لعل توقيت زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى موسكو، يُعتبر مؤشرًا بارزًا حول الملفات التي سيبحثها مع المسؤولين الروس بخصوص الملف السوري، بعد أسبوعين من زيارة الوفد الروسي رفيع المستوى إلى سوريا لمناقشة ملفات عديدة وصفها متابعون بالمفصلية لعل أبرزها كان التواجد الإيراني في سوريا.
الوفد الروسي الذي وصل إلى دمشق مطلع الشهر الجاري ناقش حساسية الوضع الاقتصادي والسياسي مع الأسد، ولعل الجانب الإيراني أحد المتسببين بتردي الأوضاع لا سيما على الصعيدين السياسي والميداني الذي يزيد في ضيق الروس وإحراجهم، إثر تغلغل النفوذ الإيراني في سوريا و استمرار الاستهداف المكثف له من قبل طيران الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من البلاد.
وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، اعتبر مساء أمس عقب وصوله إلى موسكو في ثالث زيارة إليها منذ تفشي فيروس "كورونا المستجد"، أن هناك تنسيقًا وثيقًا بين إيران وروسيا في حل القضايا الإقليمية، من شأنه أن يتيح إمكانية إقامة اتصالات منتظمة بين الطرفين.
وأضاف ظريف في تصريحات صحفية "هناك تنسيق وثيق بين ايران وروسيا مما سمح لنا بالبقاء على اتصال وثيق مع زملائنا الروس والتنسيق معهم… لدينا أيضا مشاكل جادة في المنطقة، إذ أن القضية السورية بحاجة إلى تنسيق خاص ونقوم مع روسيا وتركيا بتنسيق إجراءاتنا في إطار عملية أستانا".
قد يهمك: نصيحة إسرائيلية لبشار الأسد بسبب النفوذ الإيراني… ما أهدافها؟
بعد الوعود التي قطعها الروس لإسرائيل خلال الاجتماعات الأمنية الفترة الماضية، و التي تمثلت بتحجيم النفوذ الإيراني وإبعاده بشكل أساسي عن الجنوب السوري، وهو الأمر الذي يشكل عائقًا كبيرًا أمام المساعي الروسية في الانتقال الجدي إلى مرحلة إعادة الإعمار والمشاركة الدولية فيها؛ ما دام التغول الإيراني مستمرًا جنوب البلاد وشرقها، فضلًا عن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعانيها دمشق وتزيد من أعباء الملف السوري على الروس.
وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كشف في شهر تموز الفائت عن تحديات رئيسية ثلاثة تواجه حكومته، وقال نتنياهو -آنذاك-: "نواجه ثلاثة تحديات رئيسية ونعمل ضدها دون هوادة: أولا، نتصدى باستمرار للمحاولات التي تقوم بها إيران وعملاؤها للتموضع عسكريا في سوريا".
و أضاف بأنه "يجب على الجيش الإيراني مغادرة الأراضي السورية... ثانيا، نعمل ضد مساعي أعدائنا لتطوير صواريخ عالية الدقة في سوريا ولبنان وغيرهما من المناطق. وثالثا، وهذا هو أهم شيء، لن نسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية".
ما دور واشنطن في العلاقات الروسية الإيرانية؟
الكاتب والمحلل السياسي الروسي، ديمتري بريجع، أشار إلى أن حسم العلاقات الإيرانية الروسية سوف يكون عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في شهر تشرين الثاني المقبل.
و بيّن خلال حديثه لـ "روزنة" أن السياسة الأميركية لها تأثير مباشر على السياسة الروسية الخارجية، لافتًا بأنه إذا ما فرضت واشنطن عقوبات جديدة على طهران، فإن ذلك يعني بحال من الأحوال تقاربًا روسيًا أكبر من الإيرانيين.
وفيما يتعلق بالضغوط الروسية إزاء طلب إسرائيل إبعاد النفوذ الإيراني، قال بريجع أن "روسيا لديها تعاون بين إسرائيل وإيران في نفس الوقت، وهي لا تريد أن تخسر علاقاتها مع هذه البلدان، وهي تستفيد من هذه العلاقات كثيرًا، وروسيا لن تخسر شركائها في المنطقة فهي التي تلجأ إلى سياسة التلاعب بين الطرفين".
وتابع موضحًا "الحكومة الروسية تسمح لإسرائيل بقصف مناطق تواجد المليشيات الإيرانية، وفي الوقت نفسه تتعاون مع إيران في العمليات العسكرية المشتركة ضد المعارضة السورية والتنظيمات الجهادية".
قد يهمك: حلف دولي لمواجهة النفوذ الإيراني بسوريا... متى و كيف؟
ورأى المحلل السياسي الروسي أن موسكو لا تستطيع أن تكون مع أحد الأطراف بشكل كامل، فهي لا تريد وفق وصفه التصعيد مع إسرائيل بسبب التأثير العميق للوبي اليهودي على السياسية الداخلية الروسية والمكانة العالية لهذا اللوبي في روسيا.
وزاد بالقول في السياق ذاته "في نفس الوقت فإن روسيا لا تريد خسارة إيران، فهي بمثابة شريكتها الاستراتيجية، وكذلك إيران لا تريد خسارة روسيا حيث لا يوجد دولة أخرى تستطيع التحالف مع إيران في المنطقة وحل مشاكلها الاقتصادية سوى روسيا".
بريجع رجح أن يتم خلال زيارة ظريف بحث المشاكل الاقتصادية التي يواجهها النظام السوري، إضافة إلى دور "حزب الله" اللبناني في المنطقة، معتبرًا أن إيران تفهم بأن وضع "حزب الله" ليس في أفضل حال ولذلك يجب تغيير سياسة الحزب، بعد أن صرفت إيران الكثير من الأموال على "حزب الله".
وكان وزير الخارجية اللبناني السابق، جبران باسيل، ذكر منتصف الشهر الجاري، أن "حزب الله" بدأ يفكر بالعودة من سوريا، مؤكدًا على أن اللبنانيين يدعمون هذا القرار.
الكلمات المفتاحية