تحت جنح الظلام.. البلدية تهدم 72 منزلا "مُخالفا" في الرقة

تحت جنح الظلام.. البلدية تهدم 72 منزلا "مُخالفا" في الرقة
خدمي | 28 يناير 2021 | الرقة – عبد الله الخلف

أقدمت بلدية الشعب في الرقة على هدم 72 بيتاً في منطقة دوار حزيمة الواقعة على الأطراف الشمالية لمدينة الرقة، تحت ذريعة "مخالفة" هذه المنازل المبنية خلال العامين الماضيين على أملاك تابعة للدولة.


وتمت عملية الهدم بعد منتصف ليل يوم الأحد الماضي، حيث أفاد شهود عيان من المنطقة لـ روزنة بأن آليات الهدم التابعة للبلدية دخلت للحي رفقة مدرعات وسيارات عسكرية وعشرات العناصر المدججين بالأسلحة، وتم إخراج السكان من بيوتهم بالقوة وهدمها.

وأثارت حادثة الهدم ضجة واستياء واسعين بمحافظة الرقة، وأصدرت البلدية عبر صفحتها على فيسبوك بياناً قالت فيه إنها حذرت سكان الحي مسبقاً من البناء بشكل عشوائي تحت طائلة المسائلة القانونية، إلا أن قسماً منهم لم يستجب وشرع في البناء فوق أراضٍ تتبع للأملاك العامة دون أخذ ترخيص من البلدية.

وجاء في البيان أن السكان بنوا منازلاً في منطقة مدرسة الأندلس وحرم المطار الزراعي، وردموا مصارفاً زراعية في المنطقة، وعندما حاولت البلدية إيقاف البناء قوبلت برفض عنيف من قبل الأهالي، ما استدعى البلدية لتنفيذ عملية الهدم حسب البيان.

وأكد البيان أن الهدم جاء بقرار صادر عن مجلس الرقة المدني، بهدف الحفاظ على الممتلكات العامة، وأضاف بأن هناك أشخاص قاموا بخداع سكان المنطقة وبيعهم ممتلكات عامة بشكل غير قانوني وتم رفع دعاوى بحقهم في المحكمة.

من جانب آخر حصلت روزنة على شهادات من سكان الحي الذين هُدمت بيوتهم، أكدوا فيها سلامة وضعهم القانوني، وأوضح أبو فيصل وهو أحد السكان القديمين في المنطقة بأن هذه الأراضي هي بالأساس ملك لمزارعين، ولكن في عهد الأسد الأب تم استملاكها من قبل الدولة.

مضيفاً "في عام 2000 عادت هذه الأراضي لأصحابها الأصليين، بموجب محضر تسليم رسمي، ولدينا أوراق قانونية تثبت هذا الأمر، ولا صحة لما أوردته البلدية عن أن هذه البيوت مخالفة".
 

أما شيروان وهو أحد سكان الحي الذين هُدمت منازلهم فيستنكر قيام البلدية بعملية الهدم ليلاً والناس نيام، ويشير إلى أنهم تعرضوا للضرب المبرح من قبل القوات الأمنية ما أدى لإصابة العشرات بجروح متفاوتة.

ويضيف "كانت الساعة حوالي الثالثة ليلاً، وكنا نائمين بطبيعة الحال، فجأةً سمعنا ضجيجاً في الخارج، خرجت لأرى ماذا يحدث وإذ بأحد العناصر يضربني بمؤخرة البندقية على صدري، وتجمّع علي عدة عناصر وداسوني بأقدامهم، كان المشهد مرعباً، كأنهم يهاجمون إرهابيين لا مدنيين فقراء، دخلوا للحي وكأنهم في جبهة حرب، ضربوا الرجال وبعض النساء وكبار السن، حتى من خرج من الحي المجاور للمشاهدة ضربوه ضرباً مبرحاً". 

ويتابع مردفاً "لم يتسنى لنا أن نُخرج أغراضنا من البيت، هدموه فوق الأغراض، لا أعرف ماذا سأفعل، حالياً أقوم باستخراج أغراض المنزل وحديد البناء من بين الأنقاض قبل أن يسرق، أنا عامل بناء وبشق الأنفس جمعت المال لأشتري أرضاً وأبني فيها بيتاً يأويني أنا وزوجتي وأطفالي، وحالياً سكنت في منزل أهل زوجتي، ربما يتحملوننا لشهر أو شهرين وبعد ذلك ماذا سأفعل؟ تكلفة الاستئجار مرتفعة للغاية في الرقة، ودخلي الشهري لا يكفي لذلك، ربما سأضطر أخيراً لبناء خيمة فوق أنقاض بيتي الذي هدموه".

من جهته يتساءل أبو محمد لماذا سمحوا لهم بالبناء من الأساس إذا كانت المنازل مخالفة؟ "كان عليهم منعنا قبل أن نصرف كل ما نملك لبناء هذه البيوت، هل تعرف لماذا لم يمنعونا؟ لأننا دفعنا رشوات لموظفين في البلدية كي نستمر في البناء، ولكن فجأة انقلب كل شيء ولم يعترفوا بنا وأنكروا تلقيهم رشوات، كان على البلدية محاسبة موظفيها الفاسدين قبل أن تهدم منازلنا، لأن السبب فيما حصل هو الفساد عند بعض موظفيهم وليس نحن الفقراء".
قد يهمك.. الحسكة: العثور على مقبرة جماعية  أثناء عملية استجرار المياه


ويشير شيركو أحد سكان المنطقة إلى أن حوالي 90% من شمال مدينة الرقة هي بالأساس مخالفات، بالإضافة لأكبر أحياء المدينة مثل الدرعية ورميلة وغيرها من الأحياء الواقعة على أطراف المدينة.

ويقول: "نحن نعيش في مدينة منكوبة، تعرض معظمها للدمار في الحرب الأخيرة، لسنا في باريس أو لندن كي تتذرع البلدية بالمخطط التنظيمي، سابقاً عندما كان النظام السوري يحكم الرقة قبل الثورة عام 2011 لم يجرؤ على هدم البيوت المخالفة في أحياء الدرعية وغيرها، أنا مستغرب كيف تجرأت السلطة الحالية على تشريد أكثر من 72 عائلة في هذا البرد القارس؟".

وسعت روزنة الحصول على تصريح خاص من البلدية للرد على ما أفادوا به أهالي المنطقة، ولكن لم نتلقى استجابة، إلا أن مصدراً خاصاً من البلدية قال بأن الأوراق التي لدى الأهالي "مزورة"، وسيتم فتح تحقيق واسع لمحاسبة الموظفين الفاسدين الذين تلقوا رشوات من سكان المنطقة.

يذكر أن حي الأندلس أو ما يعرف بمنطقة شمال دوار حزيمة وسكة القطار جميعها منطقة عشوائيات قديمة، وتحوي خليطاً سكانياً من العرب والأكراد، الذين نالوا حصتهم جميعاً من الهدم.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق