يأتي التقرير الذي أوردته صحيفة "سفوبودنايا بريسا" الروسية، كإشارة صادرة من موسكو على تأكيد النهج الذي تستغله روسيا في تجريب أسلحتها الجديدة على السوريين وداخل أراضيهم، حيث أفردت الصحيفة تقريرها المنشور يوم أمس الأول حول نماذج الأسلحة الجديدة التي سوف تختبرها روسيا في ظروف قتالية في سوريا بعد "منتدى الجيش-2020".
وأشار التقرير إلى أنه و "في المنتدى العسكري التقني الدولي الأخير والذي حمل اسم "الجيش-2020"، والذي اختتم مؤخرا في حديقة باتريوت بالقرب من موسكو، تم عرض ما مجموعه حوالي 28 ألف نموذج من الأسلحة".
ولفت إلى أن شركة "روستيخ" الحكومية قدمت مؤخرا حوالي 70 نموذجا لم تُعرض من قبل، ومن الواضح أن بعضها تم "شحذها" مع أخذ التجربة السورية في الاعتبار.
و قد بيّن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، خلال المنتدى مستعرضا معروضات منتدى "الجيش-2020"، ما هي النماذج الجديدة التي يمكن تبنيها. في الوقت نفسه، أشار وزير الدفاع إلى أن "الخصائص العالية التي أعلنها المطورون جيدة، لكنها ليست كافية. فيجب التأكيد منها في ظروف قريبة من القتال، ثم في سوريا".
وفي كانون الأول 2019، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن أكثر من 350 نوعا من المعدات العسكرية شاركت في الأعمال القتالية على أراضي الجمهورية العربية السورية، وتم اختبار أكثر من 600 نوع من مختلف الأسلحة والمعدات العسكرية. وقد تم تطوير العديد منها مع الأخذ في الاعتبار التجربة السورية.
و قبل خمس سنوات، ظهر بأن الروس يسعون لاستخدام سوريا كأكبر حقل رمي وتدريب للاختبار العملي لجميع أنواع الأسلحة الجديدة، من صواريخ "كاليبر" المجنحة، ومقاتلات الجيل الخامس Su-57، ودبابات T-14 "Armata"، وانتهاءً بأنواع مختلفة من الذخائر.
فعلى مدى أكثر من 4 سنوات اختبرت روسيا جميع أسلحتها الحديثة والتكنولوجيا العسكرية إثر تدخلها المباشر في سوريا منذ 30 أيلول 2015، مستغلة الحرب من أجل تجربة جيل جديد من أسلحتها وطرق استخدامها في العمليات العسكرية.
و سعت موسكو على مدى مراحل متعددة من مسار العمل العسكري في سوريا والذي أحرزت خلالها تقدماً ملموساً على الأرض؛ لنشر ترسانتها الحربية من طائرات مقاتلة، وقاذفات القنابل الإستراتيجية، و أتاحت العمليات الجوية الروسية على وجه الخصوص، فرصة لدى المراقبين للوقوف على مدى تأقلم عتاد القوات الجوية وعقيدتها العسكرية مع معارك على أرض الواقع.
خسائر و أرباح
بحسب تقرير للمعهد البريطاني للدفاع "آي اتش اس جينز"، أصدره نهاية تشرين الأول 2015، (بعد أقل من شهر على بدء الطلعات الجوية الروسية)، فإن موسكو أنفقت ما بين 2.3 مليون دولار و4 ملايين دولار يومياً على عملياتها العسكرية في سوريا.
وشمل الإنفاق تكلفة الأسلحة والصواريخ والقنابل المستخدمة في القصف، إضافة إلى الخدمات التقنية وصيانة المعدّات المشاركة في العمليات، ونفقات المورد البشري.
وخلصت النتائج إلى أن روسيا أنفقت -آنذاك- قرابة 440 ألف دولار فقط على الرواتب الشهرية والمكافآت للضباط الروس العاملين في قاعدة "حميميم" غربي سوريا، وعلى الطعام والخدمات الأخرى التي تقدمها لهم.
الكاتب المتخصص في الشؤون الروسية، طه عبد الواحد، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن فكرة اختبار الأسلحة الروسية في سوريا لم تكن على قائمة أهداف التدخل العسكري الروسي -آنذاك-، إلا أن أول إشارة حول الاستفادة من التدخل في سوريا؛ برزت في تصريحات بوتين بعد أشهر من ذلك التدخل، وكان حينها يرد على تقارير تحدثت عن عبء الإنفاق العسكري نتيجة إرسال القوات إلى سوريا.
لم تكن التكلفة الرسمية المعلنة لتدخل موسكو مشابهة لتوقعات مراكز الدراسات والصحف، سواء الروسية أو الغربية، فقد أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 17 آذار 2016، أن تكلفة عمليات بلاده في سوريا بلغت 478 مليون دولار، وانطلاقاً من هذا الرقم فإن التكلفة اليومية للعملية العسكرية بعد 167 يوماً من انطلاقها بلغت قرابة 2.87 مليون دولار.
تلك التكلفة التي وضعتها روسيا منذ تدخلها العسكري، أخذت مقابلها العديد من المكاسب السياسية والعسكرية، يأتي في مقدمتها تسويق الانتاجات العسكرية الروسية على مستوى العالم، وهو ما أكده الرئيس الروسي في تصريحات له في شهر نيسان الماضي خلال اجتماع لجنة التعاون العسكري التقني مع الدول الأجنبية، مشيراً إلى تنفيذ روسيا خططها لتصدير السلاح بنسبة بلغت 102 بالمئة، بزيادة فاقت المتوقع بأكثر من ملياري دولار.
و في آذار 2018، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن موسكو اختبرت 210 أسلحة، و "قمنا بتجربتها بالتعاون مع السوريين في ساحة المعركة. ما اختبرناه، والملاحظات، كل ذلك، أنا واثق من أنه في المستقبل سيخلّص حياة من سيستخدم هذه الأسلحة".
فيما أقر رئيس اللجنة العلمية العسكرية إيغور ماكوشييف، أنه تمّ تغيير تصاميم إنتاج أكثر من 200 نوع من الأسلحة الجديدة بعد اختبارها في الصراع السوري. ونتيجةً لذلك، تُعتبر الأسلحة الروسية الحديثة، التي يختبرها الجيش الروسي في المعارك الدائرة داخل سوريا، خطيرةً جدًا على مصالح أمريكا وتفوّقها العسكري.
الكلمات المفتاحية