لماذا يعترف ترامب برغبته في اغتيال الأسد؟ 

لماذا يعترف ترامب برغبته في اغتيال الأسد؟ 
سياسي | 16 سبتمبر 2020 | مالك الحافظ

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول اعترافه التفكير قبل 3 سنوات باغتيال رئيس النظام السوري بشار الأسد، الكثير من التساؤلات بخصوص الرسائل التي أراد ترامب إيصالها.


ترامب ذاته كان قد نفى حصول هذا الأمر عام 2018، و ليفتح الآن الباب أمام التساؤل بجدوى هذا التصريح وفيما إذا كان يمكن أن يستغله لحملته الانتخابية في السباق نحو الرئاسة بعد نحو شهرين. 

و عبر برنامج تلفزيوني على قناة "فوكس" الأميركية، كشف ترامب يوم أمس الثلاثاء عن رغبته عام 2017 بقتل رئيس النظام السوري بشار الأسد، غير أنه بيّن معارضة وزير دفاعه آنذاك جيمس ماتيس لعملية الاغتيال.

 وأضاف ترامب عبر البرنامج: "كنت أفضل قتله، لقد جهزت للأمر تماماً… لم يرغب ماتيس في أن يفعل ذلك، كان جنرالاً بولغ في تقديره وتركته يرحل".

وناقض الرئيس الأميركي تصريحات سابقة له أدلى بها عام 2018، وقال حينها إن تقريرا صحفيا تحدث عن عزمه اغتيال الأسد "من وحي الخيال" ولفت حينها إلى أن خيار اغتيال رئيس النظام السوري لم يكن مطروحا ولن يكون كذلك، وفق ما قاله في ذلك الوقت، فيما كان قد نشر الصحفي الأمريكي بوب وودوورد تقريرا تحدث فيه عن عزم ترامب اغتيال الأسد؛ بعد هجوم كيماوي اتهمت قوات النظام السوري بتنفيذه عام 2017.

اقرأ أيضاً: هل تُوقف الولايات المتحدة مواجهة خلايا داعش؟

إلى ذلك وصفت دمشق السلوك السياسي للإدراة الأميركية بأنه "أرعن" ولا يدل "إلا على نظام قطاع طرق" وذلك في أول تعليق رسمي على تصريحات ترامب حول رغبته باغتيال الأسد. 

وقالت خارجية النظام السوري وفق ما نقلته وكالة "سانا" إن تصريحات "رأس الإدارة الأمريكية" حول استهداف الأسد "تبين بوضوح المستوى الذي انحدر إليه التفكير والسلوك السياسي الأرعن للإدارة الأمريكية، ولا يدل إلا على نظام قطاع طرق يمتهنون الجريمة للوصول إلى مآربهم".

هل كانت واشنطن ستنفذ ذلك؟

ال‏باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، زيد سفوك، استبعد خلال حديث لـ "روزنة" وتعليقاً على حقيقة رغبة ترامب فيما قاله حول الأسد، وجود أي رغبة لدى الولايات المتحدة الأمريكية بتصفية الأسد، مشيرًا في هذا السياق إلى الوجود العسكري الأميركي شمال شرقي سوريا والذي تمر قواته في الكثير من الأحيان على حواجز قوات النظام السوري هناك، وفق وصفه. 

وتابع بالقول "يجب أن يدرك الرأي العام العالمي الفرق بين تصريحات شخصية لا قيمة لها، وبين سياسة دولة عظمى لا تبالي بالشعب السوري ويهمها مصالحها فقط".

وأضاف في سياق متصل "لا يوجد رئيس عاقل أو بكامل وعيهِ يصرح بأنه أراد اغتيال رئيس دولة أخرى، بغض النظر عن الأحداث أو شرعية ذاك الرئيس المستهدف من عدمها… أستطيع أن أقول بأن دونالد ترامب غير صالح ليكون رئيس دولة وغير منضبط سياسيا، هو ضمن فريق البيت الأبيض لكنه دائما يتصرف كلاعب منفرد لا يتقيد بأسس ومعايير الفريق، لذلك فشلت الولايات المتحدة في احتواء الملف السوري والعراقي معا بعد تولي ترامب الحكم". 

قد يهمك:  متى تنسحب الولايات المتحدة من قاعدة التنف؟ 

و فيما إذا كانت لتصريحات ترامب أية تأثيرات سياسية وقانونية، رأى سفوك أن ما قاله ترامب "مجرد زوبعة في فنجان"، و زاد بالقول "الرئيس الأميركي يتباهى بالانتصارات الوهمية كنوع من الدعاية الشخصية الذاتية... على أرض الواقع منذ حرب العراق عام 2003 وحتى عام 2020 في سوريا؛ فإن الولايات المتحدة  لم تقدم أي شيء إيجابي لشعوب المنطقة، ما زالت إيران تتمدد في توسيع نشاطاتها… (ترامب) فاقد للمصداقية ومحاولته الفوز بتجديد ولايته؛ خاسرة لا محالة، إنه رجل التغريدات غير المنضبط وهذه شهادة الكونغرس ومجلس الشيوخ وحتى غالبية أعضاء البيت الأبيض".

صندوق الانتخابات الأميركية وصل إلى سوريا؟

وقد يُعتبر استثمار الملف السوري في الانتخابات الأميركية المقبلة (تشرين الثاني المقبل)، أمرًا طارئًا على برامج السياسة الخارجية لمرشحي الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. 

ولعل الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب (مرشح الحزب الجمهوري الأميركي في الانتخابات المقبلة)، كان قد استثمر بشكل كبير في الملف السوري وتفاعلاته من أجل خدمة مصالحه وتقوية أوراقه في الانتخابات المقبلة، ابتداء من التفاخر "الإعلامي" بالنصر "الكامل" على تنظيم "داعش" الإرهابي بعد 5 سنوات من حرب كلفت المليارات، ورغم ذلك ما يزال التنظيم الإرهابي حاضراً في مناطق مختلفة من سوريا. 

وليس ببعيد عن محاربة "داعش" حيث تعد مناطق شرق الفرات السوري من أكثر المناطق التي نشط فيها، فقد سعى ترامب لتعزيز استغلال الملف السوري عبر طرح معادلة حماية الأكراد السوريين وتمكينهم في المنطقة في وجه النظام و خلايا "داعش" و تركيا، إضافة إلى تأكيده المستمر على اهتمام واشنطن بتنفيذ أهم بنود استراتيجيتها المتمثلة بالقضاء على النفوذ الإيراني في سوريا بشكل كامل؛ انطلاقاً من قطع الطريق على طهران في الشرق السوري وامتداداً إلى التفاهم مع "إسرائيل" في إعطاءها الضوء الأخضر لضرب هذا النفوذ.

قد يهمك: هل أمريكا وحدها مرتبكة في شرق الفرات؟

ولا يغيب في هذا الاستعراض اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، ساعياً من وراء ذلك لكسب تأييد اللوبي الصهيوني في أميركا. 

على المقلب الآخر نجد أيضًا أن جو بايدن (مرشح الحزب الديمقراطي) المنافس الأبرز لترامب، أمسك هو الآخر بالورقة السورية في سعيه للكشف عن برنامج سياسته الخارجية في صراع الرئاسة المقبل. 

و كشف فريق المرشح جو بايدن، عن موقفه من وجود قوات أمريكية شمال شرق سوريا، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأميركية، ستحتفظ بوجودها العسكري شمال شرق سوريا كوسيلة ضغط على الأسد.

وقال انتوني بلينكن كبير مستشاري السياسة الخارجية للمرشح الديمقراطي، في مقابلة صحفية خلال وقت سابق، إن "مئات القوات الأميركية المتمركزة في شمال شرق سوريا لتقديم المشورة للقوات الشريكة التي تقاتل تنظيم داعش وتأمين حقول النفط في المنطقة ستبقى هناك، إذا تم انتخاب بايدن رئيساً في تشرين الثاني المقبل"، وأضاف "لا يجب أن يكونوا هناك من أجل النفط، كما قال ترامب، لكن صادف وجودهم بالقرب من النفط، هذه نقطة نفوذ لأن الحكومة السورية تود أن تسيطر على هذه الموارد، لا يجب أن نتخلى عن ذلك مجاناً".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق