تشير موجة الاستهداف المتصاعد لمنطقة عين عيسى (شمال مركز محافظة الرقة) من قبل فصائل المعارضة السورية إلى احتمالية حدوث معركة قريبة تطالها والتي من شأنها أن تؤدي إلى توسيع نطاق النفوذ العسكري لتركيا جنوب منطقة عمليات "نبع السلام".
تتبع عين عيسى إدارياً لمنطقة تل أبيض (شمال) والتي دخلت ضمن مناطق النفوذ التركي منذ تشرين الأول من العام الماضي (تاريخ معارك نبع السلام) وتنتشر فيها فصائل "الجيش الوطني" المعارض المدعوم من قبل أنقرة، حيث ترى الأخيرة أن نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية" الكردية يشكل خطراً على أمنها القومي والتي تعتبرها امتداداً لحزب "العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب لديها.
ولا تزال الاستهدافات "المحدودة حتى الآن" من قبل "الجيش الوطني" تطال منطقة عين عيسى، ما يوحي بقرب عمل عسكري جديد تدعمه تركيا وينتظر موافقة روسية ضرورية -قد تكون حاصلة وفق تفاهمات مشتركة غير معلنة- مقابل موقف أميركي غير معلن بسبب الفراغ السياسي الذي تسببت به الانتخابات الرئاسية، ليُذكّر بما حصل العام الفائت عندما منحت واشنطن الضوء الأخضر لأنقرة بإطلاق عملياتها آنذاك ضمن إطار "نبع السلام".
و أعلنت وزارة الدفاع التركية يوم أمس الاثنين، قتل 9 عناصر من "حزب العمال الكردستاني" شمال سوريا. موضحة أن "7 عناصر من العمال الكردستاني حاولوا التسلل إلى منطقة "نبع السلام" و2 إلى منطقة "درع الفرات"، بهدف" زعزعة أجواء الأمن والاستقرار فيهم" ، بحسب وصفها. وأضافت أن قوات "الكوماندوس" التركية تمكنت من تحييدهم (قتلهم) أثناء محاولتهم التسلل لتنفيذ أعمال "إرهابية".
يأتي ذلك في وقت قالت فيه وكالة "سانا" أن قذائف مدفعية مصدرها من منطقة "نبع السلام" استهدفت منطقة عين عيسى بريف الرقة الشمالي.
مفاوضات غير منتهية!
المحلل العسكري، العقيد زياد حاج حاج عبيد، أشار في حديث لـ "روزنة" إلى حدوث تحضيرات عسكرية مؤخراً تستبق العمل العسكري في محيط منطقة "نبع السلام". غير أنه أشار إلى صعوبة تحديد موعد بدء تلك العملية بخاصة وأنها مرتبطة بمفاوضات "لا زالت على طاولة التفاهم" بين الجانب التركي والروسي من ناحية، وبين الجانب التركي والأميركي من ناحية ثانية.
قد يهمك: تصعيد عسكري محتمل شرق الفرات وتفاهمات روسية تركية جديدة!
و تابع بأن هذه المفاوضات "قد تفضي إلى انسحابات أو إلى عمل عسكري".
من جانبه اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، شفان إبراهيم، أن موضوع التصعيد يتصل بمدى تشبث الجانبين الروسي والتركي باتفاقية "سوتشي" المُوقّعة في تشرين الأول من العام الفائت.
و لفت إلى أن أي انسحاب روسي من المنطقة وإتاحة المجال بالتقدم للأتراك سيعني ضمنيا ابتعاد الروس أكثر عن حقول النفط في رميلان. مضيفاً بأن السماح لتركيا بدخول عين عيسى؛ سيعني تمتين العلاقة بين الولايات المتحدة و قوات سوريا الديمقراطية.
وزاد بالقول "ليست هناك حشود عسكرية توحي بمعركة قريبة بين قسد و المعارضة السورية؛ لكن بالمجمل لو وقعت هذه المعركة فإن ذلك سيعني انهيار العاصمة السياسية و الإدارية لقوات قسد، و سيعني أيضا اقتراب تركيا من الرقة بما تمثله المدينة من موقع استراتيجي هام؛ و عقدة مواصلات برية تسيطر على سوريا تحديدا بين الشمال الشرقي و الغربي منه".
تثبيت خطوط تماس جديدة؟
من ناحيته لفت المحلل السياسي والعسكري، خالد بكار، أن الانسحاب التركي من نقاط المراقبة الموجودة في عمق مناطق النظام السوري بريف حماة الشمالي، له دلالتين، أولهما تشير إلى اتفاق روسي-تركي جديد لتثبيت خطوط التماس الحالية بين المعارضة والنظام، مع ضمانات روسية لتركيا بضبط النظام يمنع أي تحرك عسكري جديد صوب مناطق المعارضة.
و أضاف "يبدو أن تركيا تعمل حالياً من أجل التنسيق مع روسيا من أجل موافقة الأخيرة إلى جانب الولايات المتحدة في سبيل تحريك عمل عسكري تجاه المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية".
اقرأ أيضاً: القواعد العسكرية الأجنبية تتحكم بشكل الحل في سوريا
و زاد بالقول "هناك تحضيرات للقيام بعمل عسكري (في مناطق شمال شرق سوريا) و التمدد في الشريط الذي طلبته تركيا لتأمين كامل حدودها بعمق 30 كيلو متر، و على ما يبدو هناك تسويات جديدة من أجل هذا الموضوع".
وأعلن الجيش التركي في الآونة الأخيرة عن "تحييد" عناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" المتهمين بصلتهم بـ "حزب العمال الكردستاني"، في أثناء إقدامهم على عمليات تسلل باتجاه منطقتي "درع الفرات" و "غصن الزيتون"، وهو الأمر الذي تعتبره أنقرة تهديداً يهدد مصالحها وأمنها القومي.
الكلمات المفتاحية