6 شباط الماضي.


اقرأ أيضاً: مناشدات لإنقاذ الطفلة شام من "متلازمة الهرس" بعد إدخالها إلى تركيا



شقيقها عمر، رافقها في جميع تفاصيل رحلة المعاناة التي عاشتها شام، قبل وأثناء وبعد الكارثة، إلا أن أملاً جديداً ترك له ساقه اليسرى بعد استجابتها للعلاج، إثر بتر اليمنى، نتيجة إصابته بالهرس، بحسب ما أخبرنا به مقربون من العائلة.

العائلة المهجرة من ريف معرة النعمان، نتيجة العمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام السوري وروسيا مطلع عام 2020 على ريف إدلب الجنوبي، دفعها النزوح للإقامة في مدينة أرمناز شمالي غربي سوريا.


لحظات عصيبة ومناشدات


بدأت قصة الطفلة بالانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي بعد تداول مقاطع لها أثناء عملية إنقاذها من قبل الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، وهي تتحدث إليهم، مكملة لأحد المتطوعين أغنية "يا شام أنت شامنا"، كما اقترحت من بين الركام حلولاً لإنقاذها، قبل أن تعلن فرق "الخوذ البيضاء" إنقاذها، ومن ثم إصابتها بمتلازمة الهرس.

فقدت شام نتيجة الكارثة والدتها وشقيقتها، بينما أصيبت مع شقيقها عمر بمتلازمة الهرس التي شكلت خطراً كبيراً على حياتهما، بسبب نقص المعدات والمستلزمات الطبية في شمالي غربي سوريا.

ونشر أحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للطفلة شام أثناء وجودها في مستشفى الشفاء بإدلب، وهي تتألم، بحديث شد المتابعين للفيديو الذي حاز على 3،4 مليون مشاهدة، وحقق انتشاراً واسعاً في العالم، ما شكل حالة تعاطف كبيرة مع الطفلة وعائلتها.

حالة شام وشقيقها دفعت النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق حملة لإنقاذها، أطلقوا عليها اسم "أنقذوا شام وعمر"، ما شكل ضغطاً على السلطات التركية التي أوقفت استقبال الحالات الإسعافية من شمالي غربي سوريا، بسبب ارتفاع أعداد الإصابات في تركيا نتيجة الزلزال.

دخل الطفلان إلى تركيا، ونقلتهما السلطات التركية إلى أحد المستشفيات العامة، وجدد النشطاء نداءات الاستغاثة والمناشدات بسبب عدم الاهتمام بحالتها الصحية، ما دفع إحدى المنظمات الإنسانية إلى تبني حالتهما، ونقلهما إلى مستشفى خاص للعلاج.


إلى الإمارات


قرار الفريق الطبي في تركيا، الذي اطلع على حالتهما ببتر الأطراف المتضررة دفع والدهما بالطلب لنقلهما إلى الإمارات العربية المتحدة، محاولة منه بالبحث عن الرعاية الأفضل.

نقلت دولة الإمارات الطفلين إلى المستشفى، وبدأت على الفور بدراسة حالتيهما، وتقديم العلاج اللازم لهما، عبر فريق طبي مختص.

ونشرت الصفحة الرسمية للهلال الأحمر الإماراتي مقطع فيديو يظهر نقل الطفلة شام، أوضح خلاله الدكتور مايكل يوغلو، وهو استشاري طب وجراحة عظام الأطفال، بأن كلاً من الطفلين كان مصاباً بإصابات بالغة في الأطراف، وكانا يعانيان من التهابات حادة، تعرض حياتهما للخطر، وخضعا لعملية جراحية طارئة، مؤكداً السيطرة على الالتهابات، وأنهما يتعافيان.

وتحدث والد الطفلين في مقطع الفيديو بأن حالتهما الصحية باتت جيدة، بعد زوال الخطر الذي كان يهدد حياتهما.


متلازمة الهرس


بعد وقوع الزلزال وانتشال الناجين من تحت الأنقاض بدأت تتردد على وسائل التواصل الاجتماعي تحذيرات كبيرة، تتحدث من خطورة ما يواجهه الناجون من مضاعفات متلازمة الهرس.

تحدث اختصاصي الأمراض الداخلية الدكتور وسيم زكريا لـ"روزنة" قائلاً بأن أسباب الإصابة تكون ناجمة عن "انضغاط أعضاء الجسم، كالأطراف والصدر بأشياء ثقيلة، مثل انحشارها تحت الركام كما في الزلازل".

وبحسب زكريا فإن متلازمة الهرس "تؤدي إلى انحلال العضلات، وتلف في نسيج العضلات بشدة، وتتسرب المواد السامة من داخل الخلايا العضلية إلى الدم، ومن هذه السموم أنزيم الميوغلوبين، والذي قد يؤدي إلى قصور الكلية الحاد، وهو توقف الكلى عن العمل، ومن المواد السامة الأخرى شاردة البوتاسيوم، وقد يتسبب وجود مستويات مرتفعة للغاية منها بحدوث توقف القلب، ما يشكل تهديداً للحياة".

قد يهمّك: متلازمة الهرس.. كابوس يلاحق الناجين من تحت الأنقاض 



وعن آلية العلاج قال بأن معظم الأشخاص المصابين في المستشفى يبدأ علاجهم عند طبيب الجراحة بالسبب، مثل معالجة الكسور والجروح إذا كان من الممكن علاجها. وسيُعالج أيضاً طبيب الداخلية المشكلات المتعلقة بالكلية والشوارد. وعادةً ما يتضمن العلاج السوائل الوريدية كي تساعد الجسم على التخلص من المواد السامة التي تسربت من الخلايا العضلية. 

ويردف بأن العلاج قد يشمل المعالجة عبر غسيل الكلى الدموي (الديال الدموي)، وهو إجراء يقوم فيه جهاز بوظيفة الكلى. يضخ الجهاز الدم خارج الجسم، ويرشحه، ثم يعيده إلى الجسم ويخضع المريض لغسيل الكلى الدموي 3 مرات على الأقل كل أسبوع.

وفي حالات أخرى، "قد يعاني بعض المصابين بمتلازمة الهرس من تراكم غير طبيعي للضغط في أحد مجموعات العضلات. ويعتبر هذا أحد حالات الطوارئ ويحتاج إلى العلاج بالجراحة، لقطع فتحة في العضلات وتخفيف الضغط، وتسمى هذه العملية خزع الصفاق"، يقول الدكتور زكريا.

وتصنف منظمة الصحة العالمية، أمراض الكلى ضمن السبب الرئيس العاشر للوفاة في العالم، وقد ارتفع معدل الوفيات الناجمة عن أمراض الكلى من 000 813 في عام 2000 إلى 1,3 مليون في عام 2019.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق