"أيام سوداء" تنتظر الليرة السورية لهذه الأسباب

"أيام سوداء" تنتظر الليرة السورية لهذه الأسباب
اقتصادي | 29 مايو 2020
مالك الحافظ - روزنة|| قال خبير اقتصادي أن الليرة السورية كانت في طريقها إلى التهاوي بشكل مستمر، سواء مع تطبيق عقوبات قانون قيصر ووجود أزمة رامي مخلوف أو بدونهما. 

الباحث الاقتصادي، د.فراس شعبو، أضاف خلال حديثه لـ "روزنة"، اليوم الجمعة، بأن الأيام المقبلة على سوريا ستكون "أياماً سوداء" على النظام أو على الاقتصاد السوري. 

وتابع "إذا تم فرض جزء من عقوبات قانون قيصر على البنك المركزي و المؤسسات المالية العامة في سوريا فإن ذلك سيكون كارثية، فجميع العقوبات السابقة كانت تفرض على أشخاص أو على مؤسسات خاصة التي كانت تدعم النظام، وعندما تطال العقوبات مؤسسات الدولة وبشكل أساسي البنك المركزي فهذا مؤشر خطير جدا، فالمصارف عصب الاقتصاد فإذا ضرب هذا العصب شُلّ الاقتصاد تماماً". 

وعاودت الليرة السورية انخفاضها من جديد بعد أسبوع من الاستقرار النسبي، حيث تجاوز سعرها اليوم أكثر من 1800 ليرة سورية للدولار الواحد لتلامس سقف الألفي ليرة سورية، و قد عمد النظام السوري إلى اللجوء للحلول الأمنية مرة أخرى، حيث قام مؤخراً مرة أخرى بإغلاق نحو 15 عشر مكتب صرافة، ومعاقبة شركات أخرى كانت تنشط في مجال المضاربة في مناطق سيطرة النظام السوري. 

وحول ذلك لفت شعبو إلى أن النظام عاجز تماما عن ضبط أسعار الصرف سوى بالإجراءات الأمنية و إغلاق شركات الصرافة، "هذا إن شكّل ضغطاً لمصلحة الليرة لكنه سيشكل الضغط على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل لا بد أن تعاود الليرة الهبوط... هذه الإجراءات ما هي إلا إجراءات إسعافية وليست حلول علاجية وهو عاجز تماماً سواء عبر البنك المركزي أو وزارة المالية". 

تنفيذ قانون قيصر يقترب

خلال أقل من اسبوعين يمكن للإدارة الأميركية إنفاذ عقوبات قانون "قيصر" على النظام السوري، حيث تتمتع عقوبات هذا القانون بالشدة واسعة النطاق، والتي ستشمل قطاعات اقتصادية رئيسية يعتمد عليها النظام ويأتي في مقدمتها البنك المركزي، فضلاً عن وصول العقوبات إلى داعمي النظام من رجال الأعمال وحلفائه في إيران وروسيا والصين، وتتزامن مخاطر "قيصر" مع الأزمة الاقتصادية التي تعصف برامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري، وملاحقة زوجة الأخير لأمواله، وهي الأزمة التي ألقت بظلالها النفسية على هبوط سعر صرف الليرة السورية. 

شعبو أوضح بأنه إذا ما تم عزل قانون "قيصر" و أزمة مخلوف-الأسد عن أسباب هبوط الليرة السورية، فإن الليرة وخلال السنوات السابقة دائما ما كانت تشهد فترات تهبط فيها بشكل كبير جدا، ثم تعود للانتعاش جزئيا وتستقر لفترة ثم تعاود الهبوط، بحسب وصفه، وأضاف بأن المشكلة تكمن في  "خلل هيكلي في الاقتصاد، وعدم وجود موارد؛ وقدرات على تمويل المستوردات، و كذلك انعدام البنى التحتية، بالإضافة إلى أن مؤسسات النظام عاجزة تماما عن التدخل بأية أدوات مالية ونقدية".

وزاد بالقول "قانون قيصر يأتي ليزيد من وتيرة تسارع تهاوي الليرة السورية، وكذلك أزمة رامي مخلوف التي انعكست على الاقتصاد كونه يشكل 60 بالمئة من الاقتصاد السوري؛ وهكذا كيان عندما يتعرض لهزة فلا بد أن يهتز الاقتصاد"، كما رجّح شعبو بوصول سعر صرف الليرة السورية حتى آخر العام الجاري إلى 4 آلاف ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد. 

 تأثير العقوبات على الاقتصاد؟

في سياق متصل، رأى شعبو بأن "النظام منذ بداية أزمة رامي مخلوف حاول الإيهام أنه يقوم بحملة مكافحة فساد واستعادة الاموال السورية المنهوبة و إقناع الشارع بضرورة هذه الإجراءات، لقد شاهدنا الليرة السورية تحسنت نوعا ما -آنذاك- ولكنها عاودت الهبوط… حاول النظام من خلال وضع يده على أموال مخلوف والتمويه بأن جميع المستثمرين وجميع رؤوس الأموال و أمراء الحرب ليسو بعيدين عن هكذا إجراء، متوقعاً أن ذلك سينعكس إيجابا على سعر الليرة… الكارثة أنه حتى ولو استطاع النظام السيطرة على أموال مخلوف وغيره فإنها لن تدخل إلى خزينة الدولة بل ستدخل إلى جيوب المتنفذين في النظام". 

ورغم أن عقوبات قانون "قيصر" المنتظرة تعتبر الأقسى من نوعها على النظام السوري، إلا أن الأخير لا يزال يعاني من تشديد الخناق المفروض عليه جراء العقوبات الأوروبية والأميركية على شخصيات و جهات تدعمه منذ عام 2012. 

و أعلن الاتحاد الأوروبي، يوم أمس الخميس، عن تمديد العقوبات المفروضة على النظام السوري عاما إضافيا، وجاء في بيان لمجلس الاتحاد الأوروبي، أن "الاتحاد مدد الإجراءات التقييدية التي يفرضها على النظام السوري لمدة عام إضافي ينتهي في 1 من حزيران 2021، وذلك تماشيا مع استراتيجيته بشأن سوريا".

وأوضح الاتحاد الأوروبي أنه قرر الحفاظ على إجراءاته التقييدية ضد النظام السوري وداعميه، لمضيّهم في ممارسات القمع ضد السوريين، وأشار إلى أن العقوبات تستهدف المسؤولين وشخصيات في النظام السوري وأنصاره ممن يتحملون المسؤولية عن معاناة السوريين، ورجال الأعمال المقربين منه.

شعبو أشار في هذا الصدد إلى أن النظام الذي يتحدث عن الآثار السلبية للعقوبات و تأثيرها على تراجع، يستخدم تلك العقوبات "شمّاعة"، معتبراً أن "النظام يستثمر العقوبات لإقناع الداخل و الخارج أن ما يعانيه بسبب العقوبات، لكن سوريا ما قبل الثورة لم تكن معاقبة غير أن الاقتصاد فيها كان يتهاوى ومعدلات التنمية تتراجع وحالات الفقر تتزايد… الموضوع لا علاقة به بالعقوبات بل هو فئة حاكمة سيطرت على البلاد لفترة معينة وعلى مقدرات البلد، هل يعقل شخص واحد يسيطر على 60 بالمئة من الاقتصاد فما بالكم بعائلة شاليش و الأسد وعوائل أخرى تسيطر على مقدرات الدولة". 

و أردف بأن "ما يعانيه الاقتصاد السوري اليوم هو نتيجة عدم وجود رؤى اقتصادية سابقة، و كذلك نتيجة سيطرة مافيا السلطة على الاقتصاد… العقوبات هي مسرع لحالة الهبوط وليست هي السبب في هذا الهبوط". 

هذا و ارتفعت خسائر الاقتصاد السوري خلال عامين بنحو 150 مليار دولار، إذ قدّر "المركز السوري لبحوث السياسات" إجمالي الخسائر خلال تسع سنوات من الحرب، بنحو 530 مليار دولار، منها أكثر من 65 ملياراً جراء تضرر 40 في المائة من البنية التحتية.

ورفع التقرير الذي أصدره المركز السوري، من نسبة الفقر في البلاد التي حددتها مؤسسة "World by map" خلال دراستها السنوية حول الفقر في دول العالم، من 82 بالمئة إلى 86 بالمئة، مقدّراً عدد النازحين واللاجئين بنحو 13 مليوناً من أصل عدد السكان البالغ 22 مليوناً.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق