اعترف النظام السوري للمرة الأولى بأن الأمن الغذائي في مناطق سيطرته بات في خطر، وهو الاعتراف الذي يثير التساؤل حول أسبابه وسر توقيته، لا سيما و أن التقارير الدولية لم تتوقف عن الصدور منذ منتصف العام الفائت 2020، محذرة من مجاعة قادمة على سوريا ومن أمن غذائي متدهور.
وزير الزراعة في حكومة النظام، محمد حسان قطنا، دعا يوم أمس الأربعاء، خلال حدث لصحيفة "الوطن" المحلية، إلى تطوير قطاع الزراعة في سوريا "على أسس علمية وفنية"، لأن الأمن الغذائي في سوريا "أصبح في خطر نتيجة التغيرات المناخية والأزمات والحروب"، بحسب تعبيره.
وأشار قطنا إلى ضروة "وضع رؤية شاملة والعمل على تطويرها بالتعاون والتشاركية والتكامل بين كل القطاعات للوصول لتحديد الأولويات والسياسات والأهداف بشكل فعال وحيوي (في قطاع الزراعة)".
الباحث الاقتصادي، خالد تركاوي، اعتبر أن حديث النظام عن الأمن الغذائي، يأتي في وقت يريد الأخير استغلال وصول إدارة جو بايدن للحكم في الولايات المتحدة التي "يسود لديها منهج حقوق الإنسان" وفق تركاوي، ما قد يؤدي لرفع العقوبات وفق مساعي النظام السوري.
وتابع خلال حديث لـ "روزنة" أن "النظام يحاول الترويج لسوء الوضع الصحي و الغذائي من أجل رفع العقوبات الأميركية عنه، حيث يمهد ذلك إلى اعادة تعويمه".
وبخصوص مواجهة تدهور الأمن الغذائي من قبل النظام السوري، اعتبر تركاوي أن النظام و في ظل الظروف الراهنة لا يمكن له فعليا مواجهة خطر تدهور الأمن الغذائي، مشيراً إلى أن الزراعة ليست من ضمن أولوياته، مبيناً أن تلك الأولويات تنحصر في دعم الجيش و الحفاظ على سلطة الأمن و بقاء الأسد و الحفاظ على السلطة المركزية، وفق رأيه.
قد يهمك: قيمة بدل خدمة العلم تموّل الأسد بمليارات الليرات

وختم حديثه بالقول حول الحلول الممكنة أنه "يمكن للمواطن الاكتفاء في الزراعة بشكل ذاتي و محدود في مناطق ريفية من خلال اتباع نموذج الزراعة المنزلية من أجل تغطية حاجاته".
من الصعوبة بمكان في الحالة السورية، تطبيق القاعدة الرئيسية لنجاح الزراعة وهي "ننتج ما قمنا بتسويقه"، كون لا توجد سوق محلية ولا خارجية تستقبل ما يمكن أن يتم إنتاجه، نتيجة العقوبات الاقتصادية المتعددة على النظام السوري، وفق ما أفاد به المهندس الزراعي وائل باكير.
وأضاف خلال حديثه لـ "روزنة" بأنه "لو جزمنا أن بإمكاننا تسويق ما ننتج، فإنه ليس هناك موارد أو مدخلات زراعية كافية، فالزراعة تحتاج إلى بذور هجينة، مغذيات، أسمدة، مبيدات، أدوية بيطرية، معدات تصنيع، قطع تبديل، آلات زراعية وكلها تحتاج إلى عملة صعبة لاستيرادها أو الحصول عليها، لذلك لا يمكن للدولة أن تدعم هذا الأمر و خزينتها من العملة الصعبة شبه فارغة".
وتابع "هناك أيضاً قانون قيصر الذي يفرض عقوبات على النظام السوري وعلى كل من يتعامل معه، ما يزيد الأمر تعقيدا وبالتالي فإن المدخلات الزراعية ستكون ضيقة، وبالتالي فالمخرجات ستكون ضئيلة، و لن يكون هناك قدرة على تسويقها، وبالتالي قبل وجود حل سياسي تحت رعاية الأمم المتحدة فإن كل الأفكار التي يطرحها الأسد غير مجدية، وهي ذر للرماد في العيون لا أكثر".
المساحات الزراعية حالياً في سوريا هي مساحات صغيرة جدا وبنيتها التحتية هشة وبحاجة إلى صيانة من قنوات الري والصرف، وصولا إلى استصلاح الأراضي الموبوءة بمخلفات الحرب ومناطق خطوط النار، فالمحاصيل الاستراتيجية تنتج خارج مناطق سيطرة الأسد، بحسب باكير، ولا يمكن له التحكم بها.
و مطلع الأسبوع الفائت، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة السبت أنّ 12 مليونا و400 ألف شخص في سوريا التي مزقتها الحرب يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، في زيادة كبيرة وصفت بأنها "مقلقة".
اقرأ أيضاً: عملة الـ 5 آلاف تلتهم ما تبقى من غذاء السوريين

ويمثل ذلك زيادة حادة على 9 ملايين و300 ألف شخص كانوا يعانون انعدام الأمن الغذائي في أيار/مايو من العام الماضي.
وأفادت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي جيسيكا لوسون، وكالة الصحافة الفرنسية، بأن "المزيد من السوريين ينزلقون الى براثن الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي أكثر من أي وقت مضى". وتابعت "من المثير للقلق أن الوجبة الأساسية أصبحت الآن بعيدة عن متناول غالبية العائلات".
وقال "برنامج الأغذية العالمي" إن أسعار المواد الغذائية، في جميع أنحاء البلاد مطلع 2021، أعلى 33 مرة من متوسط 5 سنوات قبل عام 2011.
الكلمات المفتاحية