استبعد مسؤول طبي في محافظة إدلب فرض حجر صحي كليّ على المحافظة بعد ارتفاع أعداد الإصابات في المنطقة بشكل تصاعدي مفاجئ، مشيرًا إلى أن الفيروس دخل مرحلة "الدوران في المجتمع" بحيث لم تعد مواجهته ممكنة من خلال تطبيق سياسة الحجر الكلي في إدلب.
وقال الطبيب حسن قدور، رئيس الرعاية الطبية في محافظة إدلب، خلال حديث لـ "روزنة"، اليوم الثلاثاء، أن الفيروس بات متواجدا في المنطقة، دون تحديد بؤرة له يمكن محاصرته فيها؛ كما حصل سابقا في باب الهوى و سرمين في بداية انتشار الفيروس، وفق تعبيره.
وأضاف "الفيروس في مرحلة دوران في المجتمع، وبات منتشرا بين الناس؛ لذا فإن ما ننصح به حاليا هو اتباع إجراءات الحماية الشخصية وتجنب التواجد في أية أماكن مزدحمة، والابتعاد عن الاختلاط غير الضروري، و المحافظة على ارتداء الكمامة وغسل اليدين بالماء و الصابون دائمًا".
حديث قدور يأتي بعدما سجلّ مخبر الترصد الوبائي التابع لـ "شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة"، مساء أمس 80 إصابة جديدة لفيروس "كورونا" في مدن وبلدات شمال غربي سوريا.
قد يهمك: "كورونا" يتسلّل إلى شمال سوريا من المعابر الحدودية
وذكرت الشبكة في نشرتها اليومية أن المخبر سجل 80 إصابة، 51 منها في قرى وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي و21 في محافظة إدلب، ليرتفع بذلك عدد الإصابات الكلي إلى 345.
من ناحيته، أكد فريق "منسقو استجابة سوريا" أن التفشي السريع للفيروس الذي تشهده المنطقة في الأيام الماضية أمر يدعو للقلق بشكل كبير، كما دعا إلى بذل قصارى الجهد من أجل تجنب ازدياد عدد حالات الإصابة بصورة عشوائية.
وحذر الفريق في بيان له من أن المنطقة مقبلة على حالة "انتحار جماعي" نتيجة غياب الإجراءات الأساسية الصارمة، مطالبًا كافة الفعاليات الإنسانية المحلية والدولية إلى اتخاذ كل التدابير كافة لحماية المخيمات وسكانها من تفشي الفيروس.
إفراغ المخيمات
وحول ذلك قال محمد حلاج، مدير فريق "منسقو الاستجابة" لـ "روزنة" بعد ظهر اليوم الثلاثاء، أن الاصابات بدأت تأخذ منحى تصاعدي بشكل كبير، وتابع "قبل يومين كانت نسبة الإصابات بالنسبة لعدد المسحات هو 24 بالمئة، وبعد ذلك بيوم أصبح 27 بالمئة، وأما يوم أمس صار 50 بالمئة"، مشيرًا إلى الارتفاع الكبير الحاصل في مستوى مؤشر الإصابات في الشمال السوري.
و زاد في السياق ذاته "إجراءات (المواجهة) يصعب التعامل معها؛ بخاصة أن القطاع الطبي بوضع هش جدا، والإصابات تكثر ضمن المشافي بالإضافة للمخيمات".
وعن الخيارات التي يمكن اللجوء إليها واعتبارها كحلول مقبولة لمواجهة خطر تفشي أوسع للفيروس، ذكر حلاج بأن أهم الأولويات تتمثل بزيادة فعاليات الاستجابة الإنسانية فيما يتعلق بالفيروس من حملات تعقيم وتقديم مستلزمات النظافة، ومخصصات الأفراد من المياه بشكل يومي لتصل إلى الحد الأدنى من المعيار العالمي.
اقرأ أيضاً: ارتفاع قياسي بإصابات كورونا شمالي سوريا… هل ينذر بكارثة صحية؟
وأردف قائلًا "يجب فرض سياسة إغلاق جزئي في مناطق انتشار الوباء بشكل كبير… نحن لدينا عدة تصنيفات بخصوص الوضع الوبائي، فمدينة الباب هي مركز الوباء، وهناك أيضًا إدلب و المخيمات و المناطق الأخرى".
ومتفقًا فيما ذهب إليه قدور، رأى حلاج بعدم إمكانية فرض سياسة الإغلاق الكلي في المنطقة وبخاصة في المخيمات، مشيرًا إلى أهمية تطبيق الإغلاق الجزئي.
وختم بالقول "يجب إفراغ المخيمات فنسبة الإصابات المسجلة من العدد الكلي في المخيمات حوالي 10 بالمئة، و إذا استمر الوضع على هذا المنوال فيمكن أن يتضاعف العدد لأكثر من ذلك… نحن نتوقع زيادة في الإصابات إذا لم يتم فرض إجراءات صارمة في المنطقة".
غياب الوعي و ضعف الالتزام بإجراءات الحماية
الطبيب محمد السالم، و هو منسق في "وحدة تنسيق الدعم" قال خلال حديث لـ "روزنة" أثناء تواجده اليوم في إدلب، أن الوضع الوبائي خرج عن السيطرة في وقت يبدو مؤشر طبيعة معظم الحالات متوسط الخطورة.
وتابع "إن استمر الوضع لدرجة أعلى فنحن سنكون أمام انفجار بالحالات شديد الخطورة، وممكن أن يحدث كسر بالقطاع الصحي خلال شهر ونصف… نحن ماضون بسرعة نحو انفجار أعداد حالات الإصابة".
قد يهمك: كورونا يصيب أكثر من 200 موظف أممي في سوريا
و بشأن الإجراءات المتبعة في المنطقة للتعامل مع فيروس "كورونا"، أشار السالم إلى عدم الالتزام التام بالحجر سواء عند المخالطين أو المصابين، وأكمل "ليس هناك وعي كاف و ليس هناك سلطة تفرض الحجر؛ حيث لا توجد مؤسسات حوكمية حقيقية تساعد القطاع الصحي بذلك، إضافة إلى عدم وجود سلطة حقيقية تنفذ إجراءات العزل؛ هذا كله أمر خطير".
كما نبه السالم في حديثه إلى أحد المخاطر المتربصة بالمنطقة وهو وصول أعداد الإصابات في المخيمات إلى 33 إصابة -حتى الآن-، وهو العدد الذي وصفه بـ"الكبير" و ينذر بكارثة أكبر، وفق تعبيره، و أضاف في هذا السياق "الوضع بالمخيمات وضع غير إنساني، ونحن مقبلين في الفترة المقبلة على زيادة الانتانات النفسية، وزيادة التجمعات في الأماكن المغلقة داخل المخيمات، و العدوى سوف تصبح أكبر".
وكانت السلطات العاملة في الشمال السوري، أصدرت اليوم الثلاثاء، قرارات تتعلق بإغلاق أماكن عامة، في كل من محافظة إدلب ومدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، بسبب ارتفاع أعداد الإصابات المسجلة بفيروس "كورونا المستجد".
و طالب وزير الصحة في "الحكومة السورية المؤقتة" المعارضة، الطبيب مرام الشيخ، يوم أمس، "منظمة الصحة العالمية" باستكمال إجراءات الاستجابة، والوعي بخطورة الوضع في الداخل السوري، بسبب تزايد عدد الحالات الإيجابية اليومية. موضحًا بأن وزارة الصحة لا تستطيع إجراء حظر تجول من دون تعاون السلطات التنفيذية الأخرى، وهذا ما يجري التفكير به.
الكلمات المفتاحية