مالك الحافظ - روزنة|| رغم التقارير التي صدرت مؤخراً وأفادت بانسحابات إيرانية في بعض مواقعها من الشرق السوري، إلا أن تصريح عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، يقرع جرس الإنذار حول تداعيات الانسحاب الإيراني الحقيقي من الأراضي السورية.
بيشه قال يوم أمس الأربعاء إنه "يجب على طهران استعادة مبلغ 20 إلى 30 مليار دولار، دعمت به نظام بشار الأسد في وقت سابق"، ولفت في تصريحات صحفية إلى أن بلاده تعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية، مطالباً النظام السياسي الحاكم في بلاده باستعادة الأموال.
التصريحات الإيرانية قد لا تعبر عن التوجه الحكومي الإيراني بشكل مباشر، إلا أن صدورها يعني بحال من الأحوال أن طهران وقعت بين مطرقة الاستراتيجية الأميركية في اقتلاع نفوذ طهران من الأراضي السورية بشكل رئيسي ودائم وبين سندان الحاضنة الشعبية الرافضة للسياسة الخارجية للنظام الإيراني في ظل معاناة كبيرة في مختلف الأصعدة وبالأخص اقتصادياً؛ ملقاة على الشعب الإيراني.
وقد وشت التقارير المتواترة مؤخراً حول بدء طهران سحب بعض عناصر نفوذها من سوريا، بأن تحركاً جديّاً خارج الحدود السورية باتت إيران مقتنعة به خلال الفترة الحالية، وذلك في ظل قرب تطبيق قانون "قيصر" الأميركي والذي سيضرب نفوذ حلفاء دمشق وفي مقدمتهم إيران إذا ما لم ترضخ لتنفيذ الرؤية الأميركية؛ والقاضية بإبعاد نفوذها بشكل نهائي عن سوريا، وقطع الطريق الأهم على مخططات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة.
و لتبقى التساؤلات بدون إجابة مؤكدة حول ما إذا ستتجه إيران سريعاً للخروج من سوريا، فالضغوط الاقتصادية المباشرة على إيران من ناحية، والضغوط السياسية في مناطق نفوذها من ناحية ثانية، قد أثقلت كاهلها، فضلاً عن الأزمات الجديدة المتلاحقة سواء الاقتصادية المتعلقة بـ "كورونا"، او ازدياد الضربات الإسرائيلية المتوسع مداها في مناطق مختلفة من سوريا، و اقتراب تطبيق قانون "قيصر" من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي سيضيق الخناق كثيراً على إيران بحكم أنها حليفة الأسد والمؤثر السلبي الرئيسي على الاستقرار في سوريا.
اقرأ أيضاً: واشنطن تتحضر "لتأديب" إيران شرقي سوريا… ما دور روسيا؟
وبالعودة إلى المطالبة الإيرانية باستعادة الأموال المقدمة إلى النظام السوري، فإن هذه المسألة ليست بالجديدة على دمشق؛ حيث سبق وأن تناولت تقارير نهاية العام الفائت تفيد بمطالبة روسيا للأسد بتقديم امتيازات كبرى لهم وتحقيق مصالح اقتصادية لموسكو فضلاً عن دفع جزء من الديون المترتبة عليه بعد الدعم السياسي وكذلك العسكري الذي قدمه بوتين إلى الأسد منذ أيلول 2015.
هذا و تتسق التحركات الأخيرة في دمشق سواء عبر لجنة مكافحة الفساد الروسية في قوات النظام، أو إنهاء نفوذ رامي مخلوف (أهم ذراع اقتصادي لإيران في سوريا)، مع الصراع الذي بدأ ناعماً بين كل من موسكو وطهران في تأمين مصالحهم بسوريا، حيث يريد الروس تصفية نفوذ طهران بشكل نهائي، ما قد يفسح المجال للتوقع بأن ذلك الصراع سيزداد حدة خلال الفترة المقبلة.
وتعليقاً على ذلك قال الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، زيد سفوك، أن أي مطالبة لإيران بديونها في سوريا في هذا التوقيت، ما هو إلا نتيجة المطالبات المتكررة من قِبل المجتمع الدولي بخروج عناصر نفوذها من سوريا.
وتابع خلال حديثه لـ "روزنة" بالقول: "الديون من جهة أخرى هي مجرد ورقة رابحة بالنسبة لطهران و (للنظام السوري) فمن وجهة نظرهم كما تبين الوقائع هي لأخذ شرعية تحالفهم الثنائي، وبالتالي رفع الحرج عن الأسد لعدم مطالبتهِ بخروج إيران". وأما عن المطالبة الروسية فقد اعتبرها سفوك أنها ورقة مضادة لطهران من أجل تذكيرها أن لنا على النظام كما لكم عليه.
ورأى سفوك أن "معضلة الديون الروسية والإيرانية" هي مجرد خلط أوراق لا أكثر، وأشار حول ذلك بالقول إلى أن "روسيا وإيران أخذتا من سوريا أضعاف هذه المبالغ، روسيا تتحكم بالبحر وموانئه وعقود منذ نصف قرن كمصدر وحيد للأسلحة إلى المؤسسة العسكرية التابعة للنظام السوري، و إيران استخدمت الممرات البرية لتهريب المخدرات والسلاح والنفط من وإلى لبنان طوال الأعوام التي مضت... القضية سياسية بحتة بالسيطرة على سوريا ما بعد الإعمار والخاسر الوحيد هو الشعب".
صراع العائلة الحاكمة
الكاتب والمحلل السياسي، درويش خليفة قال خلال حديثه لـ "روزنة" بأن التصريح الأخير لعضو البرلمان الإيراني يمكن قراءته على أنه جزء من صراع العائلة الحاكمة في سوريا فيما بينها، وعلى أن "الإيرانيين غيرا راضين عن الإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية بحق رامي مخلوف ابن خال الرئيس وخازن بيت ماله".
وزاد بالقول "هذا يشير أن إيران دخلت على خط الصراع العائلي لآل الأسد بعد رضوخ الأخير لمطالب الداعم الآخر للنظام "الروس" والحجز على أموال رامي مخلوف وزوجته وأبنائه، وبالتالي تنعكس تصريحات النائب الإيراني على حالة التنافس الروسي الإيراني في سوريا، وسباقهم للسيطرة على مقدرات البلد قبل أي حركة سياسية مفاجئة تودي بالأسد وتنهي حقبته السياسية في الحكم".
كما لفت خليفة إلى أن الإيرانيين لم يعد يثقون مؤخراً بالروس، وبالذات بعد توقيع البروتوكول الملحق لمذكرة سوتشي، حول منطقة إدلب لخفض التصعيد، بين الرئيسين الروسي والتركي في 5 آذار بموسكو. وتجاهل الإيرانيين و عناصر نفوذهم المستعجلين في السيطرة على إدلب.
اقرأ أيضاً: من البوابة الاقتصادية… واشنطن "تكسر عظم" النظام السوري
وأضاف "بعد أن ألقت جائحة كورونا بظلالها على الاقتصاد الإيراني، أصبحت حكومة طهران في وضع لا تحسد عليه وباتت تفتش على ديونها بعد أن كانت تلك الأموال جزء من ميزانية توسعها خارج حدودها… لقد ساهمت سياسة الرئيس ترامب في عزل إيران وإفقار قدراتها الاقتصادية والنفطية على وجه الخصوص لتصحح من سلوكها وتلتزم حدودها وهذا يعتبر سببا كافيا للانسحاب من سوريا، ومما لا شك فيه أن الروس والايرانيون باتوا يربطون مصير شريكهم الأسد بالعملية السياسية للتنصل من التزاماتهم تجاهه، ولكي لا يظهروا بصورة الحليف الهزيل بعد أن تعسر عليهم الحسم العسكري في شمال غرب سوريا وشمال شرقها".
الديون العفنة... المعنى والأسباب
تغولت روسيا في قطاعات اقتصادية عديدة مؤخراً وزاحمت إيران عليها وبل ألغت وجودها في قطاعات مهمة، في مسعى روسي آخر ملازم لتحصيل المكاسب الاقتصادية ويتمثل بإبعاد النفوذ الإيراني عن المنطقة وهو الوجود الذي بات يثقل كاهل الروس، لذا فإن إضعاف النفوذ الاقتصادي الإيراني في سوريا عبر محاربة أذرعها (رامي مخلوف في مقدمتهم) أو إفشال عقود استثماراتها. وهو ما قد يدفع إيران من ناحية أخرى لمحاولة نقل هذه الضغوط إلى دمشق وإلى الأسد مباشرة، وهو المطالب بإرجاع ما تكلفته كل من طهران وموسكو؛ ربما قبل البدء بعملية انتقال سياسي حقيقية قد تغير المنظومة السياسية بشكل كامل في سوريا، ما قد يرفع من احتمالات ضياع أموال إيران و روسيا دون أي تعويض.
الخبير الاقتصادي السوري سمير خراط، أوضح في حديث لـ "روزنة" أسباب المساعي المتزايدة لكل من روسيا وإيران لتحصيل أموالهم من الأسد قبل أي مرحلة سياسية جديدة في سوريا، حيث يقول أن الديون التي ترتبت على سوريا بسبب النظام السوري لن تكون مُلزمة للشعب السوري والنظام السياسي القادم في سوريا، مشيراً إلى أن هذه الديون تسمى بـ "الديون العفنة أو الكريهة" وفقاً للقانون الدولي، ما سيترتب على ذلك تبرئة أي حكومة سورية في المرحلة السياسية الجديدة من هذه الديون بشكل تام.
وتابع خلال حديثه بأن "هذه الديون تعتبر ديون كريهة بالنسبة للشعب، ولا تعتبر كديون مُلزمة له؛ بل يكون النظام الدكتاتوري مسؤولاً عنها لوحده، ولهذا فإنَّ هذه الديون تسقط مع سقوط النظام غير الشرعي… إذا حصل نظام استبدادي على قرض ولم يكن الهدف منه تلبية حاجات ومصالح الدولة، وإنما تقوية هذا النظام الاستبدادي وقمع السكان الذين يحاربون هذا الاستبداد فإنَّ هذا الدين يعتبر كريهاً أو بغيضاً".
ويشرح خراط معنى "الديون الكريهة" بحسب القانون الدولي، بأنها تكون غير مُلزمة إذا تحققت فيها ثلاثة شروط، أولها أن يكون نظام الحكم في الدولة عند وقت الاقتراض نظاماً غير شرعياً، أو الجهة المتعاقدة على القرض لم تكن أصلاً مخولة حسب قانون الدولة المقترضة، وثانيها يتصل بأن تكون تلك الديون تم إنفاقها لأغراض لا تخدم مصلحة الشعب.
فيما يأتي الشرط الثالث ليؤكد على أن الجهة المانحة للقرض إن كانت على علم بالطبيعة غير الشرعية للنظام الحاكم وأن الديون تستخدم لأغراض ضد مصلحة الشعب، فلن يحق لها المطالبة بالديون لاحقاً.
بيشه قال يوم أمس الأربعاء إنه "يجب على طهران استعادة مبلغ 20 إلى 30 مليار دولار، دعمت به نظام بشار الأسد في وقت سابق"، ولفت في تصريحات صحفية إلى أن بلاده تعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية، مطالباً النظام السياسي الحاكم في بلاده باستعادة الأموال.
التصريحات الإيرانية قد لا تعبر عن التوجه الحكومي الإيراني بشكل مباشر، إلا أن صدورها يعني بحال من الأحوال أن طهران وقعت بين مطرقة الاستراتيجية الأميركية في اقتلاع نفوذ طهران من الأراضي السورية بشكل رئيسي ودائم وبين سندان الحاضنة الشعبية الرافضة للسياسة الخارجية للنظام الإيراني في ظل معاناة كبيرة في مختلف الأصعدة وبالأخص اقتصادياً؛ ملقاة على الشعب الإيراني.
وقد وشت التقارير المتواترة مؤخراً حول بدء طهران سحب بعض عناصر نفوذها من سوريا، بأن تحركاً جديّاً خارج الحدود السورية باتت إيران مقتنعة به خلال الفترة الحالية، وذلك في ظل قرب تطبيق قانون "قيصر" الأميركي والذي سيضرب نفوذ حلفاء دمشق وفي مقدمتهم إيران إذا ما لم ترضخ لتنفيذ الرؤية الأميركية؛ والقاضية بإبعاد نفوذها بشكل نهائي عن سوريا، وقطع الطريق الأهم على مخططات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة.
و لتبقى التساؤلات بدون إجابة مؤكدة حول ما إذا ستتجه إيران سريعاً للخروج من سوريا، فالضغوط الاقتصادية المباشرة على إيران من ناحية، والضغوط السياسية في مناطق نفوذها من ناحية ثانية، قد أثقلت كاهلها، فضلاً عن الأزمات الجديدة المتلاحقة سواء الاقتصادية المتعلقة بـ "كورونا"، او ازدياد الضربات الإسرائيلية المتوسع مداها في مناطق مختلفة من سوريا، و اقتراب تطبيق قانون "قيصر" من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي سيضيق الخناق كثيراً على إيران بحكم أنها حليفة الأسد والمؤثر السلبي الرئيسي على الاستقرار في سوريا.
اقرأ أيضاً: واشنطن تتحضر "لتأديب" إيران شرقي سوريا… ما دور روسيا؟
وبالعودة إلى المطالبة الإيرانية باستعادة الأموال المقدمة إلى النظام السوري، فإن هذه المسألة ليست بالجديدة على دمشق؛ حيث سبق وأن تناولت تقارير نهاية العام الفائت تفيد بمطالبة روسيا للأسد بتقديم امتيازات كبرى لهم وتحقيق مصالح اقتصادية لموسكو فضلاً عن دفع جزء من الديون المترتبة عليه بعد الدعم السياسي وكذلك العسكري الذي قدمه بوتين إلى الأسد منذ أيلول 2015.
هذا و تتسق التحركات الأخيرة في دمشق سواء عبر لجنة مكافحة الفساد الروسية في قوات النظام، أو إنهاء نفوذ رامي مخلوف (أهم ذراع اقتصادي لإيران في سوريا)، مع الصراع الذي بدأ ناعماً بين كل من موسكو وطهران في تأمين مصالحهم بسوريا، حيث يريد الروس تصفية نفوذ طهران بشكل نهائي، ما قد يفسح المجال للتوقع بأن ذلك الصراع سيزداد حدة خلال الفترة المقبلة.
وتعليقاً على ذلك قال الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، زيد سفوك، أن أي مطالبة لإيران بديونها في سوريا في هذا التوقيت، ما هو إلا نتيجة المطالبات المتكررة من قِبل المجتمع الدولي بخروج عناصر نفوذها من سوريا.
وتابع خلال حديثه لـ "روزنة" بالقول: "الديون من جهة أخرى هي مجرد ورقة رابحة بالنسبة لطهران و (للنظام السوري) فمن وجهة نظرهم كما تبين الوقائع هي لأخذ شرعية تحالفهم الثنائي، وبالتالي رفع الحرج عن الأسد لعدم مطالبتهِ بخروج إيران". وأما عن المطالبة الروسية فقد اعتبرها سفوك أنها ورقة مضادة لطهران من أجل تذكيرها أن لنا على النظام كما لكم عليه.
ورأى سفوك أن "معضلة الديون الروسية والإيرانية" هي مجرد خلط أوراق لا أكثر، وأشار حول ذلك بالقول إلى أن "روسيا وإيران أخذتا من سوريا أضعاف هذه المبالغ، روسيا تتحكم بالبحر وموانئه وعقود منذ نصف قرن كمصدر وحيد للأسلحة إلى المؤسسة العسكرية التابعة للنظام السوري، و إيران استخدمت الممرات البرية لتهريب المخدرات والسلاح والنفط من وإلى لبنان طوال الأعوام التي مضت... القضية سياسية بحتة بالسيطرة على سوريا ما بعد الإعمار والخاسر الوحيد هو الشعب".
صراع العائلة الحاكمة
الكاتب والمحلل السياسي، درويش خليفة قال خلال حديثه لـ "روزنة" بأن التصريح الأخير لعضو البرلمان الإيراني يمكن قراءته على أنه جزء من صراع العائلة الحاكمة في سوريا فيما بينها، وعلى أن "الإيرانيين غيرا راضين عن الإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية بحق رامي مخلوف ابن خال الرئيس وخازن بيت ماله".
وزاد بالقول "هذا يشير أن إيران دخلت على خط الصراع العائلي لآل الأسد بعد رضوخ الأخير لمطالب الداعم الآخر للنظام "الروس" والحجز على أموال رامي مخلوف وزوجته وأبنائه، وبالتالي تنعكس تصريحات النائب الإيراني على حالة التنافس الروسي الإيراني في سوريا، وسباقهم للسيطرة على مقدرات البلد قبل أي حركة سياسية مفاجئة تودي بالأسد وتنهي حقبته السياسية في الحكم".
كما لفت خليفة إلى أن الإيرانيين لم يعد يثقون مؤخراً بالروس، وبالذات بعد توقيع البروتوكول الملحق لمذكرة سوتشي، حول منطقة إدلب لخفض التصعيد، بين الرئيسين الروسي والتركي في 5 آذار بموسكو. وتجاهل الإيرانيين و عناصر نفوذهم المستعجلين في السيطرة على إدلب.
اقرأ أيضاً: من البوابة الاقتصادية… واشنطن "تكسر عظم" النظام السوري
وأضاف "بعد أن ألقت جائحة كورونا بظلالها على الاقتصاد الإيراني، أصبحت حكومة طهران في وضع لا تحسد عليه وباتت تفتش على ديونها بعد أن كانت تلك الأموال جزء من ميزانية توسعها خارج حدودها… لقد ساهمت سياسة الرئيس ترامب في عزل إيران وإفقار قدراتها الاقتصادية والنفطية على وجه الخصوص لتصحح من سلوكها وتلتزم حدودها وهذا يعتبر سببا كافيا للانسحاب من سوريا، ومما لا شك فيه أن الروس والايرانيون باتوا يربطون مصير شريكهم الأسد بالعملية السياسية للتنصل من التزاماتهم تجاهه، ولكي لا يظهروا بصورة الحليف الهزيل بعد أن تعسر عليهم الحسم العسكري في شمال غرب سوريا وشمال شرقها".
الديون العفنة... المعنى والأسباب
تغولت روسيا في قطاعات اقتصادية عديدة مؤخراً وزاحمت إيران عليها وبل ألغت وجودها في قطاعات مهمة، في مسعى روسي آخر ملازم لتحصيل المكاسب الاقتصادية ويتمثل بإبعاد النفوذ الإيراني عن المنطقة وهو الوجود الذي بات يثقل كاهل الروس، لذا فإن إضعاف النفوذ الاقتصادي الإيراني في سوريا عبر محاربة أذرعها (رامي مخلوف في مقدمتهم) أو إفشال عقود استثماراتها. وهو ما قد يدفع إيران من ناحية أخرى لمحاولة نقل هذه الضغوط إلى دمشق وإلى الأسد مباشرة، وهو المطالب بإرجاع ما تكلفته كل من طهران وموسكو؛ ربما قبل البدء بعملية انتقال سياسي حقيقية قد تغير المنظومة السياسية بشكل كامل في سوريا، ما قد يرفع من احتمالات ضياع أموال إيران و روسيا دون أي تعويض.
الخبير الاقتصادي السوري سمير خراط، أوضح في حديث لـ "روزنة" أسباب المساعي المتزايدة لكل من روسيا وإيران لتحصيل أموالهم من الأسد قبل أي مرحلة سياسية جديدة في سوريا، حيث يقول أن الديون التي ترتبت على سوريا بسبب النظام السوري لن تكون مُلزمة للشعب السوري والنظام السياسي القادم في سوريا، مشيراً إلى أن هذه الديون تسمى بـ "الديون العفنة أو الكريهة" وفقاً للقانون الدولي، ما سيترتب على ذلك تبرئة أي حكومة سورية في المرحلة السياسية الجديدة من هذه الديون بشكل تام.
وتابع خلال حديثه بأن "هذه الديون تعتبر ديون كريهة بالنسبة للشعب، ولا تعتبر كديون مُلزمة له؛ بل يكون النظام الدكتاتوري مسؤولاً عنها لوحده، ولهذا فإنَّ هذه الديون تسقط مع سقوط النظام غير الشرعي… إذا حصل نظام استبدادي على قرض ولم يكن الهدف منه تلبية حاجات ومصالح الدولة، وإنما تقوية هذا النظام الاستبدادي وقمع السكان الذين يحاربون هذا الاستبداد فإنَّ هذا الدين يعتبر كريهاً أو بغيضاً".
ويشرح خراط معنى "الديون الكريهة" بحسب القانون الدولي، بأنها تكون غير مُلزمة إذا تحققت فيها ثلاثة شروط، أولها أن يكون نظام الحكم في الدولة عند وقت الاقتراض نظاماً غير شرعياً، أو الجهة المتعاقدة على القرض لم تكن أصلاً مخولة حسب قانون الدولة المقترضة، وثانيها يتصل بأن تكون تلك الديون تم إنفاقها لأغراض لا تخدم مصلحة الشعب.
فيما يأتي الشرط الثالث ليؤكد على أن الجهة المانحة للقرض إن كانت على علم بالطبيعة غير الشرعية للنظام الحاكم وأن الديون تستخدم لأغراض ضد مصلحة الشعب، فلن يحق لها المطالبة بالديون لاحقاً.
الكلمات المفتاحية