العالم العربي لا يحمي المثلية الجنسية.. تعرف إلى القوانين

 المثلية الجنسية في العالم العربي - صورة من شاتر ستك
المثلية الجنسية في العالم العربي - صورة من شاتر ستك

صحة | 17 يونيو 2021 | أحمد علي

لا يتمتع المواطنون من المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية بشكل عام بأي حقوق في معظم أنحاء الشرق الأوسط وخاصة في البلاد العربية التي تمثل السواد الأعظم من تلك المنطقة الملتهبة من العالم، ولا يزال أغلب عناصر مجتمع الميم العربي معرضون للعدائية بشكل معلن في كثير من أركان الوطن العربي.


وتعد العلاقات المثلية بين الرجال غير قانونية في 10 من أصل 18 دولة تشكل منطقة الشرق الأوسط، بينما تعاقب تلك العلاقات بالإعدام في ستة دول من هذه البلدان الثمانية عشر.

ويعاقب بالإعدام كل من دخل في علاقة مثلية في دول أخرى، مثل إيران والسعودية وقطر، بينما قد تختلف العقوبة في اليمن أو قطاع غزة بين الإعدام والسجن بحسب الفعل المرتكب. ويعاقب عليه بالسجن في عدة دول مثل الكويت ومصر وعمان وقطر وسوريا.

وتتأثر الحقوق والحريات المكتسبة لمواطني مجتمع الميم في البلدان العربية على نحو خطير بالتقاليد الثقافية السائدة والأعراف الدينية الشائعة الخاصة بشعوب المنطقة. فبالرغم من أن العقوبات الموجهة ضد الأنشطة الجنسية المثلية، أو أي نشاط جنسي آخر خارج نطاق الزواج بين رجل وامرأة، لا تزال بعض القوانين فضفاضة وتكون تفسيراتها عرضة لأن تكون أكثر قسوة في الحكم على المثليين.
اقرأ أيضاً: رهاب المثلية ما هو؟


تلقت العديد من الدول العربية، التي تستقي قوانينها من التفسيرات المتعددة للشريعة الإسلامية، انتقادات قوية من القوى الدولية المختلفة بسبب اضطهاد تلك الدول للمثليين والمتحولين جنسياً، ومعاقبتهم المستمرة بالغرامات والسجن والإعدام.


ازداد الوضع سوءاً على أفراد مجتمع الميم في بعض من الدول العربية مثل سوريا والعراق وليبيا، والتي شهدت تغييرات سياسية في السنوات العشر الأخيرة بخاصة مع انتشار الجماعات المسلحة المتشددة وتنظيم داعش.

 فيما شهدت مناطق داخل سوريا تسيطر عليها منظمات عليها جماعات متشددة، تنفيذ حكم الإعدام من شاهق ( الرمي من مرتفعات بقصد القتل).

أما بالنسبة للعقوبات التي تفرضها الأنظمة العربية على العلاقات المثلية، فمنها:


البحرين.. قوانين يمكن استخدامها ضد المثليين

يشير التقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في عام 2016 عن دولة البحرين أن القانون فيها لا يجرّم السلوك الجنسي المثلي، ولكن لا يوجد قانون يحظر التمييز على أساس الجنس أو التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية.

وتحتفظ المحكمة بسلطة إصدار العقوبات بالنسبة لأي أنشطة تنتهك قوانين المثلية الجنسية في البلاد والتي صدرت في عام ١٩٧٦، حيث يسمح فقط للبالغين الذين لا تقل أعمارهم عن 21 سنة بالانخراط في أنشطة جنسية مثلية، بينما هناك عدة أجزاء أخرى من قانون العقوبات يمكن استخدامها ضد الأشخاص المثليين، منها المادة 324 والتي تحظر تحريض أي شخص آخر على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك بأية طريقة كانت يُعاقب بالحبس. وقد استخدم هذا القانون على نحو متزايد لقمع الرجال الذين يرتدون ملابس النساء، وكذلك الرجال المثليين ومزدوجي التوجه الجنسي.

مصر.. قانون فضفاض لا يعرف مصطلح المثلية

القانون المصري لا يعرف مصطلح "المثلية الجنسية"، لذلك فسرت محكمة النقض لفظ الفجور الوارد في القانون رقم 10 لسنة 1961 على أنها فعل المثلية الجنسية بين الرجال بعضهم البعض، بينما لا توجد في القوانين المرية نص يجرم المثلية الجنسية بين النساء (السحاق).



ونصت المادة على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثةأشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين جنيها ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة"، وقد استخدم المشرع لفظي الدعارة أو الفجور دائما في كل أحكام القانون، وبذلك يفهم من المغايرة أن الفجور له معنى آخر يخالف الدعارة.

وكلمة الفجور الواردة غامضة ومتميعة، والتعريفات اللغوية والاصطلاحية لا تعبر عن فعل المثلية الجنسية بين الرجال بعضهم البعض، فضلاً عن أن ممارسة الفجور لا يمكن لا يمكن أن تتحقق أركانها بمجرد رفع علم أياً كانت دلالته.

في الوقت نفسه، يعتقد القانونيون أن الفحوص الشرجية القسرية الذي تمارسه السلطات المصرية حسب نص القانون للكشف عن الميول الجنسية تعد صورة من صور التعذيب، فضلاً عن أنه لا يمكن التعويل عليها في القضاء بالإدانة لأنها وليدة إجراء غير مشروع وهو المساس بحرمة الجسد الذي يحميه الدستور.

العراق.. الحبس والحرمان

مثل القانون المصري لم يحدد قانون العقوبات العراقي لفظ المثلية الجنسية صراحة، ولكن ادرجه تحت الأفعال المخلة والمنافية للآداب، و بموجب الفقرة ٤٠١ من القانون العراقي، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين من أتى علانية عملاً مخلاً بالحياء، وبالرغم من ذلك، لم تحدد الفقرة ٤٠٠ المختصة بتفسير الأفعال المخلة بأن المثلية الجنسية تقع في نطاق تلك الأفعال.

غير أن لوائح وقوانين أخرى داخلية كانت أكثر وضوحاً، وهي التي تخص بعض المؤسسات مثل الأمن الداخلي الذي يجبر أفراده على الالتزام بالقواعد الواردة في المرسوم رقم 9 (2008)، والتي تعاقب ضباط الشرطة الذين ينخرطون في المثلية بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً، أما الجيش فيحظر على رجاله ممارسة الأعمال الجنسية المثلية.

أما قانون الأحوال الشخصية فينص في المادة 40 على أنه يجوز منح الفصل القانوني إذا كان أي من الزوجين غير مخلص، مع فعل المثلية الجنسية شمل كمثال على كونه غير مخلص. وتمت إضافة هذا الحكم للقانون في عام 1981.

لبنان.. مصطلح غامض يتسبب في عقاب المثليين

تفيد المادة ٥٣٤ من قانون العقوبات اللبناني بحظر إقامة علاقات جنسية بما يخالف "قوانين الطبيعة" ويعاقب مخالفها بالسجن لمدة سنة. ويحمل المصطلح "على خلاف الطبيعة" معان متعددة بحيث استخدم يمكن السلطات من محاكمة أشخاص بتهمة المثلية.

ولكن هناك أكثر من تطور في هذا الشأن، حيث ينشط المدافعون اللبنانيون عن المثلية إلى اعتبار أنه شيء غير مخالف للطبيعة، منها البيان الذي أصدرته "جمعية الطب النفسي اللبنانية" عام 2013 وأكدت فيه المثلية الجنسية ليست اضطرابا عقليا، وحثت العاملين في مجال الصحة النفسية على الاعتماد فقط على العلم في تشكيل الآراء وصياغة العلاج. 

وقبل ذلك بعام واحد تدخل وزير العدل آنذاك، شكيب قرطباوي، ضد استخدام فحوص شرجية لرجال متهمين بالسلوك المثلي، حي أصدر تعميم وزع على القضاة اللبنانيين يدعو إلى المنع بصورة جازمة إجراء الفحوصات الشرجي ووضع حد لهذه الممارسة المسيئة.

السعودية.. سجن وتعذيب وإعدام

تطبق مبادئ الشريعة الإسلامية تطبيق صارم في المملكة العربية، ووفقاً للشريعة تجرم المثلية الجنسية والمعروفة بـالشذوذ الجنسي بالنسبة للرجل المتزوج ويعاقب عليها بالرجم حتى الموت، بينما يعاقب غير المتزوج بمئة جلدة والسجن لمدة سنة واحدة، ويتم إثبات المثلية إما عن طريق الاعتراف أو عن طريق 4 شهود عيان.

كما تحظر السعودية ارتداء الملابس المغايرة و إعلان الشخص أنه متحول جنسياً، وعادة ما تصل العقوبة إلى نفس عقوب المثلية الجنسية من الجلد، التعذيب، السجن ودفع الغرامات المالية بل قد تصل حتى الإعدام سواء أكان مرتكب الفعل رجل أو امرأة وسواءً كان سعودي الجنسية أو أجنبياً، والطرد والترحيل في حالة كون المتهم أجنبياً.

كما لا تسمح الحكومة السعودية بالقيام بجراحة إعادة تحديد الجنس في المملكة، ولا تسمح للناس بالحصول على مستندات قانونية جديدة لتغيير جنسهم في مستنداتهم. كما هو الحال مع المثلية الجنسية، قد يشعر أفراد الأسرة بأنهم ملزمون بقتل الإخوة والأقارب من مجتمع المثليين من أجل "حفظ ماء الوجه" –بحسب زعمهم- أو استعادة شرف العائلة وتقديرها داخل المجتمع.
اقرأ أيضاً: الفرق بين الميول الجنسية والهوية الجنسية


سوريا.. قانون لا يحمي المثليين

كما هو الحال بالنسبة للقانون اللبناني، لم يذكر القانون السوري "المثلية الجنسية" بشكل واضح، ولكن استخدم مصطلح "على خلاف الطبيعة"، وتنص المادة 520 من قانون العقوبات السوري على: "كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى ثلاث سنوات". 

ولا يمنع القانون في سوريا ارتداء زي أو ملابس الجنس الآخر، وإنما اقتصر القانون على حظر حالة ارتداء الرجل زياً نسائياً بقصد دخول الأماكن المخصصة للنساء، وذلك ما جاء في المادة (507) التي تنص على: "كل رجل تنكّر بزي المرأة فدخل مكاناً خاصاً بالنساء أو محظوراً دخوله وقت الفعل لغير النساء عوقب بالحبس لأكثر من سنة ونصف".

في الوقت نفسه ليس هناك أي نص قانوني يمنع المرأة من ارتداء ملابس الرجل، كما لا يوجد أي مادة تنظم عملية تغيير الجنس في القيود الرسمية لدى الراغبين أو الراغبات بالتحول الجنسي. 

وأشار تقرير الهيومن رايتس ووتش الصادر عام 2016 إلى تلقي تقارير عن استخدام الشرطة في سوريا للفحوص الشرجية القسرية، وتقول المنظمة أنها لم تستطع التحقق منه بشكل مستقل. لكنها قالت أن تقريرها يستند إلى مقابلات مقابلات مع 32 رجلا وامرأة متحولة، خضعوا لفحوص شرجية قسرية.

سجل راديو روزنة واقعة تثبت منح مفتي مدينة حلب الموافقة على إجراء عملية تغيير جنس بعد إثبات التغير الهرموني من قبل أطباء مختصين، لكن القانون السوري لا ينص على قبول بتغيير الهوية على أساس الجنس في حال أجريت هذه العمليات.

ولكن يواجه المثليون ما هو أخطر، ففي المناطق التي سيطرت عليها الدولة الإسلامية، تم استهداف النساء ومجتمع الميم بشكل خاص كجزء من فرضه على الشريعة الإسلامية، وفي المناطق التي سيطرت عليها هيئة تحرير الشام في سوريا، تم اعتقال المثليين السوريين وضربهم وإعدامهم.

وفي النهاية فإن بعض الحكومات في الدول العربية بدأت تصبح أكثر تسامحاً مع المثليين، غير أن وصمة العار الكبيرة المرتبطة بهم من قبل المجتمع من المحتمل أن تهدد فرص عملهم أو تتسبب في نفور أسرهم وتجعل حياتهم أكثر صعوبة، بل وقد يصبحون هدفاً من بعض الأشخاص الكارهين للمثلية.

--------------------------------------------------------------------------------
المصادر:

https://ilga.org/downloads/2017/ILGA_State_Sponsored_Homophobia
_2017_WEB.pdf
https://www.hrw.org/video-photos/interactive/2019/06/24/facing-myths
https://timep.org/reports-briefings/timep-briefs/timep-brief-lgbtq-
human-rights-in-egypt/

https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/isis-has-
killed-least-25-men-syria-suspected-being-gay-group-claims-
a6797636.html
shorturl.at/dyIRX
shorturl.at/kzGYZ
http://internap.hrw.org/features/features/lgbt_laws/
shorturl.at/dINT1
https://www.ug-law.com/publication/homosexuality-in-egypt/
https://www.hrw.org/ar/news/2017/02/02/299629

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق