مالك الحافظ - روزنة|| خلال 10 أيام خرقت قوات النظام السوري اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة إدلب لخفض التصعيد 3 مرات، وسط صمت روسي وتعزيزات عسكرية للنظام في محيط المنطقة.
ويبدو أن الدوريات الروسية-التركية المشتركة على طريق حلب-اللاذقية الدولي "M4" أمّنت بشكل كبير المحافظة على سيادة الهدوء ضمن أجواء التفاهمات بين موسكو وأنقرة، وباتت خروقات النظام أمراً متداركاً فيما بين الشريكين على ما يبدو؛ بحسب وجهة النظر الروسية، التي كانت تشير في الفترة الماضية إلى ضرورة مواجهة "القوى الإرهابية" الخارجة عن طاعة/توجيهات تركيا.
هذا وكانت قوات النظام حاولت ليلة أمس التسلل جنوبي إدلب، غير أن الفصائل اشتبكت مع القوات المهاجمة وأرجعتها إلى المواقع التي انطلقت منها، وذلك في الوقت، الذي قصفت فيه قوات النظام قرى كنصفرة والبارة في جبل الزاوية، دون وقوع إصابات بين المدنيين.
ودللت مؤخراً تصريحات وزارتي الدفاع الروسية والتركية على تطابق وجهات النظر بين الجانبين حيال الوضع في إدلب، إذ قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، اليوم الاثنين، إنه يتم احترام الهدنة في إدلب رغم الانتهاكات الفردية، مشيراً إلى أنه يجري حل جميع القضايا بالتنسيق مع القوات الروسية والتركية.
اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب تزيد تركيا من تعزيزاتها العسكرية في إدلب
وقال أكار على قناة "إن تي في" التلفزيونية التركية: "حتى لو كانت هناك انتهاكات طفيفة، فإن وقف إطلاق النار في إدلب يحترم. هناك مجموعات صغيرة تحاول خرقه، لكننا ننسق هذه القضايا مع الزملاء الروس".
في المقابل أكدت وزارة الدفاع الروسية، يوم السبت الفائت، صمود نظام وقف إطلاق النار في منطقة إدلب لخفض التصعيد، وقال مدير "مركز حميميم للمصالحة في سوريا" (التابع لوزارة الدفاع الروسية)، اللواء البحري أوليغ جورافليوف إن نظام وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في إدلب يوم 6 آذار الماضي، لا يزال صامداً.
وبدت التوقعات حول انهيار سريع للاتفاق الروسي-التركي المتعلق بإدلب "مراهنةً خاسرة"، في ظل تثبيت التفاهمات بين الجانبين والاتفاق على ترسيخ آليات التعاون الميداني بينهما المبنية على اتفاق موسكو في 5 آذار الجاري، وذلك في مؤشر يدل بشكل أو بآخر أن روسيا قد أحرزت مكاسباً "أولية" لها في الطرق الدولية على حساب نفوذ أوسع للجانب التركي قد يكون في شمال إدلب، أو حتى في المناطق الحدودية والغربية من شرق الفرات.
الكاتب والمحلل السياسي، سامر إلياس، كان قد رأى خلال حديث لـ "روزنة" أن الاتفاق الروسي-التركي الذي تم توقيعه في العاصمة الروسية في الخامس من آذار، وفي حال أراد كل من الجانبين تنفيذه فإنه يمكن احترامه لمدة زمنية معينة، إلا أنه وفي الوقت ذاته، أشار إلى أنه يفتح إمكانية استمرار عملية القضم التدريجي التي يقوم بها الروس والنظام لمنطقة خفض التصعيد الأخيرة بحجة وجود "هيئة تحرير الشام" في إدلب، وفق إلياس.
قد يهمك: كيف تساهم الدوريات المشتركة في استقرار إدلب؟
ورأى أنه وتحت هذه الذريعة يمكن للنظام أو الروس القول إن "تحرير الشام" خرقت هذا الاتفاق فيمكن استئناف القضم التدريجي لهذه المناطق، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق أنتج مكسباً أساسياً للنظام والروس فقط.
واعتبر أن تنفيذ الاتفاق على الأرض سيُمكّن النظام من الحفاظ على المناطق، التي سيطر عليها مؤخراً والسيطرة على الطريق الدولي الواصل بين حلب ودمشق، وفتح الطريق الدولي الواصل بين حلب اللاذقية.
من جانبه كان الباحث في العلاقات الدولية، طارق وهبي، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن أنقرة تريد كسب الوقت لإعادة موضعة قواتها وقوات حلفائها، فوقف إطلاق النار المطلوب وفق رأي وهبي هو أولى الخطوات التركية، إما لإعادة تكوين تجمع عسكري سوري جديد يقوم بمهام قتالية أمامية على أن تدعم القوات التركية خلفية هذه القوات.
وتابع "الآن هذا موجود ولكنه بعد العمليات العسكرية أثبت أنه غير قادر على مقارعة النظام السوري والعناصر المساندة له... إن ما حصل من الموجة الأخيرة للاجئين هو إنذار لأوروبا أولاً، ولكنه أيضاً يخيف الداخل التركي وبالتحديد بموضوع العمالة السورية، التي تأخذ حيزاً مهماً في الاقتصاد الإنتاجي التركي، التي تدفع بنوع من البطالة في بعض الأقاليم التركية، التي تستقبل الهاربين من بطش النظام السوري".
واعتقد وهبي أن الجانب التركي يبحث عن تأمين المناطق التي لم يصلها النظام السوري من أجل أن تكون مأوى للاجئين؛ وبذلك تصبح تركيا "شرطي إدلب" والمقرر الأول في مستقبل هذه المنطقة، وفق تعبيره.
الكلمات المفتاحية