بعد إبداء استعداده لإجراء محادثات سلام مع تركيا دون أي شروط مسبقة، فتح القائد العام لقوات سوريا "قسد" مظلوم عبدي ملف تواجد عناصر من حزب العمال الكردستاني في سوريا، وهو الملف الذي يعرقل أي إمكانية للحوار بين قسد و أنقرة.
تركيا التي تعتبر أن "قسد" (الذراع العسكري المسيطر على مناطق شمال شرق سوريا وتحكمها إدارياً الإدارة الذاتية) امتداداً لحزب "العمال الكردستاني" في سوريا، تصنف الطرفين على أنهما فصيلان إرهابيان، ولا يبدو أن هذا التصنيف سيتبدل طالما أن عناصر "العمال الكردستاني" متواجدون على الأرض السورية، وهو الأمر الذي اعترف به عبدي خلال مقابلة مع موقع "مجموعة الأزمات الدولية" على شبكة الانترنت.
ويبدو أن اعتراف قائد "قسد" بتواجد "العناصر الإرهابية" على الأراضي السورية بحسب وصف أنقرة، هو خطوة أولى تتبعها خطوات أخرى على طريق إخراج جميع قوات الحزب المصنف إرهابياً لدى تركيا، ما قد يمهد ذلك لاحقاً إلى فتح حوار مع أنقرة التي تبدي قلقها دوماً من تواجد عناصر إرهابية على مقربة من حدودها مع سوريا، وهو الأمر الذي دفعها للقيام بعدة عمليات عسكرية في عمق الأراضي السورية القريبة من الحدود مع تركيا ضماناً لأمنها القومي، وفق وجهة نظر أنقرة، حيث كان آخر تلك العمليات في شهر تشرين الأول من العام الفائت تحت مسمى "نبع السلام".
قد يهمك: تصعيد عسكري محتمل شرق الفرات وتفاهمات روسية تركية جديدة!

وخلال المقابلة التي نشرها موقع "مجموعة الأزمات" يوم الأربعاء، اعترف بوجود شخصيات غير سورية مدربة من قبل حزب "العمال الكردستاني" في شمال شرقي سوريا بشكل واضح، لافتاً إلى أن آلافًا من مقاتلي الحزب الكرد المدربين أتوا، جنبًا إلى جنب مع المتطوعين، إلى سوريا للانضمام إلى القتال، حيث قُتل منهم المئات في المعارك، وغادر البعض، وبقي آخرون.
و قال في السياق ذاته أنه و من خلال وساطة أميركية ومحادثات مع المجموعات الكردية الأخرى، بما في ذلك "المجلس الوطني الكردي" (المنضوي تحت الائتلاف المعارض المدعوم من أنقرة)، على الانسحاب التدريجي وإخراج المقاتلين غير السوريين من مواقعهم الحالية، وفي النهاية من سوريا. مشيراً إلى أن عملية الانسحاب قد بدأت وستستمر، و بيّن في الوقت ذاته عدم الالتزام بجدول زمني لانسحاب المقاتلين بالكامل.
معاني تصريحات عبدي
الباحث السياسي، عبد الوهاب عاصي، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن تصريحات قائد قوات "قسد" موجهة للرأي العام الغربي بالدرجة الأولى خصوصاً وأن عبدي لم يلجأ إلى الإعلام المحلي في هذه التصريحات.
و رأى عاصي أن قائد القوات الكردية يأمل في أن تساهم تصريحاته بالحصول على دعم رسمي للدعاية التي تسوق لها "الإدارة الذاتية" الكردية عن عدم وجود ارتباط بين "قسد" و "حزب العمال الكردستاني".
و قد يكون لدى عبدي توجه قائم على رغبة بتحقيق مكاسب شخصية، نحو إعادة تعريف قواته كتنظيم كردي محلي غير مرتبط بـ "حزب العمال الكردستاني"، إلا أن هذا التوجيه لا يعني الاستجابة الكاملة والسريعة للمطالب الدولية والإقليمية وفق تعبير عاصي.
اقرأ أيضاً: 20 ألف برميل نفط تصل النظام السوري من مناطق "قسد"

وأضاف في السياق ذاته "هذا ما قد يُفسّر تباطؤ خطوات انسحاب كوادر الحزب تطبيقاً لمخرجات التفاهم مع المجلس الوطني الكردي".
وحول نظرة تركيا لتصريحات عبدي الأخيرة، قال الباحث السياسي أن تركيا تراقب السلوك والنشاط للتنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب، وإن كان التغير في الخطاب مهماً أيضاً لقياس مدى نجاح استراتيجية المواجهة أو الاحتواء.
وختم بالقول "حتى وإن كان لدي عبدي توجه لتقليص دور حزب العمال الكردستاني، فهذا لا يعني استجابة من قبل الأخير لذلك، والذي غالباً ما قد يعتمد على هذا الملف خلال أية مفاوضات محتملة مع تركيا على غرار تلك التي جرت عام 2013".
و كان قائد "قسد" أبدى استعداده في تصريحات صحفية لموقع "المونيتور"، مطلع الشهر الجاري، لإجراء محادثات سلام مع تركيا دون أي شروط مسبقة، وقال في ذلك الوقت "يمكن أن يثبت الرئيس أردوغان أنه أكثر استعداداً للسلام مع أكراد سوريا".
ولفت إلى أنه ربما يفكر في التوسط بين تركيا و "حزب العمال الكردستاني"، الذي تضعه تركيا على لوائحها للإرهاب، لكنه اشترط "أن تتصرف أنقرة بحسن نية".
الكلمات المفتاحية