متى ولد المسيح؟

لا اتفاق حتى الآن على موعد ميلاد المسيح
لا اتفاق حتى الآن على موعد ميلاد المسيح

اجتماعي | 24 ديسمبر 2020 | يوسف رزق

يحتفل حوالي ١١ بالمئة من المسيحيين في العالم، ويمثلون طائفة الأرثوذوكس الشرقيون، بعيد ميلاد السيد المسيح في يوم ٧ كانون الثاني من كل عام، على العكس من طائفتي الكاثوليك والبروتستانت الذين يحيون نفس المناسبة في ٢٥ كانون الأول.


يعود تاريخ الاحتفال بعيد الميلاد المجيد في السابع من كانون الثاني إلى عام ١٥٨٢، عندما لاحظ علماء الفلك خلال عهد البابا جريجوري الثالث عشر خطأً في حساب طول السنة الشمسية في التقويم اليولياني، الذي فرضه يوليوس قيصر في عام ٤٦ قبل الميلاد.

كان يُعتقد أن السنة الشمسية تستمر لمدة 365 يوماً وست ساعات وفقاً للتقويم اليولياني، والمعروف أيضاً بالتقويم الرومي، مما يعني أن احتفالات عيد الميلاد من المفترض لها أن تقام في يوم ٢٥ كانون الأول، ومع ذلك أعيد تأريخ الاحتفال بأعياد الميلاد لتقام يوم ٧ كانون الثاني وفقاً للتقويم الجريجوري الذي ينص على أن العام يستمر لمدة ٣٦٥ يوماً وخمس ساعات و٤٨ دقيقة و٤٦ ثانية. ومع أخذ الفرق المسجل في الاعتبار، وهو ١١ دقيقة و١٤ ثانية، بين التقويمين، توصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن السيد عيسى المسيح ولد في ٧ كانون الثاني.



المثير للدهشة أن هذا التقويم الجديد لم يتم الترحيب به في أوساط العالم المسيحي بأسره، وفضل بعض الناس استخدام التقويم المدني. ومع ذلك، وفي عام ١٩١٧، بدأ الروس في استخدام التقويم الجريجوري، وبعد فترة وجيزة في عام ١٩١٩ تبنت رومانيا التاريخ الجديد في عهد الملك فرديناند الأول، وكانت اليونان آخر دولة ذات أغلبية مسيحية تتبنى هذا التقويم، حيث بدأت في استخدامه منذ عام ١٩٢٣.



ونتيجة لذلك، تم فصل المسيحيين الأرثوذكس الشرقيين عن المسيحيين الغربيين الكاثوليك والبروتستانت، إذ يحتفل الشرقيون بعيد الميلاد في ٧ كانون الثاني ويحتفل الغربيون به في ٢٥ كانون الأول.

يصوم الكثير من المسيحيين الأرثوذكس المخلصين في عباداتهم، خاصة مسيحيو الشرق الأوسط، قبل ٧ كانون الثاني، ويستبعدون اللحوم والألبان من وجباتهم، أي يتحولون إلى ما يشبه النظام الغذائي النباتي خلال فترة الصيام، أما في يوم عيد الميلاد، فيستمتع مسيحيو الشرق بشتى أنواع الطعام بما في ذلك اللحوم والأسماك والحلويات.


ولكن يبقى السؤال.. هل ولد السيد المسيح بالفعل خلال فترة الشتاء؟


اعتاد الرومان الوثنيون في فصل الشتاء من كل عام تكريم ساتورن، إله الزراعة والخصوبة بمهرجان يبدأ في ١٧ كانون الأول، وينتهي عادة في ٢٥ من الشهر نفسه أو نحو ذلك.

ان هذا المهرجان يتميز بكونه وقتاً للاحتفال والمرح، وكانت العائلات والأصدقاء يتبادلون فيه الهدايا والزيارات. في الوقت نفسه كانت عبادة إله النور الفارسي القديم شائعة في أوساط الجيش الروماني، وأقام من تبعها بعضاً من أهم طقوسها خلال فترة الانقلاب الشتوي. 

تمثال للامبراطور الروماني قسطنطين
 
بعد أن اعتنق الامبراطور الروماني قسطنطين الأول الديانة المسيحية في عام ٣١٢ ميلادية بذل قادة الكنيسة جهوداً كبيرة كي تتماشى العطلات الشتوية الوثنية مع الدين الجديد بهدف تحقيق تحول أكثر سلاسة إلى المسيحية من قبل رعايا الإمبراطور.

في تبريرهم للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح في أواخر شهر ديسمبر، جادل قادة الكنيسة بأن بداية خلق العالم تمت في النطاق الزمني لوقت الاعتدال الربيعي الذي يزامن أواخر شهر مارس، وهو منطقياً الوقت الذي حملت فيه العذراء مريم بـ"ابن الله"، ولهذا ولدت السيد المسيح بعد تسعة أشهر خلال فترة الانقلاب الشتوي.
 
صورة تخيلية للمسيح

وبالنظر إلى أن العهد الجديد يخلو تماماً من أي تاريخ محدد لميلاد المسيح، لربما يجيب النص القرآني للدين الإسلامي على ذلك بشكل أو بآخر. 

قال الله تعالى في سورة مريم:

"فَأَجَآءَهَا ٱلۡمَخَاضُ إِلَىٰ جِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ قَالَتۡ يَٰا لَيۡتَنِي مِتُّ قَبۡلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسۡيٗا مَّنسِيّٗا (٢٣) فَنَادَاهَا مِن تَحۡتِهَآ أَلَّا تَحۡزَنِي قَدۡ جَعَلَ رَبُّكِ تَحۡتَكِ سَرِيّٗا (٢٤) وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰاقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا (٢٤)"



فوفقاً لتلك الآيات القرآنية، أوحى الله إلى السيدة مريم أن تهز جذع النخلة كي يتساقط عليها التمر الناضج لتأكل منه بعد أن قامت بوضع السيد المسيح.

ومن المعهود في الأراضي الفلسطينية، حيث ولد عيسى المسيح، أن موسم جني التمور يبدأ في نهاية شهر أيلول ويستمر خلال الفترة الأولى من شهر تشرين الأول، لذلك يرجح مؤرخون احتمالية ولادة السيد المسيح خلال الفترات الأولى من فصل الخريف وليس فصل الشتاء.  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق