تحدت الرجال في مدينة النبك بريف دمشق، ونجحت في انتخابات البلدية لتكون أول نائب رئيس بلدية في المدينة، وتعمل اليوم على تغيير الصورة النمطية للنساء من خلال راديو سوريات.
"اسمي أميرة ولكلٍ من اسمه نصيب، هذه المقولة الشائعة كانت دافعاً لي في مسعاي إلى تحقيق حلمي في أن أكون قائدة، قادني هذا الحلم لأن أدرس العلوم السياسية، وأتابع ماجستير في العلاقات الدولية ومن ثم دكتوراه لأكون بعد ذلك ربما السفيرة أو الوزيرة"، تقول أميرة مالك لـروزنة.
ولدت أميرة مالك، في مدينة النبك التابعة لريف دمشق عام 1985، ولطالما كانت أميرة منجذبة إلى القادة المحليين والسياسيين، فقرأت وبحثت في حياتهم وظروفهم التي جعلت منهم قادة، الأمر الذي دفعها لدراسة العلوم السياسية، رغم معارضة والدتها النابعة من نظرتها التقليدية ورغبتها بأن تكون والدة المهندسة المعمارية، يضاف إلى ذلك صعوبة الوصول إلى مكانٍ سياسي مرموق في بيئة المحسوبيات والديكتاتورية، بحسب أميرة.
اعتراض والدتها على خوض السياسية لم يمنعها من تقديم الدعم وحرية اتخاذ القرار لابنتها في اختيار مسار حياتها.
عملت أميرة في قطاع التعليم الخاص بالتوازي مع دراستها الجامعية في العاصمة دمشق للمساهمة في توفير نفقاتها الدراسية كحال معظم الطلاب الجامعيين من الطبقة الوسطى، وعادت إلى مدينتها الأم بعد التخرج، وأنشأت شركة مهتمة بالإعلام والإعلان والتصميم.
ترشحت أميرة عام 2011 لعضوية بلدية مدينة النبك في ريف دمشق، وفازت بالانتخابات وأصبحت نائب رئيس البلدية، وكانت أول امرأة تشغل هذا المنصب رغم صغر سنها (26 عاماً) إلى جانب 23 رجلاً آخرين من أصل 70 مرشحًا، أربعة منهم فقط من النساء.
أنا عاجزة عن إني عبر ... لأنو كان نهار متعب ،مفرح كانت خطوة أولى من مشروع رح يستمر ليغطي كتير محافظات كانت خطوة كتير...
Publiée par Amera Malek sur Mercredi 1 octobre 2014
عانت أميرة من رفص زملائها خلال الأشهر الأولى لعملها في البلدية، وازدادت صعوبة التحديات مع تطور الصراع في سوريا من جهة، وفرار رئيس البلدية خارج البلاد، ما ترك منصبه شاغراً، الأمر الذي جعل أميرة مسؤولةً مباشرة عن تسيير شؤون البلدية، فعملت على زيادة شفافية المجلس ومشاركة المجتمع المحلي عن طريق نشر تقارير الاجتماعات الدورية للبدلية عبر الإنترنت وإجراء استطلاعات عامة حول القضايا المتعلقة بالمنطقة المحلية. وبالرغم من صعوبة التجربة إلا أنها ساهمت في تطوير معرفة أميرة بمفهوم المواطنة وحل النزاعات والمفاوضات.
أطلقت أميرة عام 2015 وبمبادرة من ملتقى سوريات يصنعن السلام "راديو سوريات"، وهو منظمة مستقلة غير ربحية تنشط في مجال التنمية، ويبث الراديو من دمشق عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ويسعى لإحداث التغيير في المجتمع السوري من خلال ثلاثة برامج استراتيجية: بناء المجتمع ودعم التعددية، وتشجيع تمكين المرأة في الحياة العامة، بالإضافة إلى تبني خطاب إعلامي حساس لقضايا النوع الاجتماعي، وذلك بحسب الموقع الرسمي للراديو .
تقول أميرة: " هدف الراديو هو التغيير الناعم البطيء القائم على العمل التراكمي غير الصادم، لذلك نعتمد سياسة تحريرية تتجنب إثارة الحساسيات لأي قضية مطروحة من جهة، وتحرض على استقطاب الرجال كشريك أساسي دون استخدام مصطلحات نمطية تسبب نفور الرجال، وخسارتنا للمناصرة في قضايانا كم جهةٍ ثانية، كما اعتمدنا على خبرات شبابية وتطوعية للوصول إلى شرائح مجتمعية لم يكن بمقدورنا الوصول لها، لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع بخصوص النظرة للمرأة وحقوقها وفهم وترويج دور المرأة في السلام والأمن وصنع القرار السياسي".
وفي سعي منها لمحاربة واقع السرطان الثدي في منطقتها أطلقت حملة "ضمة وردية"،والتي تضمنت أنشطة مجتمعية تم من خلالها تأمين كشوفات مجانية لـنساء معيلات بهدف تشجيعهن على إجراء هذا الكشف، وتذكيرهن بضرورة الاعتناء بأنفسهن كسيدات وخاصةً في ظل الظروف الراهنة. ولعا فكرة مسير القلمون من بين منطقة "النبك" و"دير عطية" باتجاه المدينة الطبية التابعة لجامعة "القلمون"، بمشاركة ما يقارب 100 شخص واحد من النشاطات المهمة في الوقت الذي كان يعلو فيه صوت المدافع.
وتؤكد أميرة على الصعوبات التي تواجه راديو سوريات، حاله كحال معظم المنظمات والفرق المدنية داخل سوريا وخارجها، بدءاً من نقص الخبرات نتيجة غياب العمل المدني في سوريا قبل عام 2011، وصولاً إلى مصادر التمويل، وسياسات الجهات المانحة، مشيرةً إلى تنفيذ مشاريع تطوعية دون توافر أي ميزانية، وذلك لأن الفريق يؤمن بهدفه، ويشعر أن الراديو هو المساحة للتعبير عن أنفسهم.
تمكنت أميرة من الحفاظ على شخصيتها المعتدلة والمقبولة وحل العديد من المشاكل المعقدة دون مواجهة الآخرين، وساهمت بتغيير الصورة النمطية للمرأة السورية، والتغلب على الصعوبات التي تواجهها في الوصول إلى المناصب العليا، وضمان وجود المرأة في منصات صنع القرار لإحداث التغيير، وتختتم أميرة بقولها "العدالة الانتقالية ليست أمراً حاسماً في سوريا فحسب، بل إنها مرتبطة أيضاً بتجربتي وطموحي".
الكلمات المفتاحية