قال الرئيس المشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، إن سياسة التعطيل والإعاقة للعملية السياسية التي يتبعها النظام السوري لن تجديه نفعاً، مشدداً على أن توهم النظام بإمكانية تحقيق حسم عسكري يقضي به على الحل السياسي ويفرض سياسة الأمر الواقع، يُعرّض السوريين للمزيد من المعاناة.
وأضاف خلال حديث خاص لـ "روزنة" أن "النظام سار بهذه السياسة لمدة ستة سنوات منذ بداية العملية السياسية، فما هي النتائج التي وصلنا إليها، عدا عن تدميره ما لم يدمر سابقاً من بنى تحتية، وحصد الآلاف من أرواح المدنيين الأبرياء، والمزيد من الاستبداد والاعتقالات، عدا عن أنه فقد كل موارد الدولة الطبيعية ودمر عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي، وبالتالي مما أدى إلى انهيار قيمة الليرة السورية ومعها القدرة الشرائية لها؛ بحيث باتت غالبية السوريين عاجزة عن تأمين قوت يومها، كل ذلك حدث قبل صدور قانون قيصر وقبل البدء بتنفيذه، بالتالي أي تعطيل (سياسي) بحجته لن يكون حجة مقبولة للشعب السوري وللمجتمع الدولي".
أولويات اللجنة الدستورية
وحول اجتماعات الجلسة المقبلة في اللجنة الدستورية؛ والمفترض انعقادها في شهر آب المقبل، أكد البحرة خلال حديثه أن التوافق على جدول أعمال الجلسة بخصوص مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية يُشكّل بداية لنقاش الدستور وعمليات الإصلاح الدستوري، وأوضح متابعاً في السياق ذاته "جدول أعمال الجلسة القادمة للجنة الدستورية وهو "بناء على ولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية، مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية". مشدداً على ضرورة أن تعي جميع الأطراف في اللجنة المخاطر التي تتعرض لها سوريا، داعياً إياهم العمل بحس وطني واعٍ لهذه المخاطر.
وعن أولويات وفد المعارضة في اللجنة، أشار لـ "روزنة" إلى أنها تتمحور حول بدء عمل اللجنة بشكل جاد دون إضاعة الوقت، إضافة إلى وجوب الانخراط الموضوعي والايجابي لإنجاز مهمة اللجنة، التي حددت بشكل واضح في إطار تفويضها في اتفاق تشكيل اللجنة، وفق قوله.
وأضاف "يجب العمل المتواصل و دون انقطاع لإنجاز هذه المهمة لأنها بوابة الحل السياسي، ونريد أن يعلم السوريين، والسوريات كافة أن الحل الوحيد الممكن للمأساة التي تعيشها سوريا هو سياسي، فهذا ما سيجلب الاستقرار لوطننا والذي لن تدور عجلة الاقتصاد دونه".
قد يهمك: كل ما تريد معرفته عن اللجنة الدستورية
واعتبر رئيس اللجنة الدستورية أن "اتباع سياسة التعطيل لن يجدي النظام نفعًا والناتج الوحيد الذي سيكسبه هو تعريض السوريين للمزيد من المعاناة، والمزيد من الموت وسفك الدماء وتسريع للانهيار الاقتصادي... منذ بدايات العملية السياسية في العام 2014، وإلى يومنا هذا إن سياسة النظام هي التعطيل وإعاقة العملية السياسية".
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، أبلغ مجلس الأمن، في منتصف الشهر الفائت، أنه يجهز لعقد جولة جديدة للجنة الدستورية قد تكون نهاية آب المقبل.
جاء ذلك بحسب ما أعلنه بيدرسن، في جلسة مجلس الأمن، المنعقدة عبر دائرة تليفزيونية حول الأزمة السورية التي تدخل عامها العاشر.
وقال -آنذاك- "نظرا لإدراكنا أن القيود العالمية على السفر لا تزال سارية، يحدوني الأمل أن تكون هناك جلسة للجنة الدستورية (السورية) في جنيف"، وأضاف "قد تكون (هذه الجلسة) ممكنة نهاية آب المقبل"، دون تفاصيل أكثر.
تبعات قانون "قيصر"
دخلت عقوبات قانون "قيصر"، الذي أقرته الإدارة الأميركية في السابع عشر من الشهر الفائت، وهو ما قد يجده النظام السوري ووفده في اللجنة وسيلة للمماطلة، بخاصة بعد أن انتهت الجلستين السابقتين دون أي نتائج تذكر بسبب المماطلة والإغراق في التفاصيل التي ينتهجها النظام، في وقت تقول عنه أصوات سوريّة إن هذه العقوبات ستؤثر بشكل أساسي على الشعب "المغلوب على أمره" في مناطق سيطرة النظام.
البحرة رأى أن "القانون يستثني بشكل واضح كل المواد الغذائية والطبية وكل المساعدات الاغاثية والإنسانية، بل أن من شروطه للتخفيف من العقوبات أو تعليق جزء منها لفترة لا تتجاوز الـ 180 يوماً، أن يقوم بتسهيل مرور و وصول المعونات الإغاثية والإنسانية لمن يحتاجها داخل سوريا، ووقف القصف الجوي للمؤسسات الطبية والعامة والمدنيين ووقف العنف، من ضمن شروط أخرى".
قد يهمك: بعد عام من تعيينه… "وعود" بيدرسن المتأرجحة
وأردف أن "القانون يستهدف الشركات والأفراد الذين يساهمون بتمويل عمليات العنف وجرائم الحرب، والمعاناة الاقتصادية الحالية لم تنتج بسبب قانون قيصر، وأهم مسببات الانهيار الاقتصادي هو سيطرة دائرة الفساد على مفاصل ما تبقى من الاقتصاد الوطني، وشح موارد الدولة بل انعدامها في الكثير من المجالات، والسبب الرئيس هو استمرار المغامرات العسكرية للنظام التي تستهلك القسم الأكبر من الموارد الشحيحة".
متى تنتهي المغامرة العسكرية الإيرانية في سوريا؟
وفيما إذا كانت عقوبات "قيصر" وسيلة ناجعة تدفع النظام للرضوخ والتوجه نحو تنفيذ القرار الأممي 2254، بيّن البحرة أن "النظام حتى هذه اللحظة لم يؤمن بالعملية السياسية ولا يسعى لحل سياسي، رغم كل المعاناة والآلام التي يتكبدها الشعب السوري بسبب سياسته وعدم حرصه على مصالحنا الوطنية واستخفافه بالظروف المعيشية المأساوية، وعدم اهتمامه بالمحافظة على سيادة الشعب على أراضي دولتنا، كل ما يهمه هو كيفية التشبث بالسلطة وإطالة أمدها".
وبناء على ذلك رأى أن النظام لن ينخرط إيجابياً في العملية السياسية بما فيها السلة الدستورية؛ دون وجود ضغط جاد من المجتمع الدولي ومن روسيا بالتحديد.
وحول إذا ما كانت ستؤثر عقوبات "قيصر" على استمرار التواجد الإيراني بحيث تساهم بتعجيل إخراجه من سوريا، أكد السياسي السوري أن استمرار مغامرات إيران العسكرية خارج حدودها سارع بعملية الانهيار المالي والاقتصادي للدولة الإيرانية، ما يعني أنه كلما طال أمد الحرب في سوريا سيطول أمد المعاناة الإيرانية وشح الموارد، التي بإمكانها تخصيصها لدعم اقتصاد النظام.
قد يهمك: بوتين رئيساً إلى الأبد… هل يُغيّر استراتيجيته في سوريا؟
واعتبر أن "تلك المعاناة ستشكل عنصراً هامًا لدفع إيران للتفكير ملياً بمخرج، عدا ما تتعرض اليه ميليشياتها من خسائر عسكرية في سوريا والعراق واليمن، وباختصار إيران دخلت المراحل الأخيرة من مغامراتها العسكرية لا بل إنها تدخل إلى مرحلة مُكلفة بكافة الاتجاهات".
يذكر أنه و في 29 تشرين الثاني من العام الفائت، أخفقت الأطراف السورية في التوصل إلى اتفاق على جدول أعمال الهيئة المصغرة للجنة الدستورية، ما أدى إلى فشل انعقادها في اليوم الأخير من أعمال جلستها الثانية في جنيف.
وغادر وفد النظام مقر الأمم المتحدة أولا، تلته بقية الوفود، دون التئام اللجنة الدستورية في الهيئة المصغرة المكونة من 45 عضوا، بشكل متواز من النظام والمعارضة والمجتمع المدني.
وتقود اللجنة إعادة صياغة الدستور السوري، وهي هيئة مكونة من 150 عضوا، بواقع 50 ممثلاً لكل من الأطراف الثلاثة.
الكلمات المفتاحية