تصادم روسي-أميركي شرق الفرات… ما النتائج؟ 

تصادم روسي-أميركي شرق الفرات… ما النتائج؟ 
سياسي | 29 أغسطس 2020 | مالك الحافظ

قالت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، إن البنتاغون ينوي الثأر لجنوده من روسيا بعد حادثة تصادم العربات، شمال شرق الحسكة يوم الأربعاء الفائت. 


و ذكّرت الصحيفة بحديث وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر يوم الخميس الماضي، حول وجوب أن تقدم واشنطن "رد فعال" على مثل هذه الحوادث والاستعداد "لمواجهة روسيا والصين حول العالم".

وأشارت الصحيفة إلى أن الجنرال الروسي غلادكيخ مؤخرا، قتل بعد أن أطلقت "الإدارة الذاتية" الكردية سراح عدد من "الإرهابيين" من سجونها بدعم من الولايات المتحدة، وأن الأميركيين متورطين بشكل غير مباشر في مقتل الجنرال الروسي. 

بدورها استعرضت روسيا ردها الصارم على مقتل الجنرال عبر اعتراض الدورية الأميركية وإصابة عدد من الجنود، لكن من المتوقع أن يأتي رد من واشنطن أيضا، بحسب الصحيفة.

من جانبها وجّهت وزارة الدفاع الأميركية؛ تحذيراً لروسيا بشأن الاحتكاك المتكررة بقواتها شرق سوريا، و في بيان لها يوم الخميس، وصف المتحدث باسم وزارة الدفاع غونثان هوفمان، تلك التصرفات بـ "الاستفزازية المتعمدة".

وحول ذلك رجّح الباحث السياسي، صدام الجاسر خلال حديث لـ "روزنة" أن يكون هناك صراع محدود بين الأمريكان والروس، إلا أنه لن يرقى إلى مرحلة الصدام، مشيراً إلى التنسيق الروسي الأميركي من أجل تفادي الصدامات المحتملة وعدم تطورها. 

وتابع بأن ما يحدث خلال الفترة الحالية هو حالة من تثبيت الحدود بين الروس والأمريكان، وترسيم مناطق نفوذ كل قوة منهم.

قد يهمك: مواجهة أمريكية-روسية جديدة بسبب إيران..ما هي العواقب؟

وأضاف بأن روسيا تركز حاليا جهودها من أجل تثبيت مناطقها في الساحل، و إنشاء مراكز كبيرة هناك تكون تابعة لها بشكل مباشر، ولكنها في بعض الأحيان تفتعل بعض الصدامات المحدودة مع الأمريكان في مناطق شرق سوريا لتقول أنها موجودة أيضا ويجب التنسيق معها في هذه المنطقة.

وختم بالقول أن "روسيا تحاول أيضاً تقديم نفسها لدى المجتمع الدولي بأنها جاءت إلى سوريا لمحاربة الإرهاب الداعشي، وبذلك تحاول كسب التأييد من أجل الحصول على استثمارات ومشاريع تعوضها عن التكلفة المادية التي قدمتها من خلال التدخل في سوريا، خصوصا أن النظام السوري غير قادر على تمويل أو تقديم أي مردود مادي للروس، حيث تسعى روسيا إلى جذب المساعدات الأوروبية في ظل الاختلاف الأوربي الأميركي الحالي على الملف السوري، وعدم وضوح رؤية أميركية للحل في سوريا". 

فيما كان لفت الباحث في العلاقات الدولية، طارق وهبي، خلال حديث لـ "روزنة" إلى أن الدخول الأميركي في الأزمة السورية كان ردة فعل واضحة لعدم تدخل إدارة أوباما في وضع حلول، معتبراً أنه لم يكن من إدارة ترامب إلا أن تقوم لتتفحص مدى تأثير القرار الأمريكي على الأحداث الداخلية والقرارات العسكرية، وتابع " بالإضافة إلى أن شرق سوريا وبالتحديد الحدود السورية العراقية تشكل هماً كبيراً بعد الانحسار الأميركي من العراق".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لا ترى تحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلا مكتسبات مادية فقط، وأيضاً سياسية متعلقة بأمن إسرائيل.

قد يهمك: بوتين رئيساً إلى الأبد… هل يُغيّر استراتيجيته في سوريا؟

و أوضح بأن الإدارة الأميركية تعتمد كثيراً على مقاربات استخباراتية ومراكز أبحاث محلية واقليمية تستمد حضورها من تمويل شرق أوسطي أو خليجي، وهذا ما يدفع الأميركيين بحسب تعبيره إلى محاربة كل من يقف أمام معرفتهم بالأمور. وتابع "السياسة الوقائية هي السياسة الدائمة لدى الإدارة الأميركية، وروسيا تشكل هماً دولياً لواشنطن ولكنها أيضاً تشكل مصدر معلوماتي واسع للأمن الوقائي".

بينما رأى الكاتب السياسي السوري، غسان المفلح، خلال حديث لـ "روزنة" بأن الروس يسعون خلال المرحلة الحالية لإيجاد أكبر مساحة من التقاطعات؛ على رؤيتها للحل في سوريا. أقلّه في المنطقة التي تتشارك فيها السيطرة مع الأسد وإيران، طامحة من وراء ذلك إلى فتح ثغرة في بقية المناطق أو في الموقفين الأميركي والتركي والدولي عموماً.

وأضاف "من جهة أخرى (فإن) الروس يتحركون أيضا في محاولة لتبيان أن لديهم ما يقومون به في سوريا، (وذلك) نظرا إلى قيام أميركا بتجميد الوضع أو تزمينه تبعا لقانون "قيصر" وما يريد الأمريكان منه… لهذا في كلتا الحالتين الموقف الروسي في مأزق".


قد يهمك: تسييس الملف الإنساني بسوريا… رسائل روسيّة إلى واشنطن وأنقرة


وبيّن المفلح بأن استمرار عهد الأسد "بتوليفة جديدة" أمر لم يعد أحد يستطيع تسويقه بعد قانون "قيصر" الأميركي (الذي تم اقراره منتصف الشهر الفائت)، وأكمل بالقول "أما توليفة بدون الأسد فالروس غير قادرين عليها إلا بموافقة إسرائيلية... هذا أيضا يدركه أطراف أستانا والأسد نفسه، لهذا الروس يحاولون تقوية أوراقهم في هذا الحراك فقط، وبدون أفق واضح". 

ومثّلت حادثة تصادم الدوريات الروسية و الأميركية، يوم الأربعاء الفائت، مؤشرا إضافيا إلى تصاعد مسلسل التنافس بين الطرفين في شرق سوريا، ومساعي كلّ منهما إلى تقويض وجود الآخر.

حادثة التصادم بين الدوريتين، في ريف المالكية شمال شرق الحسكة، والتي أدّت إلى وقوع إصابات، توجت سلسلة أحداث تراكمية ناجمة عن الصراع على النفوذ بين الطرفين في المنطقة، و تشير الحادثة إلى ارتفاع منسوب المنافسة الأميركية - الروسية على تثبيت النفوذ في مناطق الشرق السوري.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق