تحذيرات دولية من إعادة ترتيب صفوف داعش!

تحذيرات دولية من إعادة ترتيب صفوف داعش!
سياسي | 29 أغسطس 2020 | مالك الحافظ

في الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الخزانة الأميركية بيانا لها يوم أمس الجمعة، لفتت فيه إلى عقد التحالف الدولي لهزيمة تنظيم "داعش"، نهاية شهر تموز الماضي، اجتماعه الثالث عشر لمجموعة مكافحة تمويل التنظيم الإرهابي، ما يزال عناصر يشنون هجماتهم المتتالية على مناطق سيطرة النظام السوري والنفوذ الإيراني في بادية دير الزور شرقي سوريا.


و أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" تواصل الاشتباكات بوتيرة عنيفة، بين تنظيم "داعش" من جهة، وقوات النظام و عناصر النفوذ الإيراني من طرف آخر، على محاور في ريف دير الزور الغربي ضمن البادية السورية، وسط استمرار المواجهات بين الجانبين.

ووثق المرصد السوري خسائر بشرية جراء القصف والاشتباكات المتواصلة منذ يومين، حيث قتل 14 عنصرا من قوات النظام والقوات المحلية الرديفة له، بينهم قائد قطاع الريف الغربي، بالإضافة لمقتل 5 عناصر من التنظيم الإرهابي.

في حين قالت مصادر محلية في ريف دير الزور الشرقي، إن عددا من عناصر النفوذ الإيراني المكلفين بحراسة "مزار عين علي" في بادية القورية، قتلوا جرّاء هجوم نفذه تنظيم "داعش" في محيط المزار، وبحسب مصادر شبكة "دير الزور24"، فإن التنظيم شن هجوما عنيفا على العناصر المتواجدة في منطقة المزار، مما استدعى تدخل الطيران الحربي التابع لقوات النظام، وأشارت المصادر إلى أن العناصر المكلفين بحماية المزار فروا باتجاه مدينة الميادين لحين انتهاء الهجوم.

وبالعودة إلى مجموعة مكافحة تمويل تنظيم "داعش" التي تسند رئاستها منذ تأسيسها، في 2015، لكل من إيطاليا والولايات المتحدة والسعودية. فقد أصدرت المجموعة بيانا، قالت فيه إن تنظيم "داعش"، رغم هزيمته على الأرض، لا يزال مصمما على إعادة جمع صفوفه وممارسة العنف ضد شركاء التحالف والسكان المحليين أينما كانت.

اقرأ أيضاً: داعش إلى الواجهة من جديد... هل يستطيع إعادة بناء نفسه؟

وبناء على ذلك، فقد "واصل أعضاء المجموعة جهودهم الحاسمة لاستنزاف موارد داعش، وتعطيل تدفقاته المالية، وإضعاف مرونته"، وبحسب البيان، فقد تبادل الأعضاء معلومات حول الأنشطة المالية لـ "داعش"، والإجراءات التي اتخذتها السلطات القضائية لتعطيل العمليات المالية للتنظيم، كما تضمن الاجتماع تبادل معلومات حول التحسينات التي قدمتها الدول في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويحافظ التنظيم مؤخراً على نشاطه في البادية السورية (أرياف حمص ودير الزور الشرقية)، الذي يستهدف من خلالها قوات النظام السوري والفصائل التابعة للنفوذ الإيراني، وبدرجة أقل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في مناطق من شمال شرق سوريا. 

ولعل التساؤل الأبرز في ظل حالة الهجوم المتقطع الذي يتبعه التنظيم، والذي يعلن من خلاله عن استمرار تواجده بخلاف الإعلان الأميركي في وقت سابق عن القضاء على التنظيم، لعل التساؤل يكمن في مصادر التمويل التي ما زالت تمنح "داعش" الحياة وتغذي نشاطه الإرهابي. 

الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، كان اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن تنظيم داعش لديه مصادر تمويل عدة، ومن بينها العملة الرقمية "البيتكوين" والذهب الخام، قد تمكنه من استعادة قوته خلال الفترة المقبلة. 
 
 وكشف فاروق، عن عدد من العوامل التي تساعد في بقاء تنظيم داعش، رغم الضربات المتلاحقة التي تعرضها لها من قبل قوات التحالف الدولي، وسقوط مشروع "دولته" وخسارته الفادحة للجغرافية السياسية المتمركز فيها داخل سوريا والعراق.


قد يهمك: ما أسباب استهداف الولايات المتحدة لـ "حراس الدين" بعد "داعش"؟


وأشار إلى أن الدعم المالي، يأتي في مقدمة تلك العوامل؛ حيث يعتمد "داعش" على مصادر تمويل متعددة تمكنه من الاستمرار في المواجهة، وإعادة ترتيب هيكله التنظيمي، حتى لو سقط مشروع دولته على أرض الواقع، وفق تقديره. 

وأوضح بأن داعش يجيد الاتجار بالعملة الرقمية "البيتكوين"، كما أن التنظيم كان استحوذ على كميات كبيرة من الذهب الخام التي استولى عليها من المناجم السورية والعراقية، فضلاً عن تمكنه من الاحتفاظ بكميات من الأموال التي حصل عليها نتيجة الاتجار في المواد النفطية، وقام بتحويل عائدها لبعض دول أوروبا، عبر وسطاء، وذلك بعيدا عن التجميد والمصادرة.

فيما قال الكاتب و الباحث السوري؛ سعد الشارع، خلال حديث سابق لـ "روزنة" أن تنظيم داعش خلال هذه المرحلة يعتقد بأنه لا جدوى من سيطرة التنظيم على المدن، وأضاف: "التنظيمات ما زالت بحاجة للتواجد في البراري؛ و في أعالي الجبال ريثما ترتب امورها وتعيد تشكيل نفسها؛ وتكسب حواضن شعبية تتقبل وجودها داخل المدن".
 
و رأى الشارع أن تنظيم داعش بدأ يعرض نفسه للفضاء الجهادي والعودة إلى المنظومة الجهادية، وتابع بأن "التنظيمات الجهادية لا تفنى فناءا كاملا كون أن فكرة الجهاد فكرة على روافع لا يمكن محاربتها؛ وتلك الروافع وفق وصف الشارع تتعلق بالحواضن الشعبية والإمدادات المالية والقناعات البشرية".

وأردف بالقول: "التنظيم الجهادي ليس بناءً اسمنتياً يمكن هدمه، التنظيم قد يكون انتهى جغرافيا أو كفاعلية عسكرية مفتوحة، أما من ناحية المخاطر الأمنية؛ فمخاطره موجودة ودائما هذه التنظيمات تعيش في فترة سبات ثم تظهر من جديد".  

ومطلع العام الجاري أفاد تقرير لمجلس الأمن الدولي، بأن التنظيم الإرهابي وبعد خسارة أراضيه، بدأ في ترتيب نفسه في كل من سوريا والعراق، حيث نفذ هجمات على نحو متزايد، وخطط لإخراج مقاتلي التنظيم من المعتقلات، من خلال استغلاله ضعف الظروف الأمنية في كلا البلدين.


اقرأ أيضاً: واشنطن تُعيد بناء قواعدها في شرق الفرات… ما الأسباب؟


كما أوضح التقرير بأن أحد أسباب مرونة تنظيم داعش هي مصادر تمويله الكافية، مضيفاً بأنه وفقا لأحد التقييمات الأكثر تحفظاً من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فإن تنظيم داعش لا يزال لديه 100 مليون دولار في خزينته.

و كان فلاديمير فورونكوف، مسؤول مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، أعلن الأسبوع الفائت أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 10 آلاف من مقاتلي تنظيم "داعش" ما زالوا نشطين في العراق وسوريا بعد عامين من هزيمة التنظيم، وأن هجماتهم زادت بشكل كبير هذا العام.

وأخبر فورونكوف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن مقاتلي داعش يتحركون بحرية في خلايا صغيرة بين البلدين، وأكد أن "داعش" أعاد تنظيم صفوفه وزاد نشاطه ليس فقط في مناطق الصراع مثل العراق وسوريا ولكن أيضًا في بعض الفروع الإقليمية.

وأوضح أنه ومنذ بداية هذا العام، تنامى التهديد في مناطق الصراع، كما يتضح من إعادة تجميع وتزايد نشاط داعش وبعض الجماعات التابعة له في العراق وسوريا، أما في المناطق التي لا تشهد نزاعات، يبدو أن التهديد قد انخفض على المدى القصير، تزامنا مع إجراءات الإغلاق والقيود التي فرضها تفشي وباء "كورونا".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق