"انتقلتُ إلى ألمانيا منذ بداية الشهر الثاني عام 2020، تزامناً مع انتشار فيروس كورونا المستجد، وتطبيق الحجر المنزلي، ما دفعني إلى دعوة مجموعة من الناشطات السوريات لتنظيم دورات تعريفية للنساء، بمشاركة الدكتورة ميا الرحبي لتنمية المعرفة بمصطلحات النسوية والجندر "، تقول الناشطة بيان ريحان.
تابعت ريحان (34 عاماً)، من مدينة دوما في الغوطة الشرقية بريف دمشق، عملها في النشاط المدني رغم انتقالها إلى أوروبا بعد زواجها، ونظمت مع مجموعة ناشطات وفاعلات سوريات في الشأن العام، ورشاً تدريبية عن بعد لاستغلال فترة الحجر المنزلي، الذي اجتاح العالم خلال النصف الأول من عام 2020 جراء انتشار فيروس كورونا.
وشملت الورش دوراتٍ تعريفية لتعزيز مفهوم النسوية، والجندر لدى نساء سوريات على اختلاف تواجدهم الجغرافي في شمال سوريا، تركيا، أوروبا، وكندا للاستفادة من التحول الرقمي الكبير في الأنشطة والفعاليات، وتغيير أنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وأساليب التعليم في استخدام تقنية الاجتماعات عن بعد zoom لإشراك قطاعات واسعة من الأشخاص في الأنشطة والحياة العامة، وتخفيف الآثار السلبية التي يلقي بها الحجر المنزلي على الجميع عامة، والنساء بالخصوص.
انخرطت في الحراك المدني منذ البدايات، وشاركت في أول مظاهرة ضد النظام السوري بتاريخ 25-03-2011، واعتقلتها قوات النظام السوري، إلا أن دخولها المبكر في العمل الثوري أتاح لها الفرصة للمشاركة في مختلف الميادين بدءاً من التنسيقيات والعمل الإعلامي والإسعافي والتعليمي إذ أسست أول مركزٍ للتعليم في دوما التي خرجت عن سيطرة النظام، واستمرت في العمل لمدة عامين بعد تحول المركز إلى "مؤسسة اقرأ" التعليمية.
اقرأ أيضاً: سيدات سوريات ضمن قائمة أكثر 100 امرأة تأثيراً في العالم

في خطوة جريئة، اندفعت ريحان عام 2015 للعمل الحوكمي كأول امرأة من نساء المنطقة تعمل في مجلس مدينة دوما المحلي في مكتب العلاقات العامة والإعلام، وكانت مثالاً على انخراط النساء في العمل ضمن المجالس المحلية التي أنتجتها الثورة، متحديةً بذلك الرفض المجتمعي لطبيعة عملها، إضافة لرفض أعضاء المجلس الرجال وجود امرأة بين صفوفهم، إلا أن العمل المستمر الذي تقوم به بيان، والمشاريع الناجحة من بينها تأسيس مكتب المرأة، دفعهم إلى تقبل عملها على مضض، حسب وصفها.
وعن ذلك تقول لروزنة: "سعيت جاهدةً لجعل مشاركة المرأة في الحكم المحلي تجربة غير عادية، ضمن مجلس دوما المحلي الذي كان يوصف بالتجربة الناجحة وقتها، وكان لمكتب المرأة دور متميز جداً ورائد بشهادة الشركاء من منظمات المجتمع المدني، وساهمت النساء بشكل فعال في اتخاذ القرار، وتمثيل النساء في معظم الوفود التي زارت الغوطة الشرقية، والانتخاب، والترشح للانتخابات، ما عرضني لثلاث محاول اغتيال في تلك الفترة الصعبة".
وتتابع "توج عملنا النسوي في آخر دورة انتخابية للمجلس المحلي في دوما بترشَح 15 امرأة من مختلف الاختصاصات، وفازت تسع نساء بعضوية المجلس المحلي، كنت أنا من بينهن عن مكتب التعليم".
وصف الصحفي "خالد سميسم" تجربة بيان ريحان بـ "الفريدة إذ قدمت تجربة غير نمطية عن المرأة في المجال السياسي، وتوثيق الجرائم لاحقاً، وكانت مثالاً ناجحاً عن المرأة العاملة خلال السنوات الماضية"، فيما وصفتها الموجهة التربوية "ماوية شلار" المتحدرة من مدينة حمص بـ "صديقة النزوح والتهجير، والروح المقاتلة التي تشق الأرض بإرادتها".
وتضيف بيان "عملت 9 سنوات خلال الثورة السورية ما بين تجربتي في الغوطة الشرقية، وتمكين المرأة السياسي في الشمال السوري بعد التهجير القسري لسكان الغوطة الشرقية عام 2018، إلا أنه بعد عشرة شهور من تواجدي في إدلب تمت ملاحقتي أيضاً من قبل جبهة النصرة، وسلطات الأمر الواقع المتواجدة في المنطقة بسبب طبيعة عملي في الحوكمة وتمكين النساء، ما أجبرني إلى الانتقال إلى تركيا".
"واصطدمت في تركيا بواقع منظمات العمل المدني، التي لم تقم بمد يد العون لي أو استغلال مهاراتي وتجاربي في مجال العمل المجتمعي، و أدى فصلي من عملي بشكل تسعفي إلى تدهور حالتي النفسية، لكن بدعمٍ من الأصدقاء تجاوزت هذه المرحلة، وبدأت العمل فترة قصيرة مع رابطة معتقلي صيدنايا، ومن ثمَ انتقلت إلى مجموعة الناجيات السوريات كمنسقة للمجموعة لمدة عامٍ كامل، إلى أن انتقلت مؤخراً إلى ألمانيا"، توضح بيان.
أثرت تجربة بيان ريحان في الحوكمة الرشيدة مداركها، ومعرفتها لما تحتاجه سوريا المستقبل وإدارتها حتى لا تتكرر تجربة الظلم والاستبداد، التي عاشها السوريين تحت ظل النظام السوري، وتتمنى أن تساهم النساء في انتخابات سوريا الحرة مستقبلاُ، مشددةً على عودتها الفورية إلى سوريا عندما تحين الفرصة، حسب قولها.
المزيد في المادة الصوتية التالية:
الكلمات المفتاحية