تتزايد أهمية الزراعة المنزلية في سوريا، كل يوم أكثر من ذي قبل، مع وجود السوريين في سجن كبير من الصعب الخروج منه، ويمكن الاستفادة في هذا الصدد من تجارب مناطق سورية عاشت حصار اقتصادي مشابه، كما في الغوطة الشرقية وحمص وريف حماة وغيرها من المناطق التي تمكّن أهلها من تخطي الحصار بذكائهم وتدبيرهم المنزلي. فكيف يمكن فعل ذلك على مستوى سوريا كلها؟
قد تطول الأزمة
لا أحد يعرف المستقبل، ربما تطول الأزمة الحالية التي تمر فيها سوريا سنوات، حصار الغوطة الشرقية كمثال استمر ما يقارب الـ6 سنوات، وبالتالي لا بد من البدء الآن بأبسط الإمكانيات ومهما كانت حدائق المنازل صغيرة، وحتى لو لم يكن هنالك حدائق منزلية، يمكن زراعة الأسطح أو الشرفات "البلكون"، كما حصل في الغوطة الشرقية، وفق تقارير إعلامية.

شروط نجاح الزراعة المنزلية
ووفق باحثين في الزراعة، توجد أسس عدة لنجاح الزراعة المنزلية، أهمها تحديد نوع النباتات التي يرغب الشخص بزراعتها معرفة طريقة زراعتها إن كانت بذرة أو شتلة.
وأن تكون الأنواع المراد زراعتها مناسبة للموسم الزراعي، واختيار أنواع من النباتات يمكن حصادها بأوقات مختلفة، بحيث يمكن حصاد المحاصيل في مختلف أوقات العام صيفاً وشتاء، عوضاً عن حصادها في وقت واحد، إضافة إلى معرفة ما يناسب النباتات من تربة رملية أو طينية أو أنواع مختلفة من البيئات.
خطوات الزراعة المنزلية
هناك بعض الخطوات اللازمة للحصول على نباتات حديقة منزلية بمختلف الأنواع، أهمها أن يتعرض المكان الذي ستتم زراعته لأشعة الشمس على الأقل لنحو 6 ساعات يومياً، وألا تقل سماكة التراب عن 15 سم.
كما يجب اختيار أنواع الخضروات، التي تزرع في المساحات الصغيرة مثل الخيار والطماطم والجزر والفاصولياء والكوسا، واختيار الأعشاب والورقيات مثل الخس والبقدونس والسبانخ.
ومن الضروري وضع مسافة بين المزروعات لتتمكن من النمو بشكل جيد، وبخاصة للخضروات، حيث يمكن تقسيم الحديقة أو السطح إلى مربعات وزراعة نوع في كل مربع.
المهندس الزراعي عبد الحميد رمضان قال لـ"روزنة" إن 20 _25 متراً في باحة المنزل، تكفي لزراعة العديد من أصناف الخضار، منها شتلات الخيار والباذنجان والكوسا والبندورة وغيرها الكثير، بشرط أن تتوفر تربة صالحة لزراعة الخضروات.
كما يمكن زراعة بعض الخضروات في البلكون، من خلال سطل بلاستيكي أو إي إناء مناسب موجود لديكم في المنزل، من هذه الخضار السبانخ والفلفل والثوم والفجل والنعنع، ويجب أن تكون باحة المنزل أو البلكون مشمسة لأن هذه الخضار صيفية وتحتاج لكمية كبيرة من أشعة الشمس لكي تنمو وتنضج.
بالنسبة لسقاية النباتات بين المهندس أن المعيار الأساسي في معرفة كمية الماء، التي تحتاجها النبتة هو الجو، فإذا كان الجو حاراً لسقاية باستمرار، بينما تحافظ على فترة رطوبة أطول في الجو البارد.
وشرح رمضان طريقة تحضير السماد العضوي في المنزل، وقال أنه يمكن استخدام فضلات الطعام، باستثناء اللحم والبيض، ونشرها في زاوية المنزل وترطيبها و تقليبها عدة مرات خلال أيام معينة.
والمواد المستخدمة في صناعة السماد العضوي، المواد الغنية بالنيتروجين أي الأطعمة الخضراء، والمواد الغنية بالكربون مثل نشارة الخشب وأوراق الشجر والقش.
اقرأ أيضاً: "القمامة" مصدر رزق لكثيرين في الرقة
خضروات بسيطة
لن تحتاج بعض الخضروات، إلى وقت طويل لتنضج، فبعضها يحتاج إلى شهرين أو أقل ليثمر، وينتج كما في حال البندورة، والخيار، والخس والبقدونس والنعنع، وخصوصاً إذا ما توفرت التربية الجيّدة والسماد (سماد حيواني).
لحسن الحظ أن الكثير من الخضروات يمكن إعادة زراعة بذورها، وبالتالي تكون التكلفة قليلة، أو يمكن الاعتماد على بذور، وشتلات يتم شراؤها من الصيدليات الزراعية أو المشاتل، مع سؤال أصحابها عن كيفية زراعتها، والأوقات المناسبة للزراعة.
فمثلاً بالنسبة للخيار، يتم إحضار البذور ووضعها في وعاء تراب بلاستيكي صغير وسقايتها، ثم توضع في مكان مظلم نوعاً ما لعدّة أيام حتى تظهر النبتة، ويتم نقلها إلى الأرض التي سيتم زراعتها فيها أو الحوض الكبير، وتنتج في غضون شهر أو أكثر بقليل.وكذلك الأمر بالنسبة للكوسا والباذنجان.
أما الطماطم فتحتاج إلى جو دافئ خال من الصقيع والحرارة المرتفعة، ويمكن شراء شتلات الطماطس الجاهزة من المشاتل الزراعية في منطقتك، أو استخلاصها من الثمار، وتوضع في وعاء لا يقل عن 17 سم للشتلة الواحدة، مع مراعاة وجود فتحات لصرف المياه أسفل الوعاء تجنباً للإصابة بتعفن الجذور.

فرصة للتبادل الزراعي
لن يكون بمقدور الزراعة المنزلية، أن تغطي كل احتياجات الأسرة من الخضروات، لكن بانتشار هذا النوع من الزراعة بين سكّان المنطقة الواحدة قد يعتمد أفراد المنطقة على بعضهم في تأمين احتياجاتهم، بحيث تقوم عائلة بزراعة محاصيل معينة وأخرى محاصيل مختلفة ويتم التبادل فيما بينهم.
يشار إلى وجود حديقة منزلية تحتوي على أنواع متعددة من الخضروات والمواد الغذائية بات أمراً ملحاً في سوريا، ولا سيما مع تدهور الوضع المعيشي للمواطن، وارتفاع الأسعار إلى أضعاف بعد تجاوز الليرة السورية حاجز الألفين.
قد يهمك: الفقر يصل إلى مستويات مخيفة في سوريا... ما علاقته بالدولار؟
ومع انهيار الليرة السورية بات المواطن السوري بحاجة لأكثر من 4 أضعاف راتبه من أجل الاستمرار في الحياة وتلبية مطالبه الشهرية من طعام وشراب، والذي يقدر وسطياً بـ 40 ألف ليرة سورية.
وفي دراسة لمركز "فرات للدراسات" في تموز الشهر الفائت، ذهب أن العائلة السورية المؤلفة من 5 أفراد، تحتاج إلى 686 ألف ليرة لتأمين احتياجاتها الشهرية من الطعام فقط، حتى تعيش بمستوى عامي 2009 و2010.
وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في أواخر حزيران الماضي، من أن سوريا تواجه أزمة غذاء غيرمسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9.3 مليون شخص إلى الغذاء الكافي، في ظل تفشي فيروس كورونا، موضحاًَ أن عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون خلال النصف الأول من العام الحالي.
الكلمات المفتاحية