يتصاعد القصف الذي تتعرض له بلدة عين عيسى والمنطقة المحيطة بها (شمالي محافظة الرقة) منذ مطلع الأسبوع الجاري، في مؤشر يدل على قرب دخول قوات "الجيش الوطني" المعارض المدعوم من تركيا إلى المنطقة، بحسب مراقبين، بينما يقول آخرون أن التصعيد الحالي يدخل ضمن إطار "التفاوض بالنار" مع بين أنقرة و موسكو.
وذكرت تقارير صحفية أن تعزيزات عسكرية تركية ضخمة وصلت مساء الأحد، إلى مناطق في ريف الرقة، فيما يبدوا أنها تستعد لشن عملية عسكرية قريبة. وذلك في الوقت الذي تشهد فيه عين عيسى والقرى الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (الكردية) "قسد"، لقصف مكثف من جانب "الجيش الوطني" خلال الأيام الفائتة، تسبب بموجة نزوح من المنطقة.
في الأثناء قال مصدر عسكري في "قسد" (فضل عدم ذكر اسمه) لـ "روزنة" اليوم الثلاثاء، أن أي عمل عسكري مدعوم من تركيا ضد المناطق التي تتمركز بها قواتهم في محافظة الرقة لن تؤدي إلى "اجتياح بلدة عيسى والسيطرة عليها من قبل المعارضة المدعومة من تركيا"، على حد تعبيره.
وفي تطور مفاجئ من قبل الجانب الروسي في ملف التصعيد بـ عين عيسى، أوصلت اليوم موسكو رسالة إلى "قسد" أشارت من خلالها إلى عدم منحها أي ضوء أخضر للجانب التركي، وذلك وفق المصدر العسكري الذي نوه أيضاً بأن القوات الروسية أرسلت تعزيزات عسكرية إلى محيط عين عيسى "إيفاء من روسيا بتعهداتها لقسد".
من ناحيته لفت هشام اسكيف، نائب رئيس المكتب السياسي للواء السلام التابع لـ "الجيش الوطني" أن العمل العسكري للتصعيد الكبير في عين عيسى مطروح على الطاولة من قبل الجانب التركي، غير أن القرار السياسي لذلك لا يزال يحتاج إلى "بعض التحضيرات والترتيبات" بحسب قوله.
قد يهمك: تصعيد عسكري محتمل شرق الفرات وتفاهمات روسية تركية جديدة!

وتابع خلال حديثه لـ "روزنة" ما يحصل من ترويج لمعركة مقبلة على عين عيسى خلال 48 ساعة هو ترويج روسي من أجل الضغط على "قسد" وإرغامها على تسليم البلدة لقوات النظام السوري. مؤكداً قرب حصول المعركة، غير أن توقيت بدئها يعود لعوامل عدة تتصل بالقرار السياسي لـ "الجيش الوطني" و القوات التركية.
و بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية فإن مصدر عسكري من "مجلس عين عيسى العسكري"، كشف أن القوات الروسية طلبت رسمياً من قوات "قسد"، تسليم بلدة عين عيسى، إلى القوات الموالية للنظام السوري.
وعُقد قبل 3 أيام اجتماعاً في القاعدة الروسية بالبلدة ضم ضباطاً من القوات الكردية وضباطاً من قوات النظام السوري ومسؤولين من الجيش الروسي، أبلغ فيه الضباط الروس، قيادة "قسد"، أن التهديدات التركية جدية في اجتياح البلدة، وطلبوا تسليمها إلى قوات النظام السوري، إدارياً وعسكرياً، لقطع الطريق أمام ذاك التهديد.
مصالح مختلفة
المحلل العسكري، العقيد الركن مصطفى الفرحات، نوه خلال حديث لـ "روزنة" إلى انتهاء الاستعدادات العسكرية التركية لشن عملية عسكرية على عين عيسى، بخاصة بعدما دفع الجانب التركي تعزيزاته إلى محيط المنطقة ورفع درجة الاستعداد والجاهزية.
وتابع في هذا السياق "كل متطلبات المعركة باتت جاهزة والقوات هناك بانتظار ساعة البدء؛ لكن القرار السياسي من قبل الجانب التركي يمكن أن يتغير بين لحظة وأخرى، وهو ما يحكم بإمكانية التوجه للتصعيد العسكري على عين عيسى من عدمه".
و في معرض قراءته حول مواقف كل من تركيا وروسيا؛ فيما إذا حصل تصعيد عسكري كبير على عين عيسى، رأى الفرحات أن روسيا ليست لديها مشكلة في أن تتقدم تركيا تجاه عين عيسى طالما أن البلدة لا تقع تحت مناطق السيطرة الروسية الخالصة، في الوقت الذي لا تزال فيه "قسد" موالية لواشنطن.
و أضاف "إن خوض هذه المعركة من قبل الأتراك لن يضر الروس كثيرا إلا في حالة واحدة والتي تضمن دخول قوات النظام السوري إلى البلدة، بينما الأتراك ممتعضون من اختراقات قسد في مناطق نبع السلام و درع الفرات و غصن الزيتون، و إرسال متفجرات إلى المناطق الواقعة تحت النفوذ التركي، وهذا ما يدفع أنقرة لتنفيذ هكذا عملية".
اقرأ أيضاً: تجييش عشائري في الشرق السوري… ما موقف واشنطن و موسكو؟

وتبدو حالياً أن العملية العسكرية مؤجلة إلى حين تبيان قرار "قسد" من الطلب الروسي بانسحاب القوات الكردية من عين عيسى، و إلا فإن العملية العسكرية قادمة لا محالة، بحسب الفرحات، الذي ختم حديثه بالإشارة إلى أن "خروج قسد من عين عيسى هو ضربة قاصمة لها، فهي أمام تحديين كلاهما مر فإما أنها ستواجه الهجوم التركي أو أنها ستسلم المنطقة لقوات النظام".
و تحظى عين عيسى بأهمية موقعها في الشرق السوري، وتستمد ذلك بتموضعها على الطريق الدولي "M4"، والذي تحاول روسيا فتحه منذ أكثر من عام، بدءا من المناطق التي يمر بها في إدلب، وصولا إلى المناطق المار بها في شرق سوريا.
كذلك تتميز البلدة بمكانة سياسية بالنسبة لمشروع "الإدارة الذاتية" في شرق سوريا، كونها تشكّل العاصمة الإدارية والسياسية للأخيرة، وفي حال سقوطها بيد "الجيش الوطني" المعارض والقوات التركية، فهذا يعني ضرب مشروع اللامركزية الإدارية في شرق سوريا.
الكلمات المفتاحية