الليرة السورية تنزح من مناطق المعارضة… لجوء مؤقت إلى الليرة التركية؟

الليرة السورية تنزح من مناطق المعارضة… لجوء مؤقت إلى الليرة التركية؟
اقتصادي | 09 يونيو 2020
مالك الحافظ - روزنة|| اتسعت خلال الأيام الماضية دائرة التعامل بالعملات الأجنبية في الشمال السوري، بعدما تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي حيث اقترب يوم أمس من عتبة 3500 ليرة، في الشمال السوري ما استدعى إغلاق جميع محلات الصرافة في إدلب وعدم تداولها لليرة، بينما وصل سعر المبيع في حلب و دمشق إلى 3200 ليرة.

في حين سجلت الليرة مساء اليوم الثلاثاء، تحسناً طفيفاً في قيمتها أمام العملات الأجنبية، حيث سجلت في تداولات مساء اليوم الثلاثاء بدمشق، 2750 ليرة مبيعاً و2650 ليرة شراءً أمام الدولار الأميركي الواحد.

و سعت مؤخراً جهات في المعارضة السورية إلى إيجاد بعض الحلول الناجعة للتخلص من الانهيار المتلاحق لليرة السورية، من خلال طرح تداول الليرة التركية والدولار الأميركي في المعاملات التجارية والأسواق، في الوقت الذي تواجه فيه هذه الخطوة تحديات عديدة سواء في الشمال الشرقي أو الغربي من سوريا. 

"الإدارة الذاتية" الكردية (المُسيطرة على مناطق شمال شرق سوريا) توجت أول قراراتها في التعامل بالدولار الأميركي، من خلال تسعير شراء محصول القمح لموسم عام 2020 بما يعادل سعر صرف الدولار، يوم الأحد الفائت، حيث أعلنت "الإدارة الذاتية" عن التسعيرة الجديدة بما يعادل 17 سنت أميركي للكيلوغرام الواحد من القمح.

في الوقت الذي سارعت فيه مجالس محلية في ريف حلب الشمالي إلى دعوة التجار والأهالي للتعامل ما أمكن بالعملة التركية والدولار عوضا عن الليرة السورية بعد تسارع تدهور قيمتها. 

ووفق بيان مجلس محلي مدينة مارع (شمالي حلب)، فإن "الانهيار المتسارع في قيمة الليرة السورية أمام باقي العملات، وما يحدثه هذا الانهيار من خلل في الاتفاقات المالية، وصعوبة في عملية تداول السلع والخدمات بين المواطنين" هو ما دفعه لدعوة أهالي المدينة وريفها إلى تثبيت أسعار البضائع بالليرة التركية. وحول المعاملات التجارية الكبرى والمتوسطة طالب المجلس بأن تكون بالدولار الأميركي ريثما تستقر أوضاع السوق، وفق بيانه. 

اقرأ أيضاً: "أيام سوداء" تنتظر الليرة السورية لهذه الأسباب

ورغم أن كل من العملة التركية والأميركية متوافرة في السوق وغالبية الناس في الشمال تتقاضى رواتبها بها، إلا أنه لا يمكن استبدال العملة نهائياً لأن ذلك مسألة غير ممكنة خلال الفترة الحالية، فالاستبدال الكامل والتام يُوجب الحصول على مخارج للعملة السورية،كالحصول على تمويل من جهات دولية. 

غير أن هذا "الحل المؤقت" يبقى هو الأفضل من أجل تخفيف تأثير انهيار الليرة السورية في المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق.

المحلل الاقتصادي، خالد تركاوي، اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" أن من الطبيعي تغيير الناس للعملة التي يتداولونها عملتهم الأساسية تفقد قيمتها؛ على قاعدة أن العملة أداة تداول و تحديد قيمة، وتابع "التغيير طبيعي عندما تفقد العملة قيمتها وتتعرض للتذبذب بشكل كبير… التعامل بالليرة التركية والدولار منتشر بالشمال السوري بسبب استقرار هذه العملات، ولقد كان السوريون هناك مجبورون خلال الفترة الماضية على التعامل بالليرة التركية والدولار والآن باتوا مجبرين أكثر". 

ورأى تركاوي باحتمالية تدهور سعر صرف الليرة بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة وسط استمرار تداول الناس عملات بديلة، حيث قال حول ذلك "عندما يخفّ التداول بالليرة السورية ويقل الطلب عليها، فإنه من الطبيعي أن ينزل سعرها أكثر، و مع ازدياد التداول في الشمال السوري للعملات الأجنبية فإن ازدياد تدهور الليرة السورية أمر طبيعي".

استعمال مؤقت لهذه الأسباب!

من جانبه رأى الباحث الاقتصادي، سمير خراط، أن اللجوء للعملة البديلة بشكل مؤقت يتم في المناطق التي تسمح بذلك، من أجل تخفيف حدة التذبذب بسعر صرف الليرة السورية، وتحاشي الأسعار المرتفعة التي يُطبقها التجار على البضائع بحجة ضعف الليرة. 

وتابع خلال حديثه لـ "روزنة" بأن "هذا لا يعني مطلقا الاستغناء عن الليرة مهما حدث فهي الرمز الوطني لسوريا، وسنرى انعكاسات أيضا على المواطن بالمناطق التي تخضع للنظام و التي مازالت تتعامل بالليرة". 

وأكمل بالقول "هل حرص القائمون على الاقتصاد السوري الحفاظ على قيمة الليرة واستقرارها، كيف سيواجه النظام هذا الهبوط الحر لسعر الليرة مقابل العملات الأجنبية الأخرى… هذا الوضع من الانهيارات بموجب العرض والطلب وعدم تغطية ما يتم طبعه دون تغطية رسمية جعل من الدولار عملة نادرة، ورفع سعرها بشكل جنوني لأسباب عديدة منها الضعف الاقتصادي ومنها التلاعبات بالسوق من محتكرين (أغلبهم مقربين من النظام، ما خلق سوق سوداء على الدولار لكي يستطيع التجار بموجب ذلك تغطية ثمن بضائعهم عبر قناة الصرافة ومكاتب الحوالات والمصارف الخارجية".

قد يهمك: ألفي ليرة سورية مقابل دولار واحد… سيناريو انهيار قريب؟

وختم حديثه بالإشارة إلى "عدم وجود اسمه انهيار عملة، هناك سقوط حر بسعر الصرف والقوة الشرائية للعملة، وتدهور الليرة سيخلق حركة شعبية تجبر النظام على الاستسلام كون الموضوع بات يقضي على لقمة عيش الفقير والمواطن العادي... حتى لو حدث تدخلات كل فترة من قبل النظام لرفع قيمة الليرة غير أن هذا الأمر يمكن استمراره لبضعة أيام أو أسابيع؛ وليس كخطوة تصحيحية للاقتصاد، وكيف له أن يُصححّ إذا كانت كل المرافق المُنتجة معطلة نهائياً". 

هذا وأقر اليوم الثلاثاء مجلس الشعب بدمشق؛ مشروع قانون خاص بتعديلات على مهنة الصرافة تضمن تنظيم عمل مؤسسات الصرافة والحوالات بعد مناقشات عديدة، بحسب صحيفة "الوطن" المحلية.

وضمنت تلك التعديلات سيطرة كاملة من طرف "مصرف سوريا المركزي" التابع للنظام، على تلك الشركات، واستحواذه على رأس مالها، وذكرت الصحيفة، أن التعديلات أوجبت على مؤسسات الصرافة التي لم تلتزم بالمرحلة الأولى من مراحل الزيادة على رأسمالها، أن تسدد كامل الحد الأدنى لرأس المال المحدد في المرحلة المذكورة نقدا ودفعة واحدة لدى المصرف المركزي، خلال مهلة ثلاثة أشهر تبدأ اعتبارا من تاريخ نفاذ هذا القانون، بالمقابل يلغى ترخيصها حكما في حال عدم التزامها، ويصدر مجلس النقد والتسليف القرار اللازم بهذا الخصوص.

ووفق الصحيفة فإن التعديلات تسمح لمجلس النقد والتسليف أن يصدر الضوابط اللازمة لتطبيق أحكام هذا القانون ومتابعة مدى التزام مؤسسات الصرافة بتسديد دفعات زيادة رأس المال المطلوبة خلال المهل المحددة واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المؤسسات غير الملتزمة.

كما تضمنت التعديلات بأنه يجوز لمكاتب الصرافة الاتفاق مع شركات الصرافة العاملة داخل سوريا لتوزيع الحوالات الواردة من الخارج لتلك الشركات، وفق الضوابط والمعايير التي يضعها مجلس النقد والتسليف، مشيرة إلى أنه تعطى مؤسسات الصرافة سنتين لتسوية أوضاعها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق