"لست على ما يرام .. أظن أنني فقدت التوازن، أشعر بدوار دائم، جسمي يترنح كل الوقت"، عبارات سمعناها كثيراً ممّن عاشوا صدمة الزلزال المدمّر الأخير في سوريا وتركيا، فهل ِلهذه الأعراض من تفسير علمي؟
تتسبّب الزلازل بدمار المدن ووفاة البشر، وحتى الناجين تلاحقهم من خلال ما يدعى "متلازمة دوار ما بعد الزلزال" (PEDS).
وفق "المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية الأميركي " NCBI" تتراوح أعراض المتلازمة بين تأرجح وهمي في الجسم لأقل من دقيقة ولعدة مرات بعد الزلزال، الشعور بالقدمين وكأنهما يتأرجحان في الهواء، اضطرابات في النوم، طنين أوامتلاء الأذن، القلق، التعرق، مشكلات في المسالك البولية، ومشكلات في الرؤية، الحمى، القيء.
الطبيب مونيتاكا أوشيو، من قسم طب الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى جامعة طوكيو، متخصص في الأذنين والأنف والحنجرة، يقول: إن نحو 30 بالمئة من السكان في المناطق المنكوبة بالزلزال قد يعانون من متلازمة دوار ما بعد الزلزال"، وفق ما نقلت صحيفة "The Wall Street" الأمريكية.
لتخفيف الأعراض!
يمكن تخفيف أعراض المتلازمة في كثير من الأحيان، والتي قد تستمر لأسابيع أو شهور، وفق أوشيو، من خلال: "تدريب عين الشخص من خلال جعلها تركز على شيء بعيد، أو احتساء السوائل الباردة أو الساخنة.
وفي الحالات الأكثر خطورة يُنصح المرضى باستخدام مضادات الهيستامين المعروفة بـ"حبوب دوار الحركة".
ويمكن وصف شكل من الأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب للمرضى، بحسب أوشيو.
اقرأ أيضاً: كيف نتعامل مع ردود فعل التوتر والضغط بعد الزلزال؟
كيف يؤثر الزلزال على صحة أجسامنا؟
علماء يابانيون أجروا دراسة، نشرت نتائجها عام 2021 في مجلة " PLOS One" للعلوم والأبحاث، تحدّثت عن متلازمة "الدوار بعد الزلزال" جراء زلزال عنيف ضرب مدينة كوماموتو اليابانية عام 2016.
وشهدت اليابان سلسلة من الزلازل القوية في شهر نيسان عام 2016، ضرب أولها في منطقة كوماموتو، وأحدث أضرارا بالمنازل وانهيارات أرضية.
وفق الدراسة، يؤثّر الزلزال بشكل كبير على الأذن الداخلية والوظيفة اللاإرادية والعوامل النفسية، إضافة إلى تأثيره على توازن الجسم، بما في ذلك الاضطرابات الحسية الناجمة عن اهتزازات الزلازل والتغيرات في الظروف المعيشية والإجهاد اللاإرادي.
الأستاذ المتخصص في طب الأذن والأنف والحنجرة في كلية الطب بجامعة نيهون في طوكيو، الطبيب ياسويوكي نومورا، أوضح أنّ الدماغ البشري يُعالج المعلومات القادمة من الجلد والعضلات والعينين والأذنين من أجل الحفاظ على الشعور بالتوازن.
وبيّن أنه "عندما يحدث الرعاش القوي في الجسم الذي تتسبب به الزلازل، يتعارض مع الأداء الطبيعي، ويسبب خللاً قد يكون له تأثير طويل بعد انتهاء الزلزال".
في بعض الحالات تذكر الزلزال يسبب القلق والتوتر، ما يؤدي بالناجين للاعتقاد خطأ أنهم يتعرّضون لزلزال، لكن في الحقيقة لا يوجد أي هزة أو زلزال، وفق نومورا.
وتحدث "متلازمة الدوار بعد الزلزال" عندما يكون هناك "عدم تطابق" عصبي بين آلية التوازن في الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية والإشارات الحسية من الأعصاب في العينين والقدمين" يقول الطبيب نومورا.
درس الطبيب الياباني نومورا 3 آلاف مريض خضعوا للعلاج في المؤسسات الطبية في العاصمة طوكيو ومحافظة فوكوشيما بين آذار وأيار 2011، بعد زلزال وتسونامي توهوكو الذي حدث في ذات العام.
وبحسب الدراسة التي أجراها نومورا، وفق موقع "The Japan Times" عانى حوالي 80 إلى 90 بالمئة من البالغين، و50 إلى 70 بالمئة من الأطفال من نوبات مفاجئة من الدوار.
غالباً ما كانت تحدث الدوخة عندما يكونوا في الداخل أو جالسين أو في حالة راحة.
احتمالية حدوث الدوخة، وفق الدراسة، تقل إذا كانوا بالخارج أو في العراء.
"ممارسة الرياضة في الهواء الطلق تساعد في تخفيف القلق المرتبط بذاكرة الرعاش في الدماغ" يقول نومورا.
الكلمات المفتاحية