فجر الأربعاء، أصوات انفجارات متتالية علت في سماء مدينة القامشلي، استفاق عليها أهالي المدينة، تبيّن أنها مفرقعات نارية أُطلقت احتفالاً بزفاف ابن أحد كبار تجار المنطقة يدعى "أبو دلو"، في مخالفة لحظر التجول الذي تفرضه "الإدارة الذاتية" للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.
فؤاد فايز محمد، الملقب "أبو دلو" والمعروف بـ"أمير المنطقة في الجزيرة"، أقام ليلة الثلاثاء - الأربعاء حفل زفاف ابنه حيدرة، بمنزله في شارع القوتلي، مستضيفاً نحو 50 شخصاً، استمر لما بعد الساعة الرابعة فجراً، في تجاوز للقوانين المفروضة على المنطقة بظل جائحة كورونا، وبحضور المطربين خيرو عباس وفرامان داري، اللذين قدما من ألمانيا من أجل إحياء الحفل.
وبسبب جائحة كورونا كل من يأتي إلى مطار أربيل في العراق يجب أن يبقى 14 يوماً في الحجر الصحي، لكن عند وصول المطربين من ألمانيا ، ونتيجة علاقات أبو دلو القوية لم ينتظر المطربان ولا حتى ساعة داخل المطار، ومن ثم دخلا القامشلي عبر معبر "سيمالكا" الحدودي مع إقليم كردستان العراق، لإحياء الحفل، وفق تقارير إعلامية.
مراسل "روزنة" في الحسكة، قال إن المفرقعات النارية التي أطلقت، الساعة الرابعة من فجر الأربعاء، أثناء حفل الزفاف، أثارت الذعر بين الأهالي، في ظل توتر أمني بالمنطقة، حيث نزحت بعض العائلات إلى مناطق أخرى، ظناً منها أن ما يجري هو إطلاق رصاص وليس مفرقعات نارية.
وكان من المقرر أن يحيي "أبو دلو" حفل زفاف ابنه في مطعم "البرج" بالمدينة، لكن منع "الأسايش" لإقامة الحفل، دفعه لتغيير المكان إلى منزله الكائن في شارع القوتلي، ما قد يزيد من خطر تفشي فيروس كورونا المستجد، وفق مراسل "روزنة".
ويبلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في مناطق "الإدارة الذاتية"، حتى اليوم الخميس، 8203 إصابة، بينها 282 حالة وفاة و1158 حالة شفاء، وفق ما أعلنت "هيئة الصحة" في "الإدارة الذاتية".

وأصدرت النيابة العامة في القامشلي، اليوم الخميس، مذكرة إحضار بحق "أبو دلو" ونجله بناء على دعوة تتعلق بتهم خرق القوانين وترهيب السكان، وحركت النيابة العامة الدعوى عليهما، بعد تقديم "اتحاد المحامين في القامشلي" الشكوى بحقهما.

واتهم المحامون كلّاً من فؤاد محمد المعروف بـ"أبو دلو" ونجله حيدرة محمد، بعدم الالتزام بقواعد الحظر وترهيب السكان وإقلاق الراحة العامة، وجاء في نسخة من الشكوى، أن المفرقعات والألعاب النارية التي تم إطلاقها في حفل زفاف المدعى عليه "حيدرة" تسببت بحالة رعب لدى سكان المدينة التي تشهد توتراً أمنياً.

كيف علّقت "الإدارة الذاتية" على إقامة الحفل؟
وزير الداخلية لدى "الإدارة الذاتية"، كنعان بركات، قال لـ"روزنة": إنه لم يقام أي عرس، ولا تسمح "الإدارة الذاتية" بذلك، وكل ما تم تداوله على وسائل الإعلام حول إقامة حفل الزفاف غير صحيح، وإنما فقط تم إطلاق المفرقعات النارية، واعتقلت "الأسايش" مطلقها في الهواء.
وشدد أنه لم يتم السماح بإقامة أي عرس خلال فترة حظر التجول، وأنه يتم العمل بالقرار الذي يمنع أي تجمعات أو أعراس.
وجاء حفل الزفاف تزامناً مع توتر أمني تعيشه مدينة القامشلي بين قوات "الأسايش" التابعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وبين قوات "الدفاع الوطني" التابعة للنظام السوري، وسط مخاوف من الأهالي بوقوع المزيد من التصعيد.
وعن إقامة حفلات الزفاف، أشار المراسل إلى أن معظم الأهالي امتنعوا عن إقامة الأعراس بسبب حظر التجول، وإن كان لا بد من إقامة حفل زفاف فإن ذلك يتم في المنازل بحضور عدد بسيط من الأهالي، خارج أوقات حظر التجول.
وأعرب ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي عن استيائهم مما جرى، حيث كتبت الأمينة العامة لحزب "الشباب للبناء والتغيير"، بروين إبراهيم على صفحتها في "فيسبوك"، "بين خيار أبو دلو وفقوس الإدارة الذاتية احترنا، أبو دلو الثري المفاجئ صاحب المليارات التي يثير جمعها كثير من الأسئلة الملغومة … يقيم عرساً أسطورياً لابنه متجاوزاً المنع الذي قررته الإدارة الذاتية بسبب كورونا .. ويشعل القامشلي بإطلاق عيارات نارية لم يسمع بها السكان من قبل".
فيديو متداول للمدعو فؤاد جميل محمد ابو دلو الملقب رامي مخلوف الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في القامشلي مع مطربين تم دعوتهم من ألمانيا وشمال العراق لإحياء حفل زفاف ولده #سوريا #متابعات #باز_الاخبارية
Posted by وكالة .baz.الاخبارية on Wednesday, January 6, 2021
وتفرض "الإدارة الذاتية" حظر تجول جزئي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، للحد من تفشي كورونا، منذ شهر تموز الماضي، تعمل على تمديده، حين انتهائه، حيث مددت في الـ 5 من شهر كانون الثاني الحالي، حظر التجول الجزئي حتى الـ 19 من الشهر الحالي، تفتح خلاله المحال التجارية ومحال بيع المواد الغذائية حتى الخامسة مساء باستثناء الأسواق الكبيرة، حيث يبدأ حظر التجول ويمتد إلى الساعة السادسة صباحاً.
وتمنع "الإدارة الذاتية" وفق القرار فتح أماكن التجمعات كافة، كصالات الأفراح وخيم العزاء والاجتماعات ودور العبادة، ما عدا صلاة الجمعة وصلاة القداس يوم الأحد.

عقوبات مخالفي حظر التجوّل
وحول العقوبات التي تفرضها "الإدارة الذاتية" على مخالفي قرار حظر التجول، أصدرت الأخيرة في الـ 6 من نيسان العام الفائت، بياناً قالت فيه، إنه "يطلب من كافة المواطنين التقييد بقرار حظر التجوال وذلك منعاً لأية تداعيات محتملة، وفي حال عدم التقييد سيواجه المخالف العقوبات التالية: المخالفة للمرة الأولى الغرامة 5 آلاف ليرة سورية، المخالفة للمرة الثانية 10 آلاف ليرة سورية، المخالفة الثالثة 15 ألف ليرة سورية"، مضيفاً أنه "في حال التكرار أكثر من ذلك يتم تغريم المخالف بثلاثة أمثال الغرامة الأخيرة".
وأردف البيان، "بالنسبة لعدم تقييد الآليات والسيارات يتم فرض العقوبات التالية: الحجز لمدة يوم واحد للمرة الأولى، الحجز لمدة ثلاثة أيام للمرة الثانية، الحجز لمدة أسبوع ودفع غرامة مالية وقدرها 25 ألف للمرة الثالثة، وفي حال التكرار أكثر من ذلك يعاقب المخالف بثلاثة أمثال العقوبة الأخيرة".
اقرأ أيضاً: أمراء حرب يتاجرون بالعملة… ما علاقة شركة "قاطرجي" بهبوط الليرة السورية؟
من هو أبو دلو؟
ويعتبر "أبو دلو" أحد أهم التجار في مناطق "الإدارة الذاتية"، يرتبط بشبكة علاقات مع تجار في إقليم كردستان العراق ومناطق النظام السوري.
مصدر خاص قال لـ"روزنة" في وقت سابق، إن أبو دلو "أحد أمراء الحرب الذين يعملون لمصلحة النظام ليس موالاة له بقدر ما يكون ذلك من أجل خدمة مصلحته الشخصية، وهم (أمراء الحرب) يعلمون بأن النظام قد يتخلى عنهم في أي لحظة لذلك يعقدون صفقاتهم مع مختلف الأطراف في سوريا حتى تنظيم داعش إلى جانب عملهم لمصلحة النظام".
مصادر روزنة أشارت في سياق حديثها إلى أن أبو دلو هو الشريك المباشر مع شركة "القاطرجي" في عمليات نقل النفط والغاز من مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" إلى مناطق سيطرة النظام السوري، إضافة أيضاً إلى نقل مستمر لكميات كبيرة من الدولار والعملات الأجنبية.
كما يُعتبر أبو دلو شريكاً رئيسياً لشركة "الحافظ" للحوالات المالية التي أغلقها النظام نهاية العام 2019، بسبب التنسيق مع شركتي "كلش" و"سحلول" للحوالات المالية في تركيا والأردن، حيث قالت وسائل إعلام النظام عن ذلك أنه نشاط غير مشروع.
وأبو دلو أيضاً هو مالك شركة "أصلان أوغلو" التي تنقل النفط من حقل رميلان، إضافة إلى شركة "خيرات الجزيرة" (مركزها المربع الأمني في مدينة القامشلي) لتحويل الأموال من مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" إلى مناطق سيطرة المعارضة في إدلب ومحيطها، ومناطق سيطرة النظام السوري.
ويُعرف "أبو دلو" لدى الأكراد باسم "أمير المنطقة في الجزيرة" و"قاطرجي الإدارة الذاتية"، يتاجر بالبترول والغاز والقمح والشعير والقطن والسماد والانترنت والحديد والبناء المواد الغذائية والعملات الأجنبية، والتحويلات المالية لكونه صاحب شركة "خيرات الجزيرة" ووكيل شركة الحافظ في دير الزور والرقة والجزيرة وإدلب، وفق موقع "زمان الوصل".
الكلمات المفتاحية