مكذّباً حكومته.. مسؤول سوري ينفي إهراق 300 ألف ليتر مازوت

مازوت أهرقته محطة قبل وصول لجنة الجمارك - من صفحة وزارة النفط
مازوت أهرقته محطة قبل وصول لجنة الجمارك - من صفحة وزارة النفط

اقتصادي | 08 يناير 2023 | روزنة

منشور على صفحة وزارة النفط والثروة المعدنية بدمشق، تتهم فيه محطة محروقات بإهدار أكثر من ٣٠٠ ألف لتر مازوت في الأراضي الزراعية هرباً من دوريات الجمارك، في ظل أزمة خانقة للمحروقات يعاني منها المواطن السوري في جميع المحافظات.

اقرأ أيضاً: “ديبلوماسيّو الظلّ”: القناصل الفخريّون السوريّون… بوّابة النظام في الخارج!


وشاية 


أعلنت الصفحة الرسمية لوزارة النفط والثروة المعدنية في منشور ضبط محطة وقود خاصة مخالفة في محافظة حلب، دون ذكر اسم المحطة أو ملكيتها. واكتفت بالقول إنها تتلاعب وتتاجر بالمادة من خلال وجود خزانات سرية في المحطة، سعة 190 ألف ليتر، وصهاريج بسعة 136 ألف ليتر.
 
وأضافت الوزارة بأن الكمية المضبوطة تقدر بحوالي 19 ألف ليتر من مادة المازوت، إضافة إلى تخلّص القائمين على المحطة من 300 ألف ليتر من المازوت في الأرض الزراعية القريبة من المحطة قبل وصول الجمارك واللجنة بساعات.

الوشاية التي وصلت إلى القائمين على المحطة قبل ساعات، بتوجه الدورية إليها، وما نتج عنها من إهراق لمادة المازوت في الأراضي الزراعية، دفع المتابعين للتساؤل عن الجهة التي سربت الأمر للقائمين عليها، والمقابل الذي حصلوا أو سيحصلون عليه، إضافة إلى تساؤلات عن صاحب تلك المحطة الذي تجرأ على إهدار تلك الكمية الهائلة من المازوت في الأراضي الزراعية.
 
                                                  


 

لمن تعود المحطة


بحسب ما نشر المحامي باسل كريم ديوب فإن محطة الحيدر المتواجدة في منطقة الشيخ نجار شرقي حلب، تعود إلى عضو في مجلس الشعب التابع للنظام السوري محمد فؤاد علداني، وهو من مدينة بنش التابعة لمحافظة إدلب، ويمتلك عدة صهاريج لنقل المحروقات إضافة إلى عدة محطات وقود في حلب وإدلب.
 
                                                  

سجلٌ حافلٌ بقصص الفساد التي يتزعمها عضو مجلس الشعب، صاحب محطة الوقود، حيث تحدثت صفحات فضح الفساد عن سرقته لأملاك السوريين المهجرين والمغتربين في محافظة إدلب، بالتنسيق مع رئيس اتحاد الفلاحين في المحافظة.
 
كما أشارت تلك الصفحات إلى استئجاره الأراضي الزراعية التي أعلنت عنها محافظة إدلب في العام الماضي، وبيعه للسماد والمازوت والبذار التي استلمها كدعم من رابطة الفلاحين في إدلب، دون أن يزرع أو يحصد.
 
ويعتبر عضو الشعب المذكور أحد شخصيات النظام السوري الرئيسة في محافظة إدلب، ووجهاً من الوجوه التي لمعت ونمت بشكل مفاجئ خلال سنوات الحرب، وهو الأمر الذي تحدثت عنه تلك الصفحات.
 

كيف ردّ على تلك الاتهامات؟


لم يطل صمته بالرد على الأخبار التي تحدثت عن إهداره مئات آلاف الليترات من المازوت في الأراضي الزراعية، فرد بتصريح نقلته صفحة إخبارية تابعة لـ"حزب التطوير والتحديث"، وهو الحزب الذي ينتمي إليه العضو المذكور، ويشغل منصب عضو اللجنة المركزية للحزب.
 
فنشرت صفحة الأخبار التابعة للحزب تقريراً بعنوان "ما حقيقة التخلص من ٣٠٠ ألف لتر من المازوت بحلب قبل وصول المكافحة"، نقلت عن عضو مجلس الشعب الذي يملك المحطة قوله "إن الصور التي تم تداولها سواء أكانت صور الصهاريج أو الترسبات الطافية على الأرض الزراعية لا تمت للمحطة بصلة".
 
وأضاف نافياً علاقة المحطة بالأرض المجاورة، ومبرراً وجود الترسبات فيها بأنها "عبارة عن أرض زراعية تقع خارج حرم المحطة، ومخصصة ككراج لشاحنات الوقود، والتي تقوم بإجراء عمليات غسيل صهاريجها من ترسبات النفط الخام".
 
وادعى بأن المحطة متضررة من تلك الأرض وأنه أرسل شكاوى عديدة للحد من هذه الظاهرة التي تعيق العمل في محطته، مكذباً ما نقلته صفحة وزارة النفط عن وجود مخالفات كبيرة بقوله: "اللجنة قامت بفحص مكنات التعبئة والتفريغ، وقامت بقياس كميات المازوت ولم تجد أية مخالفة تذكر، وأن المحطة تعمل وفق الأنظمة المتبعة".
 
وأضاف مبرراً وجود خزانات سريه بأنها "عبارة عن صهريجين للمياه غير صالحين للخدمة، ومتوقفين منذ سنوات عديدة، وليست مخبأة وفقاً لما تم تداوله، وقامت اللجنة بإفراغهما من المياه ومصادرة أحدهما"، وأن ضبط المخالفة "تم تأسيسه على تكهنات وتخمينات وأن الشك لا يغني من الحق شيئاً".
 
وبعد نشر التقرير على الصفحة الإخبارية التابعة للحزب، شارك عضو مجلس الشعب المنشور على حسابه الشخصي في "فيسبوك" دون أن يعلق بأية تفاصيل أخرى.

قد يهمّك: رئيس منظمة الصحة العالمية في سوريا متهمة بالفساد والاحتيال وسوء المعاملة

فساد بالسطوة العسكرية

 
النائب العلداني الذي كان قائداً لمجموعة نمور الأسد ضمن الفرقة 25، والتي يقودها اللواء سهيل الحسن، عمل خلال انضمامه للفرقة على استغلال موقعه في فرض الإتاوات، وتحصيل الأموال عبر الحواجز والمعابر التي كان يديرها، وذلك بحسب ما نقل موقع شبكة رجال أعمال الأسد.
 
وذكر الموقع أن العلداني أشرف "بشكل مباشر على معبر وادي العزيب بين مناطق النظام السوري والمناطق المحررة، والذي كان مدخوله اليومي يتجاوز مليوني دولار، كما قام بعمليات تزوير واستيلاء على ممتلكات كثيرة ما بين حلب وإدلب، وذلك بسطوة المخابرات الجوية والعميد سهيل الحسن، وتغطية من اللواء جميل الحسن، كما قام بعمليات تهريب آثار لصالح اللواء جميل الحسن مدير إدارة المخابرات الجوية السابق".
 

الغطاء السياسي


بعد انتهاء العمليات العسكرية في معظم المناطق السورية، انتقل العلداني من العمل العسكري إلى العمل السياسي، فانضم إلى "حزب التطوير والتحديث"، ليتابع مسيرة الفساد التي بدأها، ولكن هذه المرة تحت غطاء سياسي، وبرفع شعار "من أرض المعركة إلى ميدان الوطن لخدمة المواطن".
 
تأسس الحزب في آذار 2020، بعد تقديم أوراق ترخيص الحزب بشهرين فقط، ويترأسه شاب يدعى أسامة مرشحة، من مدينة حلب، ويحمل إجازة في الفنون الجميلة قسم الديكور، وهو رئيس تحرير "وكالة الأخبار الروسية السورية RS" التي برر عبرها عضو مجلس الشعب فساده.
 
ويقدم حزب التطوير والتحديث نفسه عبر صفحته على "فيسبوك" بأنه "تشكيل وطني يتخذ من فكر القائد الخالد المؤسس حافظ الأسد نهجاً ومنهجاً ويعمل على تطبيق وتنفيذ البرامج التي أطلقها سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد في الإصلاح والتطوير والتحديث من خلال نخب وطنية فاعلة تضم كل شرائح المجتمع السوري التي تتطلع إلى النهوض بالوطن بكل مفاصله في إطار حزب سياسي يعمل قانوناً تحت سقف الوطن".

وجاءت الموافقة على الحزب في الفترة التي ادّعى فيها النظام السوري بالسماح بتشكيل أحزاب سياسية، إلا أنه، في الوقت نفسه، لاحق عدداً من نشطاء وقادة الأحزاب الأخرى، وسجن بعضهم الآخر. 


نحو خصخصة المشتقات النفطية


بعد السيطرة على قطاع توزيع الوقود والمحروقات من قبل شركة "محروقات" الحكومية طيلة عقود في سوريا. بدأت شركة قاطرجي لاستيراد المشتقات النفطية، بتوريدها منذ منحها حصرية استيراد المشتقات النفطية قبل 7 سنوات، حين فقد النظام السوري السيطرة على منطقة شرقي سوريا.
 
                                                  
 
 تلك السياسة الجديدة نحو الخصخصة، حصلت بموجبها مؤخراً شركة B.S على حقوق التوزيع بناء على عقود، وهي الشركة المرخصة في لبنان باسم الإخوة قاطرجي، إضافة إلى شركات خاصة أخرى دخلت سوق توزيع المشتقات النفطية.
 
300 ألف ليتر من المازوت أهدرت في العراء بينما يعيش السوريون الشتاء القارس بدون أية مواد تدفئة، وهي كمية كانت كافية لمنح الدفء لأكثر من 7 آلاف عائلة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق