نظام الأمبيرات في سوريا... وزير الكهرباء غير مقتنع والشعب محتار

الكهرباء في سوريا
الكهرباء في سوريا

اقتصادي | 24 نوفمبر 2020 | إيمان حمراوي

شوارع كاملة يخيم عليها ظلام دامس، يعكر صفو هذه العتمة ضوء قادم من نافذة بعيدة يستخدم سكان هذا البيت ليدات البطاريات، وهذه هي حال معظم المناطق التي تسيطر عليها حكومة النظام السوري.


يحتار المواطنون كيف يعيشون أيامهم، بدون كهرباء، وبدون تدفئة، وبدون أي حلول مقدمة من قبل حكومة النظام السوري.

مدن كحلب يعتمد فيها الأهالي على نظام "الأمبيرات" لتوريد الكهرباء إلى منازلهم، وكذلك بعض مناطق ريف دمشق، لكن حتى "الأمبيرات"، يبدو أن حكومة النظام لن تسعى إلى تأمينها للمواطنين في باقي أنحاء سوريا رغم ارتفاع ثمنها في ظل الغلاء المعيشي.

نظام الأمبيرات غير مجدٍ

وزارة الكهرباء غير مقتنعة بحل الأمبيرات، معاون وزير الكهرباء، نضال قرموشة، قال لإذاعة "ميلودي إف إم" المحلية، منذ يومين، إن موضوع الأمبيرات غير اقتصادي، وغير مجدٍ، ولا يسعون إلى تعميمه، لكن تم استخدامه في محافظة حلب بسبب ظروف الحصار والحرب".

أبو إبراهيم، 55 عاماً، (اسم مستعار) صاحب محل سمانة من دمشق يقول لـ"روزنة":  "لا يريدون أن تنتشر فكرة الأمبيرات ولا يريدون حل أزمة الكهرباء، ماذا نفعل نحن، هل نبق على هذه الحال؟"

ويتابع أبو إبراهيم "الكهرباء تأتي ساعتين أو ثلاث ساعات وحتى في هذه الساعات تنقطع بسبب الأعطال كما يقولون، البطاريات التي لدي لا تكفي سوى لساعتين، في هذه الحالة نظام الأمبيرات أفضل".

اقرأ أيضاً: جحيم الغلاء يدفع السوريين بالعودة إلى الحفاضات القماشية 



إيناس، 37 عاماً، من مدينة حمص تقول لـ"روزنة":  "عشت في لبنان خمس سنوات، الكهرباء لديهم عن طريق الأمبيرات معظم الوقت، أعتقد أن هذا ما سيحصل في سوريا، حتى لو التكلفة عالية، لا بديل الآن سوى الأمبيرات، أما أن ننتظر الحكومة حتى تجد حل، فهذا غير وارد أبداً".

مقترح إيناس رفضته أم قمر، تقول لـ"روزنة": "المشكلة أن المصاريف تزداد على المواطن بشكل كبير، في آخر سنة ارتفع كل شي بسبب انخفاض العملة، والآن الأمبيرات أيضاً".
 

رغم رفض الوزارة مقترح الأمبيرات واعتباره حلاً مؤقتاً،  محافظة حلب حددت مطلع الشهر الحالي، لكل ساعة تشغيلية فعلية لمولدات الأمبير المرخصة ضمن محافظة حلب بقيمة 45 ليرة، لتصبح تكلفتها على السوريين دفع 450 يومياً مقابل 10 ساعات تشغيلية، أي 3150 ليرة أسبوعياً، ونحو 13 ألف ليرة شهرياً، في الوقت الذي يؤكد سوريون أن تجار المولدات لا يلتزمون بالتسعيرة، وقد يصل المبلغ أسبوعياً إلى 4 آلاف ليرة.
 

تقنين الكهرباء لأيام

"خلال الأسبوعين الأخيرين ساء وضع الكهرباء كثيراً، أصبحت تنقطع 28  إلى 30 ساعة متواصلة مقابل ساعتين وصل" كما تقول ميادة، 42 عاماً،  من الكسوة بريف دمشق  لـ"روزنة".

وتردف متنهدة، "انقطعت الكهرباء يوم الجمعة الماضي من الساعة الثانية ظهراً وحتى يوم السبت الساعة الخامسة مساء، قبل أسبوعين كانت تنقطع 4 ساعات مقابل ساعتين وصل، لانعلم ما الذي يحصل، أصبحت حياتنا مظلمة رغم ظلام الوضع المعيشي".

وفي دمشق يقول سامر، 35 عاماً، لـ"روزنة": "مو طالع بإيدنا غير الصبر، تنقطع الكهرباء مدة 4 ساعات مقابل ساعتين وصل، لكن اعتماد الناس الأساسي على البطاريات لتشغيل الإنارة"

ويردف، "البيت بحاجة أقل شيء لبطارية 40 امبير، سعرها اليوم 150 ألف ليرة، بينما البطارية 200 أمبير أصبح سعرها حوالي 400 ألف ليرة، حتى المولدات أصبحت مرتفعة الثمن، أقل مولدة سعرها 500 ألف، ويادوب تشغل لمبات وشاشة، وبدها بنزين والبنزين على البطاقة الذكية، والبنزين الحر سعره غالي، وحلها إذا بتنحل".

وتؤيد ميادة ما قاله سامر: "البطارية بتلاقيها بكل بيت، علماً حقها بلاوي، بطاريتي سعرها 85 ألف، بتمد 3 ليدات بالبيت، أما البطارية يلي بتشغل تلفزيون سعرها مليون".
 

فيما بعض المناطق بريف دمشق تستخدم نظام الأمبيرات، وفق سامر، حيث "تدفع العائلة 3000 ليرة أسبوعياً مقابل 6 ساعات كهرباء يومياً، وهو ما لا يقدر عليه كثيرون بسبب الفقر".

وفي حلب يختلف أيضاً تقنين الكهرباء من منطقة لأخرى، رغم الاعتماد الكبير على "الأمبيرات"، حيث تنقطع وفق ما قالت زهى، لـ"روزنة" يوماً كاملاً باستثناء ساعتي وصل، فيما بعض المناطق تنقطع فيها لأيام متواصلة قد تصل لثلاثة أيام أو أربعة".

كيف علّق المسؤولون؟

وعن أسباب زيادة ساعات الكهرباء، وعدم تطبيق ساعات التقنين ذاتها على كل المناطق، قال قرموشة، إن تلبية 90في المئة من حاجة البلاد إلى الكهرباء تتطلب توليد 5 آلاف ميغا واط، لكن حالياً يتم إنتاج 2500 ميغاط واط، نتيجة انخفاض كمية الغاز الموردة من وزارة النفط لمحطات التوليد إلى ما بين 8 و10 مليون متر مكعب يومياً بسبب "العقوبات الجائرة"، وهي أقل من العام الماضي في الشتاء، حيث كانت الكمية الموردة 12 مليون متر مكعب، بينما "المحطات بحاجة إلى 18 مليون متر مكعب لتوليد 5 آلاف ميغا واط".

وأشار قرموشة أن "استخدام الكهرباء للطبخ والتدفئة بدلاً من المازوت والغاز المنزلي، يزيد من الأحمال ما يؤدي إلى زيادة ساعات التقنين"، ما يجعل السوريين في حيرة من أمرهم، حتى الغاز والمازوت المنزلي غير متوفرين.

وعن تقنين الكهرباء بمناطق أكثر من مناطق أخرى، قال قرموشة، إنه "لا يمكن تطبيق عدالة التقنين على بعض المناطق التي تكون خطوطها من خطوط المستشفيات والمطاحن أو غيرها من المراكز الحيوية ذات الأهمية الاستراتيجية، لذلك هناك أحياء يكون تقنين الكهرباء بها أقل".

اقرأ أيضاً: معارضون: العودة إلى سوريا تبدأ برحيل الأسد 



واقترح قرموش، أن يقوم القطاع الخاص بالاستثمار، لكون وزارة الكهرباء لا تستثمر بشكل مباشر بالطاقات المتجددة، مبيناً أنهم تحدثوا مع الكثير من المخترعين، لكنهم قدموا اختراعات بحاجة إلى تكاليف عالية مقابل توليد القليل من الكهرباء.

وفي الـ 20 من الشهر الحالي، أعاد مصدر في قطاع النفط لصحيفة "الوطن" المحلية، سبب زيادة تقنين الكهرباء، إلى الوضع الفني السيء للعديد من المحطات التي تحتاج إلى الصيانة، إضافة إلى وضع محطات التحويل والشبكات السيء، التي تحتاج أيضاً إلى الصيانة والتأهيل.

وأوضح المصدر أنّ محطات توليد الكهرباء التابعة لوزارة الكهرباء تتسلم يومياً عشرة ملايين متر مكعب من الغاز، وسعة آلاف طن من الفيول من وزارة النفط،  ولكون الفيول متوفراً يجب أن يتم تشغيل المحطات التي تعمل على الفيول بالاستطاعة العظمى، لكنهم غير قادرين بسبب عدم تنسيق إجراء الصيانات بالشكل المطلوب.

يشار إلى أن معظم المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة النظام السوري تعاني من عدم ثبات ساعات تقنين الكهرباء، مع دخول فصل الشتاء، وعدم استلام الكثيرين لمخصصاتهم من المازوت المنزلي، تزامناً مع ارتفاع أسعار المحروقات مثل البنزين والمازوت والحطب مع صعوبة تأمينها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق