مالك الحافظ - روزنة|| كَثُرت التسريبات والادعاءات القائلة بقرب مغادرة رئيس النظام السوري بشار الأسد، للسلطة خلال الفترة القريبة المقبلة، وذلك بالتزامن مع تدهور الاقتصاد السوري لأدنى مستوى تاريخي، في الوقت الذي تدخل فيه عقوبات "قانون قيصر" الأميركي حيز التنفيذ الأسبوع المقبل.
التدهور الاقتصادي، الذي يأتي بالتزامن مع الخلافات التي طفت على السطح بين رامي مخلوف ورأس النظام السوري، وارتباط هذا التدهور بالمظاهرات الشعبية الساخطة على سوء الأوضاع المعيشية في مناطق عدة من سوريا و تحمليها المسؤولية لرأس النظام، قد يفتح المجال للتساؤل حول تأثير التطورات على مصير الأسد وعلاقتها بمحاولات تسخين للأوضاع يعمل عليها الروس للتقليل من إمكانات استمرار الأسد في قيادة المنظومة السياسية الحالية.
التقارير الروسية خلال الفترة الأخيرة، التي حملت بين طياتها إشارات سلبية تجاه بقاء الأسد في السلطة، كانت سبقت تعيين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمبعوثه الخاص الجديد في سوريا (الكسندر يفيموف) بهدف "تطوير العلاقات" مع دمشق، وفق ما أكدته موسكو، غير أن بعض المؤشرات من ناحية فرض رؤية جديدة قد يعبر عنها يفيموف خلال الأيام المقبلة ستكون واردة الحدوث، بخاصة وأن خلط الأوراق الحاصل الآن من قبل واشنطن يمكن أن يشي بتطور ما سيحصل حيال الأسد ومصيره.
تصريحات واشنطن على لسان مبعوثها الرئاسي للملف السوري، جيمس جيفري، لا تدع مجال للشك بأن ترتيبات أميركية روسية لا بد أن تصدر للعلن في أولى مراحل تطبيق "قانون قيصر"، وذلك إذا ما أشرنا إلى تأكيد أميركي غير مباشر على ضمان المصالح الروسية في سوريا، بشرط الذهاب للحل السياسي بشكل فوري و الالتزام بإبعاد النفوذ الإيراني في سوريا "نهائياً".
اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تدعم بقاء روسيا في سوريا... ما الأهداف؟
ما يجعل مصير الأسد معلقاً بين إصرار أميركي على ضرورة عدم وجوده في المرحلة المقبلة وبين تفضيل روسي له -حتى الوقت الحالي- وذلك في حال عدم وجود شخصية/شخصيات قوية في المنظومة الحالية تؤيد خروج إيران، وتتعهد بضمان أمن "إسرائيل ومصالحها القومية"، والبدء لاحقاً ضمن رؤية مشتركة (روسية-أميركية) لتنفيذ آليات الانتقال السياسي، وذلك ضمن ما تعتبره أحد الآراء أن "قانون قيصر" لايهدف لإسقاط النظام بشكل مباشر، وإنما هدفت واشنطن من خلاله إلى إطلاق يدها في سوريا ومنع أي جهة من التحرك بما يخالف إرادتها، ما يعني ضرورة تنسيق موسكو معها والتوافق مع رؤاها -بشكل أو بآخر-، بحيث يدفع الانهيار الاقتصادي المتسارع، اتجاه استبدال الروس بشار الأسد بمجلس انتقالي عسكري-أمني لمنع انهيار المنظومة الحالية بشكل مفاجئ؛ يُخرج الوضع عن سيطرتهم.
في حين يبرز التساؤل الآخر -دون وجود إشارة واضحة تؤكده أو تنفيه- حول ما إذا كان النفوذ الإيراني في سوريا، العقدة الوحيدة في مصير الأسد، فإن تخلى عنهم ضمن بقاءه خلال الفترة المقبلة (حتى موعد الانتخابات الرئاسية المُراقبة دولياً).
هل تتقارب موسكو مع واشنطن؟
الباحث السياسي الدكتور مأمون السيد عيسى، يقول خلال حديث لـ "روزنة" إنه وضمن سياق الأحداث الأخيرة في الملف السوري، فقد بات من الواضح أن هنالك رغبة روسية أميركية بالتخلي عن الأسد، وذلك بما يتماشى مع تصريحات جيفري، والرسائل الروسية المتعلقة بعدم أهلية الأسد التي ظهرت مؤخراً في الإعلام الروسي.
ويشرح السيد عيسى (نائب رئيس الهيئة السياسية في محافظة إدلب) أسباب تبني موسكو لاستراتيجية التخلي عن الأسد والتوافق مع واشنطن حيال ذلك بالقول إن "سوريا المفيدة (القمح والمياه والبترول والغاز) هي بيد الأمريكان في مناطق نفوذهم في سوريا، أما موارد روسيا فهي ضعيفة (ميناء ذو نشاط محدود وكذلك الفوسفات وموارد غيرها ضعيفة تجعل كلفة البقاء على الوضع الروسي كبيرة)، بخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية، التي يمر بها الروس بسبب وباء كورونا وهبوط أسعار البترول والركود الاقتصادي العالمي".
ويضيف أن "قانون قيصر قادم ويحمل عقوبات سوف تشمل الروس إن لم يدخلوا بالحل السياسي، بالإضافة إلى فشل روسيا بخطتها في الاستفراد بالحل السياسي (وأخذه صوب) طريق مسدود، ما دفعها لاستعجال البدء بالحل كي تستفيد من إعادة الإعمار".
قد يهمك: باحث روسي يكشف أسباب تعيين يفيموف مبعوثاً لبوتين بدمشق
فيما يُرجّح بقرب تشكيل "مجلس عسكري انتقالي" في سوريا، رغم وجود خلافات حول مكوناته مع واشنطن، وفق تقديره، ويتابع "هنالك أيضاً خلافات حول شكل الدولة القادمة هل هي مركزية كما يريدها الروس والأتراك، أم لامركزية كما يريد الأمريكان".
وحول تأثير الوجود الإيراني على الأسد، واحتمالات مغادرة نفوذ طهران لسوريا، يعتبر الباحث السياسي أن "الوجود الإيراني هو العقبة الأكبر حالياً في ترتيب وضع المرحلة الانتقالية وليس في مصير بشار الأسد، الذي لا تزيد تكلفته عن رصاصة وخبر في الإعلام بأنه قد انتحر".
ما هو مصير الأسد؟
وكان المعارض السوري، كمال اللبواني، أشار في حديث سابق لـ "روزنة" نهاية الشهر الفائت أن روسيا توافقت مع الولايات المتحدة على تغيير رئيس النظام السوري، بعدما كانت موسكو متمسكة ببقاء الأخير في سدة الحكم خلال الفترة المقبلة.
وذكر اللبواني خلال حديثه -آنذاك- أن روسيا التي كانت تتمسك ببقاء الأسد قبلت بتغييره بمجلس عسكري-أمني يقود سوريا في المرحلة القادمة، بعد أن تقدمت الولايات المتحدة إلى روسيا بضمانات تحترم مصالحها في سوريا.
و أوضح بأن المجلس العسكري-الأمني الذي سيمسك بالسلطة في سوريا سيكون من ضباط النظام حصراً لذلك هو ليس مجلس حكم انتقالي. مشيراً إلى أن هذا المجلس "هو استمرار للنظام ، لكن قد يؤدي التفاوض معه لتشكيل مجلس حكم انتقالي، لنقل سورية لنظام جديد".
وحدد العام المقبل كموعد لتشكيل مجلس حكم انتقالي في سوريا، مشيراً إلى أن المجلس العسكري-الأمني ستكون مهمته قريباً إزاحة الأسد وتفكيك كل ملفات الأمن التي تورطت بها الدول، وليتم تمكينهم مباشرة بعد ذلك ببدء التفاوض حول مجلس الحكم الانتقالي.
وكان نواب أميركيون جمهوريون وديموقراطيون، طالبوا يوم أمس الاثنين، إدارة الرئيس دونالد ترامب بتطبيق "صارم" للعقوبات المفروضة على سوريا بموجب "قانون قيصر".
وينص القانون خاصة على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكم مرتكبو الانتهاكات، ويستهدف القانون أيضاً كيانات روسية وإيرانية تعمل مع نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال رئيسا لجنتي الشؤون الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ ونائبيهما في بيان مشترك إن "الشعب السوري عانى كثيراً، ولمدة طويلة، في ظل الأسد وعرابيه".
وأضاف الجمهوريان جيمس ريش، ومايكل مكول والديموقراطيان إليوت إنغل، وبوب مينينديز في بيانهم أنه "يجب على الإدارة تطبيق قانون قيصر بشكل صارم وفي موعده، حتى تصل إلى النظام ومن يحافظون على وجوده رسالة مفادها أن الأسد لا يزال منبوذاً".
الكلمات المفتاحية