تخبط مستمر تعانيه الليرة السورية جرّاء أوضاع تدهور الاقتصاد المستمر، ما يدفع حكومة النظام السوري باستمرار اللجوء إلى خيارات قليلة متاحة تطيل من عمر الأزمة الاقتصادية واستمرار قبض النظام على السلطة دون وجود أي فرصة ناجعة لحل حقيقي.
لعل الخيار الاقتصادي الذي تقترب حكومة النظام من اللجوء إليه في الفترة القريبة المقبلة، والمتمثل في طباعة عملة جديدة من فئة الـ 5 آلاف، يعني أن معدلات التضخم ستزداد بمستويات غير مسبوقة، ما سيثقل من معاناة السوريين في حياتهم اليومية خلال العام الجاري.
هذا ولا يعتبر الحديث عن طباعة فئة نقدية جديدة من قبل حكومة النظام بالأمر الجديد، بعد تكرار التسريبات والمؤشرات على نية النظام التوجه نحو ذلك كان آخرها في تشرين الثاني الفائت، فيما تشير التصريحات الواردة مؤخرا من دمشق بأن مسألة طباعة فئة الـ 5 آلاف بات أمراً قريباً. حيث كان مطلع العام الجاري الموعد المفترض الذي تم تحديده لطباعة العملة في وقت سابق نهاية العام 2020.
ودعا رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية لدمشق، عابد فضلية، مطلع الأسبوع الجاري إلى طرح ورقتين جديدتين من الفئات النقدية نتبلغ واحدة منها 5 آلاف ليرة فيما تبلغ قيمة الثانية 10 آلاف ليرة، معتبرا أن هذا الإجراء يؤدي لسهولة استخدام العملة في الأسواق؛ بحسب وصفه.
وتؤدي طباعة العملة الجديدة إلى رفع معدلات التضخم، وانهيار قيمة صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، لا سيما و أن الليرة تعاني في الآونة الأخيرة من تدهور قيمتها الدولار الأميركي.
وسجلت أسعار صرف الدولار مقابل الليرة في مناطق سيطرة النظام يوم أمس الخميس بعض التراجع النسبي بالتزامن مع الانهيار الذي شهدته الليرة منذ عدة أيام، فقد بلغ سعر الصرف 2900 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد.
برر فضلية طرح فئة الـ 5 آلاف ليرة سورية بأنه حلا منطقيا، معتبراً أن طرح فئات جديدة أكبر يجعل العد وحمل وتخزين العملة أفضل.
وبيّن خلال تصريحات صحفية لبرنامج في إذاعة "المدينة" المحلية، أن الناس تتخوف من أن طرح أوراق نقدية كبيرة ما قد يعني لهم انخفاض قيمة العملة السورية مشيرا إلى أن ذلك "غير مبرر أبدا"، مضيفا "هناك أثر نفسي فقط لطرح فئة نقدية جديدة ولا أثر لذلك لا على الاقتصاد ولا على الأسعار".
كما لفت في معرض حديثه بأن طرح فئة الـ 5 آلاف و الـ 10 آلاف سيؤدي لسهولة الاستخدام، إضافة إلى أن "طبع حاوية واحدة من فئة جديدة، أفضل وأوفر من 5 حاويات من فئات قديمة"، مؤكدا أنه لا يعلم تاريخ طرح أي فئة جديدة، وأن المصرف المركزي السوري المخوّل والمعني بإقرارها فقط.
قد يهمك: النظام السوري يقترب من إلغاء الدعم الحكومي بشكل كامل

المستشار المالي السوري، يونس الكريم، كان قد أشار في حديث سابق لـ "روزنة" إلى أن التضخم المتزايد في الاقتصاد السوري دفع النظام للتوجه نحو إصدار قطع نقدية كبيرة، مقابل مساعيه في التخلص من الفئات النقدية الصغيرة "التي لم يعد لها قيمة".
وتساهم طباعة الفئات الكبيرة في توفير أجور طباعة الفئات الصغيرة على النظام السوري وفق الكريم.
بينما ستساعد خطوة طباعة العملة الجديدة؛ النظام السوري في مواجهة "التضخم الاسمي" بمعنى أن المواطن لن يكون بحاجة حمل كمية ضخمة من النقود لسلع ذات استهلاك يومي.
و أفاد المستشار المالي حول ذلك بأن "صعوبة التضخم تتمثل بصعوبة تسديد المدفوعات، فيُسهّل وجود قطع نقدية كبيرة التعامل المالي لدى المواطنين، و يتم تخفيف العبئ المالي على المواطن عند توفر فئات نقدية تُماثل معدل التضخم".
قبل نحو عامين من الآن شكّلت طباعة فئة الألفي ليرة سورية حالة استياء في الشارع السوري بعدما أخذت العملة في الانهيار وتجاوز سعر صرف الدولار حاجز الـ500 ليرة، في وقت لم يكن يعلم فيه السوريين بأن الانهيار الاقتصادي لن يقف عند ذلك الحد، وسيصل التضخم إلى مستويات قياسية.
و في مطلع شهر تشرين الأول الماضي، كشف أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة "جونز هوبكنز" الأميركية، ستيف هانكي، بأن التضخم في سوريا وصل لمستوى "مذهل" بلغ 263.64 بالمئة.
الكلمات المفتاحية