بعد شهر من الآن تنعقد أعمال الجلسة الثالثة من اللجنة الدستورية، إثر توقف متعدد الأسباب، كان أولها تعطيل المسار السياسي بسبب انسحاب وفد النظام السوري من جلسة ثانية صفرية في شهر تشرين الثاني، وتلاها تصعيد عسكري ممنهج من قبل موسكو و دمشق صوب الشمال السوري، ولتأتي لاحقاً جائحة فيروس "كورونا المستجد" (كوفيد-19) التي تسببت باستبعاد احتمالية عقد أي جولة لأكثر من 4 شهور.
المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، قال خلال إفادته لمجلس الأمن الدولي، يوم الخميس الفائت، إن "الخطط جارية لعقد الجلسة الثالثة للجنة الدستورية بجنيف في 24 آب". حيث يُنتظر من الجلسة أن تحمل اجتماعات إيجابية، في سبيل تعويض الفترة الزمنية التي غابت فيها جلسات اللجنة.
هذا وتأتي الجلسة المقبلة بوقت مهم بالنسبة للأطراف الدولية بخاصة داعمي السلطة الحاكمة في دمشق، بعد بدء سريان قانون حماية المدنيين الذي أقرته واشنطن و عرف بقانون "قيصر"، و توقف الأعمال العسكرية قبل ذلك في شمال غرب سوريا، وانسداد الأفق في الحل السياسي الذي ترافق مع سوء الأوضاع المعيشية وانتشار وباء "كورونا" عالميا؛ وما لذلك من تبعات على الحركة السياسية والاقتصادية، وفق قول الدبلوماسي بشار الحاج علي، عضو اللجنة الدستورية عن قائمة المعارضة.
اقرأ أيضاً: مراوغة روسيّة بعد تطبيق "قيصر"... تصعيد قريب في الشمال السوري؟
وتابع خلال حديثه لـ "روزنة"، "لابد من التذكير أنه كان من الممكن عقد جولة افتراضية للجنة الدستورية المصغرة في شهر آذار الماضي، إلا أن الطرف الآخر سحب موافقته في اللحظات الأخيرة… أصر جانب الثورة والمعارضة على عدم الدخول بأي جولة جديدة دون جدول أعمال أولا؛ و أن يكون من ضمن اختصاص اللجنة الدستورية و مِن المواضيع والمضامين الدستورية، وسيكون تحت عنوان المبادئ الأساسية".
ورأى أن انعقاد الجولة سيكون له إيجابية من حيث اللقاء، رغم استبعاده إمكانية التنبؤ بمدى جدية الطرف الآخر، "بالنسبة لنا كممثلين للثورة والمعارضة نعمل ونسعى بكل جدية وحرص لتحقيق الحل السياسي الذي يضمن السلام والاستقرار و رفع المعاناة عن كل السوريين، و أول أولوياتنا المعتقلين والمهجرين وذلك من خلال تطبيق القرارات الدولية؛ وتشكيل هيئة حكم انتقالي ذات مصداقية تنهي سنوات القمع والدكتاتورية".
قرار حازم بتطبيق الانتقال السياسي
من جانبها اعتبرت الأكاديمية د.سميرة مبيض، عضو اللجنة الدستورية عن قائمة المجتمع المدني، أن أي تقدم في أعمال اللجنة الدستورية يرتبط بوجود قرار حازم وفعلي بالبدء بتطبيق عملية الانتقال السياسي، لافتة إلى ما شهدته الجلسات الماضية من جمود و تعطيل متعمد من قبل الوفد المدعوم من الحكومة، غير أن الفترة الفاصلة بين الجلسات رأت بأنها قد شهدت تطورات مهمة؛ و على رأسها بدء تطبيق قانون "قيصر"، و ربط عملية إعادة الإعمار بعملية الانتقال السياسي مما قد يدفع نحو تفعيل مسارات الدستورية والانتقال السياسي.
وأكملت في حديثها لـ "روزنة" أنه "و بما يتعلق بجدول الأعمال والمحدد وفق تصريحات الجهات المعنية "بناء على ولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية، ومناقشة الأسس والمبادئ الوطنية" فهو جدول عام قد يضم في طياته خوض فعلي في الأسس والمبادىء الدستورية وقد يبقى في إطار العموميات أو الجمود الكلي".
وأشارت في هذا السياق إلى أن لكتلة المجتمع المدني دور هام بالتقدم بتصور عملي لهذه العناوين؛ بما يترجمها لعمل فاعل والخروج من حالة العطالة المفروضة على عمل اللجنة.
وأردفت بأن "الأولويات اليوم هي في الخطوات العملية على كافة الصعد، سواء بالعمل الدستوري أو بالانتقال السياسي، فالشعب السوري يعاني في كافة المناطق، والحل لهذه المعاناة بكافة تفاصيلها يمر عبر عملية الانتقال السياسي التي ستنهي حقبة القمع والانتهاكات الإنسانية والفساد واستنزاف موارد الشعب السوري؛ وما استجره ذلك من تهديدات لسوريا ومن عقوبات يعاني من وطأتها المدنيون، في حين يحاول النظام التهرب منها عبر شبكة المافيات والتهريب وأمراء الحرب المرتبطة به بشكل مباشر".
قد يهمك: البحرة لـ "روزنة": اللجنة الدستورية بوابة الحل
وكان الرئيس المشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، قال خلال حديث سابق لـ "روزنة" مطلع الشهر الجاري، أن التوافق على جدول أعمال الجلسة الثالثة بخصوص مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية يُشكّل بداية لنقاش الدستور وعمليات الإصلاح الدستوري، وأوضح متابعاً في السياق ذاته "جدول أعمال الجلسة القادمة للجنة الدستورية وهو "بناء على ولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية، مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية". مشددا على ضرورة أن تعي جميع الأطراف في اللجنة المخاطر التي تتعرض لها سوريا، داعياً إياهم العمل بحس وطني واع لهذه المخاطر.
وعن أولويات وفد المعارضة في اللجنة، أشار إلى أنها تتمحور حول بدء عمل اللجنة بشكل جاد دون إضاعة الوقت، إضافة إلى وجوب الانخراط الموضوعي والايجابي لإنجاز مهمة اللجنة، التي حددت بشكل واضح في إطار تفويضها في اتفاق تشكيل اللجنة، وفق قوله.
وأضاف "يجب العمل المتواصل و دون انقطاع لإنجاز هذه المهمة لأنها بوابة الحل السياسي، ونريد أن يعلم السوريين، والسوريات كافة أن الحل الوحيد الممكن للمأساة التي تعيشها سوريا هو سياسي، فهذا ما سيجلب الاستقرار لوطننا والذي لن تدور عجلة الاقتصاد دونه".
الكلمات المفتاحية