لا تبدو أن مهمة إيران ستكون سهلة في نشر منظومة دفاعها الجوي "خرداد" على الأراضي السورية، سواء بسبب الانزعاج الروسي من الاتفاقية العسكرية بين دمشق وطهران، أو الرسائل المباشرة التي توجهها حكومة الاحتلال الإسرائيلي لمواقع النفوذ الإيراني في سوريا.
"إسرائيل" حذرت روسيا بأنها لن تتساهل مع نشر إيران منظومات دفاع صاروخية من نوع "خرداد" على الأراضي السورية، وذلك عقب إعلان رئيس هيئة الأركان الإيراني محمد باقري عزم بلاده تطوير الدفاعات الجوية للنظام السوري، إثر توقيع التعاون العسكري الاستراتيجية بين دمشق وطهران في الثامن من الشهر الجاري. حينها أعلن باقري في تصريح صحفي -عقب لقائه وزير الدفاع في حكومة النظام السوري العماد علي أيوب في دمشق- "سنقوم بتقوية أنظمة الدفاع الجوية السورية في إطار توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين، مما يعزز إرادتنا و تصميمنا على التعاون المشترك في مواجهة الضغوط الأميركية غير المرغوب بها من قبل شعوب المنطقة".
وتعتبر هذه الاتفاقية "استراتيجية" بالنسبة لإيران، في ظل استمرار الاستهداف الإسرائيلي لعناصر نفوذها في سوريا، بخاصة وأن روسيا باتت تضيق ذرعاً من الوجود الإيراني في سوريا وترغب في تنفيذ وعودها -التي تأخرت فيها- لتل أبيب عندما جرى اتفاق التسوية بين روسيا والمعارضة جنوبي البلاد، وتعهدت حينها موسكو بإبعاد العناصر الإيرانية أكثر من 80 كلم عن الحدود مع الجولان السوري المحتل، في مقابل تعزيز طهران لوجودها في المنطقة الجنوبية.
موقع "بريكينغ ديفنس" المعني بالشؤون الدفاعية والعسكرية، أشار في تقرير له يوم أمس، إن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، اتصل بنظيره الروسي، سيرغي شويغو، لتحذيره من أن إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية أو تعزيز وجودها العسكري على حدودها الشمالية الشرقية.
كما أخبر غانتس نظيره الروسي أن إسرائيل لن تتسامح مع نشر منظومة "خرداد" الإيرانية، وطالب روسيا بالضغط على إيران حتى لا ترسل تلك المنظومة المضادة للطائرات إلى سوريا.
وكان رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حذر رئيس النظام السوري بشار الأسد، نهاية الشهر الفائت، من استمرار التواجد الإيراني في سوريا، محذراً إياه من تعريض نظامه للخطر بسبب ذلك. وقال -آنذاك- خلال لقائه بالمبعوث الأميركي للشأن الإيراني بريان هوك، إن "إسرائيل" حازمة في منع إيران من التموضع عسكرياً في المحيط الأقرب منها (سوريا)، معتبراً أن "الجيش الإسرائيلي" يقوم بعمليات عسكرية "قوية جدا" ضد إيران ووكلائها في سوريا، وفي أماكن أخرى "وفق الحاجة".
قد يهمك: حلف دولي لمواجهة النفوذ الإيراني بسوريا... متى و كيف؟
وخاطب نتنياهو إيران بالقول: "أقول للملالي بطهران: إسرائيل ستواصل القيام بهذه العمليات لأنها ضرورية لمنعكم من فتح جبهة إرهابية وعسكرية ضدنا بسوريا"، بينما توجه لرئيس النظام السوري مهدداً "أقول لبشار الأسد: أنت تعرض مستقبل بلدك ونظامك للخطر، إسرائيل لن تسمح لإيران بإقامة تواجد عسكري بسوريا".
هذا وقد أظهرت تصريحات نتنياهو أن "إسرائيل" تنتقل إلى مرحلة أعلى من المواجهة مع إيران، فحكومته المُشكّلة حديثاً يمتلك أعضائها موقفاً موحداً يتشدد في معاداة المشروع الإيراني، وهم الذين بدأوا يتنفسون الصعداء بعد تراجع حدة أزمة "كورونا" و النجاة مما ألحقته من تأثيرات سلبية جمة على الصعيد الاقتصادي، في وقت تزيد أيضاً الولايات المتحدة من تحركاتها ضد إيران. وهو ما توقعه باحث في الشأن الإسرائيلي، خلال حديثه لـ "روزنة" حيث قال أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي ستُكثّف من استهدافها للمواقع الإيرانية داخل سوريا في الفترة المقبلة.
ولفت أستاذ العلوم السياسية، د.طارق فهمي إلى أن قائمة الأهداف ستزداد وتتسع طبقاً لقواعد الاشتباك التي رسمتها "إسرائيل" في مواجهتها لإيران.
تعليق فهمي جاء في وقت قال فيه يوني بن مناحيم، الضابط الإسرائيلي السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية، إن الاتفاقية الأخيرة بين النظام السوري وإيران، تعتبر رسالة لكل من الولايات المتحدة و"إسرائيل" وتركيا، مفادها أن طهران ستستمر في إنشاء قاعدة عسكرية في سوريا، و أن "قانون قيصر" الأميركي لن يمنعهم من تنفيذ خططهم، كما هي رسالة لتركيا، أن إيران تقف بجانب سوريا عندما يتعلق الأمر بالخطر التركي في شمال سوريا.
ما هي منظومة "خرداد"؟
في وقت سابق قال وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي، إن نظام الدفاع الجوي الجديد ("خرداد" محلي الصنع) قد تم تزويده بصواريخ طويلة المدى من نوع "صياد 3"، وهو قادر على اكتشاف عدة أهداف في وقت واحد، بما في ذلك الطائرات الحربية والطائرات المسيرة، ضمن نطاق يصل لـ150 كيلومترا وبإمكانها تتبعها على بعد 120 كيلومترا.
قد يهمك: هل ضعُفَ النفوذ الإيراني في سوريا بسبب "كورونا" وسليماني؟
ووفقًا للوزير الإيراني، فإن النظام الصاروخي يمكنه أيضا اكتشاف الأهداف التي تتمتع بقدرات على التخفي في حدود 85 كيلومترا وضربها في نطاق 45 كيلومترا.
ووفقاً لوكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء، فقد جرى تصميم وإنتاج منظومة "خرداد" الصاروخية للدفاع الجوي على يد متخصصين إيرانيين وأزيح الستار عنها لأول مرة عام 2014.
وتتميز المنظومة الصاروخية عن مثيلاتها، بتجميع كافة معداتها ومقوماتها بمركبة متحركة فضلا عن خضوعها لعملية تطوير في مجال الرادار الباحث والقدرة الاعتراضية والصاروخية، كما تستطيع المنظومة اعتراض 4 اهداف في آن واحد، بجانب اطلاقها 8 صواريخ، ولديها القدرة على استهداف الطائرات المقاتلة والقاذفة للقنابل وصواريخ كروز الى مستوى ارتفاع 25 كيلومترا في الجو، وفقا للوكالة الإيرانية.
وقال أحد قادة قوة الجو الفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني إن من الممكن مقارنة منظومة "خرداد" بمنظومة صواريخ اس 300، باستثناء المدى حيث يبلغ مداها 50 كيلومترا و ان عملية تطوير مداها لـ100 كيلومتر ومن ثم الى 200 كيلومتر مازال قيد التنفيذ، وفقا لتصريحات نقلتها "تسنيم".
الكلمات المفتاحية