أحمد حاج حمدو - روزنة || منذ ظهور فيروس "كورونا" في تركيا قبل أكثر من ثلاثة أشهر، فرضت السلطات التركية حظرًا جزئيًا للتجوال في عدّة ولايات من البلاد، ممّن زادت فيها نسبة تفشّي الفيروس.
وفي مقابل سلبيات حظر التجوال وما يحمله من تقييد للحركة وإجبار الناس على البقاء في المنزل لعدّة أيام متواصلة، خلق هذا الحظر، نوعًا من الإلفة بين الجيران السوريين والأتراك.
وسمح حظر التجوال أيضًا، في كسر الحواجز بين كثير من العائلات السورية والتركية، التي بنتها الصور المسبقة، التي يأخذها كل طرف عن الآخر، وفي أحيانٍ كثيرة، تبادلًًا للزيارات وتعميقًا للعلاقة عن قرب.
تقارب اجتماعي في زمن التباعد
فرض فيروس "كورونا" حالة تباعد اجتماعي في معظم أنحاء العالم، بموجب دعوات من منظمة الصحة العالمية والحكومات، غير أن ما جرى داخل المباني المغلقة خلال فترات حظر التجوال بين السوريين والأتراك، شكّل نوعًا لطيفًا من التقارب الاجتماعي.
وتكمن أهمية هذا التقارب، أنّه في مدنٍ كبرى مثل اسطنبول التركية، فإن حالة الحميمية والتقارب الاجتماعي كان مفقودًا بين السوريين والأتراك على مدار السنوات الماضية، بسبب حاجز اللغة وضغط الوقت وبعض النظرات المسبقة.
اقرأ أيضًا: في ظل كورونا كيف يضمن العمال السوريون في تركيا حقوقهم؟
أم فاروق، من سكّان حي علي بيك كوي في مدينة اسطنبول، تروي لـ "روزنة" كيف انقلبت علاقتها بجيرانها الأتراك خلال فترة حظر التجوال.
وتقول: "أنا ربة منزل أبقى في منزلي بشكلٍ شبه دائم، وقبل فترة الحجر الصحي لم أكن أعرف أحدًا من جيران البناء الذي أعيش فيه ولا أحد منهم أو من نسائهم يطرق بابي".
وتضيف المرأة: "كل ما كنت أراه خلال الفترة السابقة من نافذة منزلي، أن رجال ونساء يدخلون ويخرجون من باب البناء وفي إحدى أيام حظر التجوال المفروض بنهاية الأسبوع في شهر رمضان طرقت إحدى الجارات بابي وتكلمت معي ولكن عدم معرفتي باللغة التركية كان حاجزًا أمام فهم ما كانت تقوله لي".
بسبب عدم إتقان أم فاروق اللغة التركية، حاولت جارتها استخدام لغة الإشارة من أجل فتح حوارٍ معها، وفي نهاية الحديث أخرجت مبلغ 140 ليرة تركية وأعطتها إياه، وكانت تردد عبارات بالتركي فيها كلمة "زكاة" حتّى فهمت أم فاروق أن المبلغ هو عبارة عن زكاة الفطرة.
تردف أم فارق: "لم أقبل أخذ المبلغ في بداية الأمر، ولكن مع إصرارها قبلتُ أخذه، لتودعني وتصعد إلى بيتها، وفي أول أيام العيد، طرقت نافذة بيتي في الطابق الأرضي لتعايدني وتسأل عن صحتي بكلمات لم أكد أفهمها ولكنها كانت لطيفة جدًا".
تبادل "السكبات"
في سوريا، كانت عادة تبادل صحون الطبخات بين سكّان ذات البناء، من أساسيات التواصل مع بين الجيران وخصوصًا في شهر رمضان.
ولكن هذه الظاهرة، فقدها محمد وزوجته منذ أن غادروا سوريا، غير أنّهم أعادوا إحيائها مع الأتراك خلال فترات حظر التجوال.
هذا موعد افتتاح المعابر الحدودية مع تركيا
يقول محمد: "أسكن مع عائلتي في بناء انتقلت إليه منذ نحو عشرة أشهر ولم يكن لي أي احتكاك مع الجيران ولا أعرفهم بشكل جيد حيث كنت أخرج صباحًا الى العمل وأعود في أخر النهار وبالكاد أرى أحدًا منهم، باستثناء سماع أصوات أقدامهم على درج البناء".
ويكمل محمد، الذي يعيش في حي غازي عثمان باشا، في اسطنبول: "في حال رؤيتي أحد الجيران كنتُ أبادر بكلمة السلام عليكم أو صباح الخير بالتركية، وهذا ما يربطني بهم فقط".
وأضاف محمد: "خلال الحظر كنت أشاهد مجموعة من الجيران يقفون أحيانًا أمام باب البناء ويجتمعون وكنت أقف معهم قليلًا ويسألوني عن عملي وحالي وفي إحدى الأيام أرسل لي أحد الجيران طبقا فيه حلوى (كيك) وبدوري أرسلت له طبقًا من الكنافة ثم بعض الطبخات السورية، وبعد ذلك تطوّرت علاقتنا إلى تبادل زيارات ونقاشات مستمرّة".
تعميق العلاقات
كانت فاطمة تعيش في بناءٍ في مدينة غازي عينتاب، وفي الطابق الذي أسفلها يعيش رجل تركي مسن مع زوجته وحدهم.
عندما بدأ حظر التجوال، وما يحمله من أوقات الجلوس الطويلة في المنزل، لم يكن أمام جيران فاطمة إلّا الاحتكاك معها لكسر الملل الناجم عن انعدام التواصل مع العالم الخارجي، فبدأت الزيارات بين الطرفين، وتعمّقت علاقتهما، وذلك على الرغم من عدم إتقان فاطمة للغة التركية.
تسرد فاطمة: "كان جيراني الأتراك يزوروني بشكلٍ مستمر ليطمئنّوا على أحوالي، وعندما وضعت مولودي، جاؤوا بزيارة للاطمئنان على صحّتي وصحّة المولود على الرغم من أن علاقتنا كانت سطحية جدًا في السابق.
وعندما تركت فاطمة منزلها وانتقلت إلى منزلٍ آخر، أعطتها جارتها هدية تذكارية لكي تبقى تتذكّرها".
اضطرت فاطمة للانتقال إلى منزلٍ آخر خلال الفترة التي كانت فيها السلطات التركية تفرض حظر التجوال الأسبوعي، وبمجرّد وصولها إلى المنزل الجديد تفاجئت بترحيب جارتها التركية هناك، حيث كانت تتحدّث اللغة العربية، وتقول فاطمة: "إنّه خلال فترات الحجر كانوا يتبادلون الزيارات بشكلٍ مستمر".
وفي مقابل سلبيات حظر التجوال وما يحمله من تقييد للحركة وإجبار الناس على البقاء في المنزل لعدّة أيام متواصلة، خلق هذا الحظر، نوعًا من الإلفة بين الجيران السوريين والأتراك.
وسمح حظر التجوال أيضًا، في كسر الحواجز بين كثير من العائلات السورية والتركية، التي بنتها الصور المسبقة، التي يأخذها كل طرف عن الآخر، وفي أحيانٍ كثيرة، تبادلًًا للزيارات وتعميقًا للعلاقة عن قرب.
تقارب اجتماعي في زمن التباعد
فرض فيروس "كورونا" حالة تباعد اجتماعي في معظم أنحاء العالم، بموجب دعوات من منظمة الصحة العالمية والحكومات، غير أن ما جرى داخل المباني المغلقة خلال فترات حظر التجوال بين السوريين والأتراك، شكّل نوعًا لطيفًا من التقارب الاجتماعي.
وتكمن أهمية هذا التقارب، أنّه في مدنٍ كبرى مثل اسطنبول التركية، فإن حالة الحميمية والتقارب الاجتماعي كان مفقودًا بين السوريين والأتراك على مدار السنوات الماضية، بسبب حاجز اللغة وضغط الوقت وبعض النظرات المسبقة.
اقرأ أيضًا: في ظل كورونا كيف يضمن العمال السوريون في تركيا حقوقهم؟
أم فاروق، من سكّان حي علي بيك كوي في مدينة اسطنبول، تروي لـ "روزنة" كيف انقلبت علاقتها بجيرانها الأتراك خلال فترة حظر التجوال.
وتقول: "أنا ربة منزل أبقى في منزلي بشكلٍ شبه دائم، وقبل فترة الحجر الصحي لم أكن أعرف أحدًا من جيران البناء الذي أعيش فيه ولا أحد منهم أو من نسائهم يطرق بابي".
وتضيف المرأة: "كل ما كنت أراه خلال الفترة السابقة من نافذة منزلي، أن رجال ونساء يدخلون ويخرجون من باب البناء وفي إحدى أيام حظر التجوال المفروض بنهاية الأسبوع في شهر رمضان طرقت إحدى الجارات بابي وتكلمت معي ولكن عدم معرفتي باللغة التركية كان حاجزًا أمام فهم ما كانت تقوله لي".
بسبب عدم إتقان أم فاروق اللغة التركية، حاولت جارتها استخدام لغة الإشارة من أجل فتح حوارٍ معها، وفي نهاية الحديث أخرجت مبلغ 140 ليرة تركية وأعطتها إياه، وكانت تردد عبارات بالتركي فيها كلمة "زكاة" حتّى فهمت أم فاروق أن المبلغ هو عبارة عن زكاة الفطرة.
تردف أم فارق: "لم أقبل أخذ المبلغ في بداية الأمر، ولكن مع إصرارها قبلتُ أخذه، لتودعني وتصعد إلى بيتها، وفي أول أيام العيد، طرقت نافذة بيتي في الطابق الأرضي لتعايدني وتسأل عن صحتي بكلمات لم أكد أفهمها ولكنها كانت لطيفة جدًا".
تبادل "السكبات"
في سوريا، كانت عادة تبادل صحون الطبخات بين سكّان ذات البناء، من أساسيات التواصل مع بين الجيران وخصوصًا في شهر رمضان.
ولكن هذه الظاهرة، فقدها محمد وزوجته منذ أن غادروا سوريا، غير أنّهم أعادوا إحيائها مع الأتراك خلال فترات حظر التجوال.
هذا موعد افتتاح المعابر الحدودية مع تركيا
يقول محمد: "أسكن مع عائلتي في بناء انتقلت إليه منذ نحو عشرة أشهر ولم يكن لي أي احتكاك مع الجيران ولا أعرفهم بشكل جيد حيث كنت أخرج صباحًا الى العمل وأعود في أخر النهار وبالكاد أرى أحدًا منهم، باستثناء سماع أصوات أقدامهم على درج البناء".
ويكمل محمد، الذي يعيش في حي غازي عثمان باشا، في اسطنبول: "في حال رؤيتي أحد الجيران كنتُ أبادر بكلمة السلام عليكم أو صباح الخير بالتركية، وهذا ما يربطني بهم فقط".
وأضاف محمد: "خلال الحظر كنت أشاهد مجموعة من الجيران يقفون أحيانًا أمام باب البناء ويجتمعون وكنت أقف معهم قليلًا ويسألوني عن عملي وحالي وفي إحدى الأيام أرسل لي أحد الجيران طبقا فيه حلوى (كيك) وبدوري أرسلت له طبقًا من الكنافة ثم بعض الطبخات السورية، وبعد ذلك تطوّرت علاقتنا إلى تبادل زيارات ونقاشات مستمرّة".
تعميق العلاقات
كانت فاطمة تعيش في بناءٍ في مدينة غازي عينتاب، وفي الطابق الذي أسفلها يعيش رجل تركي مسن مع زوجته وحدهم.
عندما بدأ حظر التجوال، وما يحمله من أوقات الجلوس الطويلة في المنزل، لم يكن أمام جيران فاطمة إلّا الاحتكاك معها لكسر الملل الناجم عن انعدام التواصل مع العالم الخارجي، فبدأت الزيارات بين الطرفين، وتعمّقت علاقتهما، وذلك على الرغم من عدم إتقان فاطمة للغة التركية.
تسرد فاطمة: "كان جيراني الأتراك يزوروني بشكلٍ مستمر ليطمئنّوا على أحوالي، وعندما وضعت مولودي، جاؤوا بزيارة للاطمئنان على صحّتي وصحّة المولود على الرغم من أن علاقتنا كانت سطحية جدًا في السابق.
وعندما تركت فاطمة منزلها وانتقلت إلى منزلٍ آخر، أعطتها جارتها هدية تذكارية لكي تبقى تتذكّرها".
اضطرت فاطمة للانتقال إلى منزلٍ آخر خلال الفترة التي كانت فيها السلطات التركية تفرض حظر التجوال الأسبوعي، وبمجرّد وصولها إلى المنزل الجديد تفاجئت بترحيب جارتها التركية هناك، حيث كانت تتحدّث اللغة العربية، وتقول فاطمة: "إنّه خلال فترات الحجر كانوا يتبادلون الزيارات بشكلٍ مستمر".
الكلمات المفتاحية