قالت وسائل إعلام ومصادر محلية، أمس الخميس، إنّ شاباً يبلغ من العمر 18 عاماَ، يدعى حسين شمص أنهى حياته في العاصمة دمشق، تاركاً وراءه رسالة يقول فيها إنه لا يوجد شيء في الحياة يساعده على الاستمرار فيها.
شمص هو طالب في الثانوية العامة بدمشق، رجّحت صفحات إخبارية انتحاره نتيجة الظروف الحالية التي تمر فيها سوريا، والبعض تحدثوا عن مرض نفسي يعاني منه، فيما لم يصرّح أي أحد من عائلته عن تفاصيل الحادثة.
صفحة "نبض الجامعات السورية" على "فيسبوك" قالت إن شمص توفي عن عمر 18 عاماً، وهو طالب في الثانوية العامة بدمشق، ورجّحت وفاته منتحراً بسبب الظروف التي تمر بها سوريا.
زاهر، 23 عاماً، من مدينة دمشق، قال لـ"روزنة" نقلاً عن أهالي حي الشاب في المهاجرين: إن "الشاب شمص انتحر شنقاً الأربعاء الماضي، في غرفته بحي المهاجرين، حيث اضطرت والدته لكسر الباب بعد ما كان مقفلاً ووجدته منتحراً".
رسالة الوداع!
وجاء في رسالة كتبت بخط اليد تداولها رواد التواصل الاجتماعي على أنها للشاب شمص: "أول شي كثير آسف لأن لح عيشكن هي اللحظة يلي رح تخليكن تنهاروا بس مشاني إذا بتحبوني خليكون قوايا مشاني، صح رحت بس خليكن قوايا الكل لح يموت بس أنا ما عاد قدرت بعرف إنو هل شي مو حل بس حبيت سرع وقتي".
وأضاف، "بتصدقوا إذا قلتلكن مليت ماعاد في شي يبسطني، ما عاد في شي عم يساعدني، عم ضلني عايش بس كجثة، وكرهت هل شي لأن كثير عم أتعذب من أفكاري يلي عم تموتني كل ثانية… خايف لأن مالي عرفان وين رايح، عند مين بس بدي روح أكسر هالخوف، بعرف هل شي ضعف كثير، خليكون مناح وقوايا واهتموا بحلا منيح كثير لأن هي جزء مني ولا حدا يلوم حاله بشي أو يقول لو كنت معه لأن أنا مو مع حالي ولو بتقدروا تعملوا شي أنا ما بدي وبحبكن كثير كثير".
وفي ختام الرسالة كتب: "بشوفكن بالحياة الثانية، آسف كمان لأن كل شي كاتبو بسيط بس تعبت من الحكي".

و لفت شمص إلى رغبته المسبقة الانتحار في إحدى منشوراته على "فيسبوك" عندما شارك جدول امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة والذي يبدأ في الـ 31 من أيار المقبل، وعلّق قائلاً: " أسرع طريقة للواحد ينتحر ويرجع يعيش بعد الامتحانات".
ومن خلال المنشورات على صفحته في "فيسبوك" و"انستغرام" يبدو أن شمص يمتلك موهبة التصوير، حيث كان آخر منشور له على "فيسبوك" في الـ 2 من آذار، نشر فيه صورة له، تحت عنوان: "ضوضاء تحت القبر".

ضوضاء تحت القبر - حسين شمص
الاغتراب الحقيقي
شمص أشار في أحد المنشورات بتاريخ 27 شهر شباط الفائت، على "فيسبوك" إلى معنى "الاغتراب" من خلال مشاركة منشور يتحدث فيه أنّ "الاغتراب ليس الابتعاد عن مسقط رأسك، والعيش وسط أناس لا تربطك بهم صلة قرابة أو صداقة، الاغتراب الحقيقي هو شعورك بأن المكان الذي توجد فيه غير مناسب لنموك وترعرعك، مكان لا يمكن أبداً أن تستفيد فيه من مهاراتك، وتحقق أحلامك، كأن تكون طبيباً، في مجتمع يؤمن بالعلاج بالسحر والشعوذة، أو فيلسوفاً وسط أناس يسخرون من فكرة إعمال العقل أصلاً، أو مهتماً بقضايا، وسط بشر قضيتهم الوحيدة إسعاد بطونهم وإشباع غرائزهم !!".
اقرأ أيضاً: القامشلي: وفاة شابة برصاص مسدس فردي ومزاعم حول انتحارها

وأضاف في المنشور: "أنت مغترب، ولو لم تبرح مكانك، مغترب مالم ينتمي قلبك وروحك إليهم، مالم تشعر برسوخ جذورك في المكان رسوخاً مصدره راحتك وسعادتك، وليس مصدره سقوطك من رحم أمك في هذا المكان!!".
وفي الـ 22 من شباط كتب في منشور له على "فيسبوك": "ما قدرت أفهم اللعبة، تسجيل الخروج من شو بيشكي"، بعض السوريين فسّرها بأنها دلالة على رغبته في إنهاء حياته.
معاناة التنمر
وعانى شمص من التنمر خلال حياته وبعدها أيضاً بسبب شكله وفنه، حيث اشتكى خلال رسائل على محادثات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من معاناته بسبب تشبيه الناس له بالعديد من الأشخاص منهم، محمد صلاح، لاعب كرة القدم المصري، فكتب: "أنا مالي مضطر كل ما أنزل لاقي شباب عم ينادولي خاروف مارسيلو محمد صلاح، أو لاقي بنات يطلعو فيني ويضحكو، أو شباب يقلولي شوفو على هيك موديل…"
ولم ينته تنمّر الأشخاص عليه في حياته، وإنما بعد وفاته أيضاً، حيث طالته الكثير من الشتائم من قبل رواد وسائل التواصل الاجتماعي على حسابه الشخصي في "فيسبوك"، وسخروا من الفن والصور التي قدّمها، واصفين إياها بالسوداوية، ومشبهّين بعضها بالصور الشيطانية، وهو ما انتقده عبر منشوره الذي تحدث فيه عن الاغتراب قائلاً إنّ "الاغتراب الحقيقي هو شعورك بأن المكان الذي توجد فيه غير مناسب لنموك وترعرعك، مكان لا يمكن أبداً أن تستفيد فيه من مهاراتك".

وكانت الشابة مها نزال، 17 عاماً، أنهت حياتها في الـ 25 من الشهر الفائت، بإطلاق النار على نفسها في منزلها بالحي الغربي في مدينة القامشلي، وفق شبكة "فرات بوست" المحلية.
وتداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي رسالة للشابة نزال تركتها قبيل انتحارها بتاريخ 25 شباط، كتبت فيها: "سامحوني إذا شي مرة غلطت بحقكن بحبكن كتير بس والله هالحياة مو حلوة أبدا ما بحبها أبداً، بابا ماما بحبكن كتير بس ما أحب هالحياة ما بدي عيش فيها، أنا دائماً بحس حالي غلط بهالدنيا، دائماً بحس حالي ما خلقت لهالدنيا.. سامحوني بحبكون".
كما انتحرت الشابة (م . ك)، 17 عاماً، في الأول من شباط الفائت، بطلقة مسدس في منزلها بمدينة القامشلي، حيث نقلت صحيفة "تشرين" عن مدير أحد المستشفيات الخاصة أن الشابة وصلت إلى المستشفى ليلاً بعد تعرضها لطلقة مسدس في منطقة البطن أصابت الشرايين الرئيسة للقلب، ما أدى إلى وفاتها، دون إفصاح الأهل عن أسباب الانتحار.
قد يهمك: طفلتان.. جثة في بناء مهدم بحلب وضحية لاغتصاب بالحسكة

وارتفعت حالات الانتحار في سوريا بشكل عام في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، حيث عثر على الشاب، عبد الرحمن القشاش 17 مشنوقاً في منزله بحي غربي المشتل في مدينة حماة منذ أيام، ووفق تقارير إعلامية فإن عائلة الشاب تعاني من الفقر والظروف المعيشية الصعبة.
ويعيش السوريون أوضاعاً اقتصادية متردية بعدما تجاوزت قيمة الليرة السورية 4 آلاف أمام الدولار الأميركي الواحد، ما انعكس سلباً على الوضع المعيشي، وقالت منظمة الأمم المتحدة، أمس الخميس، إن حوالي 60 في المئة من السوريين لا يصلهم الغذاء بشكل منتظم، بسبب الاقتصاد السوري الهش، فيما يعاني أكثر من نصف مليون طفل من سوء القزامة بسبب سوء التغذية.
وكان تقرير لـ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في 4 من تشرين الثاني العام الفائت، رصد ارتفاعاً في معدل حوادث الانتحار بمناطق سيطرة النظام السوري، وأرجع السبب الرئيس إلى تردي الأوضاع المعيشية.
الكلمات المفتاحية